لا يختلف اثنان على أن مصر بدأت مشوار التنمية بقوة وقطعت شوطا مهما فى الخروج من المنطقة الصعبة إلى الطريق الصحيح الرحب نحو الانطلاقة الحقيقية، فالنمو والازدهار الاقتصادى رغم كل ما يدور حولنا من حروب ومؤامرات هدفها الرئيسى يكمن فى إسقاط الدولة المصرية حتى ينفرط عقد المنطقة فى زمن قياسي.
ولأن قيادتنا ومؤسساتنا الوطنية، لا سيما السيادية منها، لديها تقدير واع للموقف مبنى على أسس علمية لم تنزلق الدولة إلى المهاترات المنظمة التى تقوم بها دول خارجية تدفع بكل أجهزتها المخابراتية لإحداث فوضى فى البلاد لا تحمد عقباها، ولا يمكن لأى باحث أو سياسى يتوقع نتائجها.
فحروب الجيل الخامس التى بدأت بعد انحصار حروب الجيل الرابع ونجاح ليبيا فى تقليم أظافر الإرهاب فى معقله الأساسى، وشبه الأخير بالعاصمة طرابلس، وقرب انتهاء الحرب فى سوريا، والدعوة لمؤتمر قد يضع نهاية لهذه الحرب القذرة، تعود من خلالها الدولة السورية موحدة كما كانت فى السابق قبل ٢٠١١.. وفى نفس الوقت يواجه الحوثيون الخسارة تلو الأخرى فى اليمن رغم ما تفعله إيران وأذنابها من المتآمرين.. ونجاح السودان فى التخلص من حقبة البشير الذى أسهم فى تفتيت الدولة السودانية قبل أن يسقط إلى الهاوية.
لقد أدركت الدول التى كانت تساند الإخوان الآن أنهم أصبحوا ورقة محروقة لا يمكن الرهان عليها لتنفيذ مخططاتهم القادمة، مثلما حدث مع القاعدة من قبل ويحدث مع داعش حاليا!!
فباتت تلك الدول التى ساندت الإخوان تلعب الآن على وتر الوقيعة بين الشعوب فى الداخل خاصة بينها وبين المؤسسة العسكرية.. وإن كتب لخططهم هذه أن تنجح فى بعض الدول؛ فإنها لن تنجح أبدا فى مصر لأسباب عدة يأتى فى مقدمتها وحدة الشعب المصرى الذى لا ينتمى إلى قبائل متفرقة كما هو الحال فى بعض البلدان، بل هو شعب واحد لأب واحد لا غيره.. لذلك يتحول هذا الشعب بأكمله إلى جيش عندما يستشعر الخطر.. صحيح قد يستثنى البعض الذى لا يؤثر بأى حال من الأحوال على السواد الأعظم الغارق فى حب الوطن وتعظيمه.
الأمر الثانى لا يقل أهمية كونه يتعلق بعقيدة الجندى المصرى الذى يجد حياته رخيصة إذا كانت تتعلق بأمن الوطن فيقدم كل التضحيات برضا تام وحب لا يضاهيه حب فى الدنيا وهذا ما يحسدنا عليه العالم..
أما الأمر الآخر والذى نعرفه جميعا ولنا معه تجارب عملية وواقعية، فهو يتعلق بالعلاقة بين الجيش والشعب، والتى لا يمكن لعاقل أى يراهن على تفتيتها أو حتى المساس بها.. وكلنا نتذكر الجيش عندما نزل سواء بعد ٢٥ يناير أو وقف خلف شعبه فى ٣٠ يونيو و٣ يوليو لدرجة أن الأسطول الأمريكى انسحب من مياهنا الإقليمية عندما وجد الغواصات والقطع البحرية تحاصره فى البحر والطائرات تحلق فوق رأسه مع إنذاره إنذارا شديد اللهجة.
لذلك لا نخشى على القوام الأساسى الذى يتعلق باستقرار الدولة أمام الغوغائيين الذين يحملون أجندات خاصة.
ومن هنا نقول إن ما يحدث الآن يجب مجابهته بالمزيد من العمل والمضى قدما فى بناء دولة حديثة عصرية، مع الوضع فى الاعتبار المضى بخطوط متوازية بين التنمية المستدامة والاهتمام بالطبقتين الفقيرة والمتوسطة لمواجهة الغلاء الذى يقتحم العالم وليس مصر وحدها.
الخلاصة أننا لسنا على استعداد لأن نفرط فى استقرار هذا البلد أو توقف الانطلاقة التى بدأت من أجل حفنة من الطامعين والفاسدين والذين لا يعرفون قيمة الأوطان مقابل حبهم للمال.
وفى النهاية، أقول لمثل هؤلاء، لا تراهنوا على خداع الشعب الذى فاق ودفع ولا يزال يدفع ثمن خريف يناير ٢٠١١، وبالتالى ليس لديه استعداد أن يكرر تلك النكبات التى يؤيدها البعض سواء للجهل بأبعادها أو لسوء الظن والتآمر على خير الأوطان وأجناد الأرض.
والله من وراء القصد.