الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أحزاب داعمة للدولة.. ومجموعات داعية للفوضى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
البيان الذى أصدره حزب التجمع السبت الماضى تعقيبا على دعوات الفوضى والعنف، كان الأكثر توازنا وتعبيرا عن المعارضة الوطنية التى تعمل تحت مظلة الدستور والقانون حفاظا على الدولة وتماسك مؤسساتها.
فقد رفض بوضوح دعوات التظاهر التى أطلقتها جماعة الإخوان الإرهابية مؤكدا أنها تستهدف إسقاط الدولة الوطنية، ولم يكتف بمهاجمة أصحاب تلك الدعاوى المأفونة، حيث إلى عقد مؤتمرين أولهما اقتصادى اجتماعي لمناقشة بعض السياسات الحكومية وطرح تصورات جديدة لتخفيف الآثار الناتجة عن برنامج الإصلاح الاقتصادى بما يعمل على تمكين المواطن من تحمل أعبائه؛ وثانيهما مؤتمر سياسي لمناقشة سبل تصحيح اتجاهات الإدارة السياسية والإعلامية وإصلاح الحياة الحزبية بما يعزز قيم التعددية والديمقراطية.
بيان التجمع قدم بدائل سياسية لحوار الأحزاب مع الحكومة لتعرض ما لديها من أفكار قد تساعد على تعديل بعض المسارات والسياسات للحد من معاناة المواطن؛ وفتح أفاق أوسع من شأنها إصلاح الحياة السياسية برمتها.
ورغم اختلافى مع أفكار وتوجهات حزب التجمع غير أننى أرى مواقفه الداعمة للدولة المصرية، ومنذ ثورة الثلاثين من يونيو على وجه الخصوص، تعبر عن المعارضة اليسارية الشريفة التى نحت جانبا خلافاتها الأيديولوجية والسياسية مع توجهات الحكومة لصالح اعتبارات بناء الدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها.
يقدم حزب التجمع نموذجا نميز من خلاله بين المعارضة اليسارية الوطنية، وبعض المجموعات المحسوبة على اليسار المصرى التى دخلت في تحالف مقيت مع جماعة الإخوان الإرهابية منذ عهد مبارك وحتى الآن.
تلك المجموعات خرجت منها الأصوات الداعية للمصالحة مع جماعة الإرهاب رغم كل ما اقترفته من جرائم وخيانة في حق الوطن، وكانت دائما شريكا لجماعة الإخوان في حملات التشكيك في مصداقية الدولة ومؤسساتها وبث الشائعات والأخبار الكاذبة؛ وخلال الأسبوع الماضى راينا بعضها ينخرط في دعوات إثارة الفوضى والعنف مجددا وينشر على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا كاذبة عن تظاهرات الجمعة الماضية؛ ورأينا بعضها الآخر يصدر بيانات تردد دعاوى الإخوان الكاذبة حول الأوضاع في مصر، بل ويهدد بتجميد نشاطه السياسى والحزبى، كل ذلك تزامنا مع إطلاق جماعة الإخوان دعاوى التظاهر لإسقاط الدولة المصرية.
ليس طبيعا أن تصدر تلك الأحزاب بياناتها حول الأوضاع السياسية في البلاد في نفس توقيت تحركات جماعة الإخوان ولو أنها بادرت بإصدار نفس البيانات واتخاذ ذات المواقف في توقيت آخر لما طرحت علامات الاستفهام حول علاقاتها المشبوهة بجماعة الإخوان ونشاطها غير المعلن في إطار تحالف استراتيجى معها؟!
المشكلة أن أغلب تلك المجموعات تعمل في إطار أحزاب شرعية تنضوى تحت ما يسمى التيار المدنى، وأظن أن هذه الأحزاب مطالبة بتوضيح موقفها من جماعة الإخوان لتعلن في بيان باسم التيار المدنى ما إذا كانت تعتبر جماعة الإخوان إرهابية ومعادية للدولة المصرية أم تراها فصيلا سياسيا وطنيا وجزءا من الحركة الوطنية المصرية؟؛ وإن كنت على يقين أنهم لن يفعلوا فأغلبهم ضيوف دائمون على شاشات قنوات الإرهاب من «مكملين» و«الشرق» إلى تليفزيون «العربي» وهذا أضعف الأدلة على تورط تلك الأحزاب وقادتها في العمل والتنسيق مع الجماعة الإرهابية، ومع ذلك لا يزال هنالك متسع من الوقت أمام من أراد منهم العودة إلى حضن الدولة المصرية، وأتصور أن المؤتمرين اللذين دعا إلى تنظيمهما حزب التجمع يمثلان فرصة سانحة لتلك الأحزاب لإعلان موقفها من الجماعة والانخراط في حوار جاد مع بقية الأحزاب المصرية والحكومة على قاعدة مشتركة قوامها الوقوف إلى جانب الدولة المصرية في مواجهة مؤامرات الجماعة الإرهابية ونبذ كل أشكال التحريض على الفوضى والعنف، والعمل تحت مظلة الدستور والقانون اللذين يحتميان بهما في ممارسة أنشطتها العدائية ضد الدولة.
لا يمكن الحديث عن أى إصلاح سياسى بينما توجد أحزاب شرعية لا تزال تعتبر جماعة الإرهاب فصيل سياسي وطنى، ذلك أن بقاء هذه الأحزاب على حالها هذا من شأنه تسميم الحياة الحزبية برمتها وغياب الاستقرار السياسى أو على الأقل إعطاء انطباع دائم بعدم الاستقرار.
لذلك فإن وضع النقاط على الحروف ضرورة للشروع في عمل أى إصلاح سياسى لتحديد الأحزاب التى ينطبق عليها مفهوم المعارضة الوطنية «والذى عبر عنه بيان حزب التجمع» وتلك المناهضة أو المناوئة للدولة المصرية والتى تسعي لتقويض أركانها.
يبقى القول إنه إذا كانت الحكومة مطالبة بتعديل منهج وأسلوب إدارتها السياسية والإعلامية لتحقق التعددية المنشودة فإن الأحزاب المصرية وفى مقدمتها أحزاب التجمع والوفد والعربي الناصرى والمصريين الأحرار ومستقبل وطن مطالبة هى الأخرى بالتفاعل مع المبادرة التى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسي من خلال توصيات مؤتمر الشباب السابع والتى تتلخص في تحويل نموذج محاكاة الدولة المصرية إلى حالة حوارية دائمة من خلال تشكيل مجموعات عمل من شباب البرنامج الرئاسى وشباب الأحزاب والسياسيين وشباب الباحثين والجامعات المصرية، لتكون على اتصال دائم بالحكومة ومؤسسات الدولة في كل ما هو مطروح للنقاش على أجندة العمل الوطني،بالإضافة إلى تشكيل مجموعات عمل شبابية معاونة لجهات ومؤسسات الدولة لمتابعة وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى على أن تبدأ بالعمل تحت إشراف رئاسة مجلس الوزراء، لم نقرأ خبرا عن تفعيل هاتين التوصيتين أو أن أحدا من الأحزاب ولو بادر لعقد اجتماع داخلى لمناقشة أسلوب التفاعل مع تلك المبادرة أو أن أحدها قام بترشيح شبابه للانخراط فيها ودعوة الحكومة للبدء في تنفيذها فورا كما جاء في توصيات المؤتمر.