مع بداية دور الانعقاد الخامس والأخير في الأول من أكتوبر 2019، أتوجه إلى السيد الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب بهذا الخطاب المفتوح آملًا أن ينال اهتمامهم كما عودنا دائما بالاستماع للرأى الاخر وتحقيق المصلحة العامة واحتراما للدستور والقانون.
رغم أن الاستجوابات حق أعضاء مجلس النواب طبقا للمادة 130 من الدستور بالإضافة أن القانون رقم 1 لسنة 2016 والمعروف باسم اللائحة الداخلية قد حدد تنظيم العمل بحق الاستجوابات من خلال المواد من 216 وحتى 223 ورغم ذلك لم نجد الاستجوابات ضمن إنجازات المجلس وعبر البيانات التى أذاعها المتحدث الرسمى باسم مجلس النواب في نهاية دور الانعقاد الرابع.
وبالرغم من أن تاريخ الاستجوابات البرلمانية باعتباره أحد أهم الأدوات الرقابية طويل وممتد منذ العهد الملكى ومرورا إلى العهد الجمهورى حيث إن عمر مجلس النواب في بلادنا يزيد على 155 عاما وتؤكد ذلك كافة التقاليد البرلمانيه منذ مجلس شورى النواب - مجلس الأمة - مجلس الشعب وأخيرا مجلس النواب.
وقد كشف تاريخ الاستجوابات البرلمانية عن نجوم ونواب محترمين قاموا بمهمة تقديم الاستجوابات عبر تاريخ الحياة البرلمانية الحديثة نذكر منهم النواب المحترمين.. « علوى حافظ - محمود القاضى - أبوالعز الحريرى - البدرى فرغلى - رأفت سيف - عبدالمنعم العليمى - كمال أحمد والبدرشينى» وغيرهم من النواب الآخرين التى ذكرتهم المضابط والمحاضر البرلمانية في تقديم الاستجوابات.
وغنى عن البيان موقف مجلس النواب الحالى من الاستجوابات حيث خلت من أعمال الأداة الرقابية الأهم وهى «الاستجوابات» وهنا علامة استفهام غير مفهومة في عدم وجود الاستجوابات على مدى الدورات الأربع السابقة.
رغم عدم وجود تعليمات أو توجيهات بمنع تقديم الاستجوابات كما كان يحدث أيام النادى السياسى للحزب الوطنى أو مكتب الإرشاد أيام برلمان الإخوان الذى حول الاستجوابات على يد الكتاتنى إلى طلبات إحاطة.
وفى مجلس النواب الحالى وعلى قدر علمى أعرف أن نواب كثيرين بينهم المستشار أحمد البرديسى - محمد عبدالغنى - محمد البدراوى وشيرين فراج وغيرهما وكاتب المقال باعتبار نائب قد تقدموا بعدد من الاستجوابات مستوفيا لشروط اللائحة والمذكرات الشارحة، فضلا عن تقديم الوثائق الدالة على جدية الاستجوابات.
وقد وصف المتحدث الرسمى لمجلس النواب ردا على غياب الاستجوابات بقوله «إنها أداة خشنة» ضاربا بالحق الدستورى واللائحى والتقاليد البرلمانية عرض الحائط فضلا عن رد آخر من أحد البرلمانيين المهمين بأن الاستجوابات تنتهى بالإحالة والعودة إلى جدول الأعمال ولا فائدة منها.. إذن فلماذا تنظمها اللائحة ولماذا نص عليها الدستور!؟
ولعل غياب الاستجوابات ليست القضية الوحيدة لنواقص دور الانعقاد الأربعة السابقة ولكن ظهرت سلبيات ونواقص أخرى لها تأثيرها على أداء البرلمان.
وهنا نذكرها من باب النقد الذاتى وحرصا على المصلحة العامة نحو أداء أفضل لهذا المجلس من أجل تحسين قدرة دوره الرقابى والتشريعى وهنا نذكر بعض تلك الدروس المستفادة منها أولًا:
- ضرورة انتظام اجتماعات اللجنة العامة وهى قلب المجلس النابض والمنظم للأجندة التشريعية والرقابية والمسئولة عن تحضير جداول أعمال المجلس خصوصا أن اللجنة العامة تتكون من رؤساء اللجان النوعية المختصة والوكيلين ورؤساء ممثلى الهيئات البرلمانية للأحزاب بالإضافة إلى رئيس المجلس.
