انقسم أعضاء قطاع مستوردي وموزعي المشتقات النفطية في لبنان على أنفسهم في شأن تنفيذ إضراب عام يترتب عليه امتناع محطات الوقود عن العمل في عموم البلاد اعتبارا من الغد، على أثر أزمة النقص الحاد في الدولار الأمريكي لاستيراد المشتقات النفطية، وعدم توافره وفقا لسعر الصرف الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي، في حين شهدت محطات البنزين طوابير طويلة من السيارات في جميع أنحاء البلاد، حيث خشي اللبنانيون دخول الإضراب حيز التنفيذ ومن ثم عدم تمكنهم من استخدام سياراتهم.
وتسببت الطوابير الممتدة أمام محطات البنزين في لبنان، والتي وصل بعضها إلى نحو 200 متر في بعض المناطق انتظارا لتعبئة السيارات، في حدوث زحام خانق في جميع أرجاء البلاد، خصوصا العاصمة بيروت، وقطع بعض الطرق جراء اصطفاف السيارات في التقاطعات المرورية، على نحو ترتب عليه حدوث شلل شبه كامل في حركة السير في العديد من المناطق.
كما ترتب على الازدحام الشديد في حركة السير، وتهافت اللبنانيين على محطات الوقود، سريان شائعات تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي، تفيد بوجود احتجاجات ومسيرات ومظاهرات وقطع للطرق في العديد من المناطق، وهو الأمر الذي نفت صحته بصورة قاطعة غرفة التحكم المروري بجهاز قوى الأمن الداخلي، والتي أكدت عدم وجود أية احتجاجات أو قطع للطرق، وإنما ازدحام شديد جراء طوابير السيارات أمام محطات البنزين.
وكانت نقابة أصحاب محطات الوقود قد أعلنت مساء اليوم اتخاذ قرار، بأغلبية أصوات أعضائها، بالإضراب المفتوح وتوقف المحطات عن العمل اعتبارا من صباح الغد، بسبب تكبدهم خسائر مالية كبيرة جراء عدم توافر الدولار الأمريكي وفقا لأسعار الصرف الرسمية لاستيراد البنزين.
وعقّب تجمع الشركات المستوردة للنفط، معلنا رفضه "القرار المتسرع" للنقابة، مؤكدا رفض الإضراب، لا سيما وأنهم تلقوا وعدا قبل عدة أيام من رئيس الحكومة سعد الحريري بالتوصل إلى حل للأزمة بالتعاون مع مصرف لبنان (البنك المركزي) ومشيرا إلى أن الحريري دعا لعقد اجتماع مع كافة المعنيين من مستوردي وموزعي الوقود وأصحاب الصهاريج في الغد، لمتابعة الآلية التي سيتم وضعها لتوفير الدولار لهم وفق سعر الصرف المحدد من قبل البنك المركزي، بما يمكنهم من استيراد الوقود دون تكبدهم خسائر مالية.
وكان قطاع توزيع ونقل وبيع المحروقات في لبنان، قد نفذ إضرابا تحذيريا على مدى يوم واحد قبل نحو أسبوع، وشهدت البلاد حينها توقفا شبه كلي عن العمل وامتنعت محطات الوقود في معظم المناطق اللبنانية عن البيع وتزويد السيارات والمركبات بالبنزين، مؤكدين أنهم يتكبدون خسائر مالية فادحة منذ أشهر عديدة، حيث يقومون ببيع المحروقات إلى المستهلكين في الأسواق بالليرة اللبنانية في حين أنهم يقومون بشراء المحروقات بالدولار الأمريكي.
ويمر لبنان بأزمة مالية واقتصادية حادة، تفاقمت أثارها خلال الأشهر الماضية وانعكست مؤخرا على مستوى توافر الدولار الأمريكي في الأسواق، وذلك على الرغم من التطمينات المتجددة من قبل حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) رياض سلامة، والذي أعلن قبل عدة أيام أن الاحتياطي النقدي يبلغ 5ر38 مليار دولار بخلاف الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب.
ويشكو المستوردون في عدد من القطاعات من عدم توافر الدولار بسعر الصرف الرسمي مقابل الليرة اللبنانية (1507 ليرات للدولار الواحد) مشيرين إلى أنهم يستوردون السلع والبضائع والمواد الاستراتيجية بالدولار ويقومون ببيعها في الأسواق بالليرة، وأن البنوك لم تعد توفر لهم الدولار للاستيراد، فيضطرون لشرائه من شركات الصرافة بقيمة أصبحت تقارب 1600 ليرة بما يعرضهم لخسائر كبيرة.
وبدت انعكاسات أزمة نقص الدولار في الأسواق اللبنانية، على عدد من القطاعات مؤخرا، لا سيما قطاعي المحروقات والمطاحن واللذين حذرا من أن عدم توافر الدولار بسعر الصرف الرسمي لاستيراد المشتقات النفطية والقمح، سيتسبب في أزمة وشيكة وعدم القدرة على استيراد المحروقات والقمح الذي انخفض الاحتياطي منه إلى مستوى خطير، مشيرين إلى أن القطاعين يتكبدان خسائر كبيرة جراء قيامهما منذ فترة ليست بالقصيرة بشراء الدولار من السوق السوداء بأسعار تزيد عن سعر الصرف المحدد من قبل البنك المركزي لتوفير حاجة الأسواق والمستهلكين من الوقود والخبز، بما يؤثر على استمرار عمل القطاعين.