الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فجيعة "جنة".. ألو 16000

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أن نقرأ خبرا سارا في الجرائد أو حتى على صفحات التواصل الاجتماعي نشعر بالسعادة، ولكن عندما نقرأ خبرا حزينا فإنه يجرنا إلى حزن أليم يستمر معنا لبعض الوقت وأحيانا نقف مكتوفى الأيدى لا نجد باليد حيلة سوى الدعاء إلى الله.
من أصعب تلك الأخبار التى قد تؤثر في أنفسنا جميعا الكبير والصغير، البنت والولد، هو تعرض طفل لنوع من أنواع العذابات أو هتك العرض هذا الألم الذى يستمر لسنوات طويلة معه، أما نحن فقلوبنا تتألم جدا لهذا الطفل الذى "لا حول له ولا قوة" الذى لا يحتاج سوى حب وحنان ودفء، حتى أن الأديان السماوية دائما وأبدا تدعونا إلى تأديب أولادنا لتعليمهم وليس إلى تعذيبهم، فنجد أن الدين الإسلامى يوصينا بأطفالنا ويذكر التاريخ أن الرسول محمد كان يحرص على مداعبة الأطفال ووضع بذلك درسًا عظيمًا يرسم منهجًا في تربية الأطفال وتعليمهم بأسلوب التشويق والتودد لهم، وفى الحديث الشريف: "عوّدوهم الخير فإنّ الخير عادة"، ونجد في الكتاب المقدس تلك الآية التى تقول: "وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ"، فالتربية هى التى تهيئ الابن أو الابنة للقيام بدوره المنوط به، دوره لنفع نفسه ونفع مجتمعه.
لذلك علينا أن نؤدب أبناءنا ولكن دون حاجة إلى العقاب "الضرب المبرح"، فهو ليس الوسيلة الوحيدة لمنع الطفل من أن يتصرف تصرفا مزعجا أو خارجا عن حدود الآداب العامة تماما.
فالعقاب كما يوضحه علماء النفس هو أسلوب قد نلجأ إليه عندما نستنفد كل الأساليب الأخرى، وحين نفشل تماما في توجيه الطفل ناحية السلوك السليم نلجأ إلى بعض أنواع من العقاب مثل المنع أو الحرمان ولكن بمقدار بسيط لا يؤدى إلى الأذى النفسى له، وهناك المثل الشائع الذى يقول: الضرب للتأديب كالملح للطعام (أى القليل يكفى والكثير يفسد)، فالأطفال هم النعمة التى منحها الله لنا وسنحاسب عليها يوم الحساب.
ورغم أننا نسمع كل يوم عن موت العديد من الأطفال قضاءً وقدرًا، ولكن خبر موت الطفلة جنة نتيجة تعرضها لهذا النوع من العذاب المرهب يترك في قلوبنا الألم والعذاب.. فأين ذهبت الرحمة من قلوب أهلها، وأين غاب عقلهم عندما صرخت تلك البريئة بالآهات ولم يسمعوا لها، أين غاب الضمير عندما شوهت الجروح جسدها البرىء..أين وأين وأين؟ ألم تخافوا يوما من الأيام أن الله سبحانه وتعالى لنا بالمرصاد.. ألم تتساءلوا يوما أن فلذات أكبادكم الذين تعرضوا لهذا التعذيب هم من سيصبحون سندا لكم، وهم من سيحملونكم في شيخوختكم.
"جنة" تلك الطفلة البريئة التى أصبحت اليوم في يد خالقها، وبالتأكيد لا تتمنى أن تعود مرة أخرى للجحيم الذى عاشته، رغم أنها طفلة كانت تحتاج إلى أن تلعب وتأكل، حتى إننى متأكدة أنها لم تتطلب طعاما غاليا أو حتى ملابس ذات ماركات مشهورة، ولكن ما أعرفه أنها كانت تريد طفولة بريئة ذكرتنا بطفلة البامبرز التى تم اغتصابها وقتلها بكل وحشية وبانعدام الضمير البشرى.
ألو 16000 هذا الرقم بحثت عنه لأعرف هل هناك رقم خاص بحماية الطفل ووجدته بالفعل، ولكنى أتساءل هل هو مُفعل أي أن أي طفل يتعرض لأى نوع من التعذيب سيستطيع من خلال هذا الرقم أن يجد الحماية التى لم يجدها من أقرب الأقارب له.
وكلنا بالطبع يعلم أن دول العالم تهتم جدا بأطفالها، فهم الحاضر والمستقبل، حتى إننى سمعت عن قصة طفل يعيش في إحدى الدول الأوروبية كان والده دائما يرفع صوته عليه ويرفض أن يتناول أطراف الحديث معه، فما كان من هذا الطفل إلى أن يتصل برقم حماية الطفل ويطلب العون وبالفعل قامت إحدى المتخصصات بالتوجه إلى منزل هذا الطفل وجلست معه لتعرف هل فعلا التقصير من والده أم أن الطفل لديه مشكلة أخرى ويعبر عنها بهذه الطريقة، ولكن الغريب أن هذه الأخصائية وجدت أن هذا الطفل فعلا على حق فقامت بالجلوس مع الوالد وأعطته فرصة لتغيير أسلوبه خلال تعامله مع طفله.
وبعد عدة أيام حدثت مفاجأة، عاود هذا الطفل الاتصال بهذا الرقم فتذكرت الأخصائية هذه المشكلة ولم تتقاعس عن دورها أياما ولا ساعات بل كان هذا الاتصال من أولوياتها وعادت مرة أخرى للولد لتعطيه ثقة بنفسه وجلست للمرة الثانية من الأب.
وجلست الأخصائية في الانتظار وطالت الأيام وظنت أن المشكلة قد حلت وقبل أن تعاود الاتصال للاطمئنان على هذا الطفل دق جرس التليفون وفوجئت للمرة الثالثة بهذه الشكوى، فكانت الجلسة الثالثة هى الجلسة الحاسمة مع الأب وأشارت له بأن تكرار هذا الأمر سيجعله يفقد دوره في القيام بتربية ابنه، ففي الخارج لا يتركون الأبناء يصلون إلى حافة الموت عن طريق هذا الدور الذى يقوم به هذا الرقم من حماية هؤلاء الأطفال.
ألو 16000 أين أنت في مصر، أين أنت من طفلة البامبرز ومن "جنة" أين أنت، وقد قرأت بالأمس قصة كتبت عن طفلة تطالب والدها بالعودة لرعايتها أو أن يأخذها معه لأنها تتعرض للكثير من العذابات على يد جدتها، حتى أنها قالت له: "والدتك التى تركتنى في حمايتها تلسعنى ولا تهتم بى وقد تعرضت للسقوط الذى أدى إلى كسر رجلى، فإما أن تأخذنى معك أو أن تدع والدة أمى تأخذنى عندها، فهى أحن علىّ من أمك يا أبى".