- الاهتمام بانتظام اجتماعات هيئة المكتب المشكلة من الرئيس والوكيلين وهى الرئيس المفكر.
- أهمية التطبيق الأمثل والجيد والصارم للائحة النظام الداخلية المسئولة عن تنظيم الحقوق والواجبات للأعضاء من النواب فيما يخص الغياب والحضور نظام الكلمات واستطلاع الرأى والرأى الآخر وفرص الحديث في الجلسة العامة.
- استخدام التصويت الإلكترونى بدلا من الوقوف والجلوس للأعضاء أثناء التصويت على مشاريع القوانين.
- التمثيل الأفضل في الجلسات العامه التى فيها التعرف على ممثلى الهيئات البرلمانية والحزبية وغيرهم من أصحاب خبرات والتقاليد البرلمانية.
- أهمية توظيف البيانات العامة التى يلقيها الأعضاء لأهميتها لمواكبة الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجارية التى تستوجب لفت نظر الحكومة والاهتمام بها من قبل النواب.
- ضروره الاهتمام بعرض التقارير السياسية عن نتائج الزيارات البرلمانية وسفر الوفود للخارج سواء في مقابلات الهيئات البرلمانية المماثلة أو لممثلى الحكومات العربية والأجنبية ولأهمية هذه التقارير حتى يحاط المجلس نتائجها الواقعى.
- عدالة توزيع مهام السفر بين النواب تمثلًا لبلادهم في الخارج بشكل يحقق أفضل عدالة.
ثانيًا وفى المقابل هناك نقدا يوجه للحكومة ومدى تعاونها مع المجلس من أجل تحقيق السياسة العامة ومن هذه المثالب التى توجه للحكومة عديدة منها:
- غياب بعض الوزراء عن حضور جلسات المجلس العامة وأمام اللجان المتخصصة رغم وجود نص دستورى هو المادة 136 التى تنص «على أن حضور رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء جلسات مجلس النواب أو إحدى لجانه ويكون حضورهم وجوبيا بناء على طلب المجلس»، وكان ذلك محل شكاوى أعضاء المجلس وقد عبر الدكتور رئيس المجلس عن هذه الظاهرة وبشكل علنى في الجلسات العامة وأمام أجهزة الصحافة والإعلام.
- تم إلغاء قناه صوت الشعب التى كانت تنقل وتذيع جلسات مجلس النواب حتى يعرف الشعب ما يدور ويقوم بتقييم أداء نواب الشعب بشكل موضوعى وباعتبار أن المعلومات حق للشعب وتم إلغاء القناة بدون مبررات موضوعية مما يثير علامات الاستفهام.
- عدم عرض التقارير السنوية للأجهزة الرقابية منها «الرقابة الإدارية - الجهاز المركزى للمحاسبات - البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية» وهو ما يستوجب أن تقوم تلك الأجهزة بعرض تقريرها وإرسالها لمجلس النواب لاتخاذ ما يراه حيلها وذلك وفق المادة 217 من الدستور.
وهنا يجب الإشارة إلى أن الحكومة لم ترسل حتى الآن إستراتيجية مكافحة الفساد الجديدة «2019- 2022» على المجلس كما لم يتم عرض النتائج العمليه لمواجهة الفساد عن الإستراتيجية الأولى في الفترة من «2014 - 2018» فضلا عن عدم إرسال التقارير الدورية عن إنجازات الحكومة بشكل منتظم إلى البرلمان.
وبعد أننا نذكر تلك الانتقادات للبرلمان بشكل نقد ذاتى وللحكومة بشكل موضوعى فإننى نستهدف الدروس المستفادة من أجل تحسين الأداء سواء للبرلمان أو الحكومة في تعاون من أجل المصلحة العامة للمواطنين ومن أجل تحسين ظروف الحياة للمصريين الذين يستحقون حياه أفضل من أجل تنميه حقيقية لبلادنا.