للمرة الرابعة، أعلن رئيس الجمهورية اهتمامه بالمحليات.. جاء ذلك فى مؤتمر الشباب ضمن جلسة «اسأل الرئيس»، الذى عقد فى ١٤ سبتمبر الحالى؛ حيث قال: «عاوزين على نهاية السنة أو بداية السنة القادمة نعمل الانتخابات، ويبقى أنجزنا هذا الاستحقاق الذى تأخر منذ ٢٠١١».
كما أشار إلى وجود الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، الذى كان حاضرًا للمؤتمر، وفى صباح الجمعة ٢٧ سبتمبر الحالى، أى منذ يومين، أعلن وكيل مجلس النواب السيد الشريف فى تصريحاته لجريدة «المصرى اليوم» «أن الدكتور رئيس المجلس سوف يحيل فى الجلسات الأولى من عودة البرلمان قانون مجلس الشيوخ، وبعدها سيتم عقد جلسات مجتمعية».
وأكد وكيل المجلس فى تصريحاته أن مشروع قانون الإدارة المحلية فى مقدمة الموضوعات التى سيتطرق إليها المجلس خلال الشهر المقبل، لمناقشته والتصويت عليه، وأضاف أن المشروع انتهت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب من إعداده والموافقة عليه، ومن المنتظر أن يعرض على الجلسة العامة لمناقشته.
إن البداية من اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أبريل ٢٠١٦، منذ أكثر من ثلاثة أعوام حين وجه الحكومة بأهمية البدء فى انتخابات المحليات.
وكان المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء السابق، قد أعلن أمام مجلس النواب فى كلمته عن برامج الحكومة الذى أطلق عليه «نعم نستطيع»، فى المحور الديمقراطى نحو دعم اللامركزية، بالنص «ستعمل الحكومة على تهيئة المناخ المناسب لإجراءات الانتخابات مع بداية ٢٠١٧».
ووصف الانتخابات المحلية بأنها أحد أهم مستويات العملية الديمقراطية، ورغم تشكيل لجنة وزارية من سبعة وزراء لإنهاء مشروع قانون المحليات؛ فإنه سلم متأخرًا فى أكتوبر نهاية ٢٠١٦.
وبالرغم من أن لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب قد انتهت من مشروع القانون، بتقرير مشترك مع لجنتى الشئون الدستورية والخطة والموازنة، وسلم فى أبريل ٢٠١٧، أى منذ أكثر من عامين إلى هيئة مكتب البرلمان، وجاء هذا استخلاصًا من ٤ مشاريع للقانون قدمها ٤ نواب من التجمع والوفد والمستقلين، ووقع عليها ما يزيد على ٢٦٠ نائبًا، مما يعكس اهتمام النواب بالمحليات، وما زال المشروع أمام هيئة مكتب مجلس النواب.
ولقى الحديث عن قرب صدور القانون قبول وترحاب عند المواطنين المصريين فى كل المحافظات «المدن - المراكز - الأحياء - والقرى»، لما لها من أهمية نحو تحسين أوضاعهم بسبب تراكم «القمامة - الصحة - التعليم - المواصلات - الصرف الصحي..»، ومن أجل مواجهة الفساد الذى يحرق التنمية المحلية فى بلادنا، والذى تراكم لغياب المجالس المحلية منذ آخر انتخابات لها فى أبريل ٢٠٠٨، وحل تلك المجالس بقرار من قبل المجلس العسكرى ٢٠١١.
إن غياب ما يزيد على ١١ عاما للمجالس المحلية، أدى إلى تحكم الأجهزة التنفيذية بالمحليات منفردة دون رقابة شعبية أدى إلى اتساع وتزايد حجم الفساد والتعديات على أراضى البناء والأراضى الزراعية، وفوضى الأسواق العشوائية، وتردى الأوضاع المعيشية للمواطنين.
غير أن تصريحات وزراء الإدارة المحلية السابقين، جاءت واضحة أن هناك تكليفات رئاسية من أجل إعادة ترسيم الحدود بين المحافظات، وضرورة الانتهاء منها وعرضها على البرلمان.
إن تعدد التصريحات وتناقضها وتضاربها أحيانًا يعتبر أحد مشاهد الارتباك بسبب عدم تحديد واضح لمواعيد انتخابات المحليات، وأن الأمر بالكامل أصبح مرهونا على مدى استعداد الإرادة السياسية لإجراء هذا الاستحقاق الدستورى والواقعى من أجل تنمية بلادنا، واستكمال مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية التى نريدها.
وحتى يتحدد الأمر بشفافية لانتخابات المحليات، نطرح الأسئلة الموضوعية الآتية:
■ نتمنى أن مجلس النواب يطرح مشروع القانون فى الجلسات القادمة، خصوصا أن الكورة فى ملعبه الفعلى الآن؟
■ هل الحكومة جادة بالفعل للاستعداد لإجراءات الانتخابات المحلية..؟
■ هل رصدت الحكومة المبالغ المالية لهذه الانتخابات فى موازنتها العامة؟
■ هل الحكومة جاهزة فنيًا وإداريًا وبكل تجهيزات اللوجستية لإجراء تلك الانتخابات؟
■ هل قامت الحكومة بالفعل بتهيئة المناخ الديمقراطى والسياسى وتشجيع الأحزاب والمجتمع المدنى للاستعداد لتلك الانتخابات؟
■ هل حان الوقت لعرض مشروع القانون على الجلسة العامة وجدول أعمال البرلمان من أجل مناقشة القانون وإقراره وفق رؤية ديمقراطية للوصول إلى حل النقاط الخلافية فى القانون التى تعزز من اللامركزية وتحقق ما أكده الدستور؟
■ هل الحكومة ستكون جادة فى إنهاء اللائحة التنفيذية بشكل سريع؟
■ وهنا السؤال الأخير: هل تستطيع الحكومة أن تتحمل أجندة مجلس النواب التشريعية والأولويات بين تعديل قانون مجلس النواب وطرح قانون مجلس الشيوخ، حتى تتوافق مع التعديلات الدستورية أم طرح مشروع قانون الإدارة المحلية، فهل ستكون الأولويات متوافقة أم نرى تأجيلا جديدا لانتخابات المجالس المحلية؟!
وبعد.. إن الأيام القادمة قادرة على حسم الردود على تلك الأسئلة، ويكون المحك السياسي على أرض الواقع، وبعيدًا عن التصريحات.. ونحن جميعًا سنكون سعداء من أجل التنفيذ للأفضل للمحليات فى بلادنا.