الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الليبرالية والرسالية.. تناقض يجب إدراكه!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• هل يمكن أن يكون الإنسان ليبراليا ورساليا في آن معًا؟!
• فرق كبير بين أن يكون الإنسان ليبراليا يؤمن بحريته وبحريه الآخرين أو أن يكون رساليا، فيفرض عليهم وصايته ولا يرى عيبًا ولا يستشعر قبحًا ولا يجد حرجًا في التدخل السافر في شئونهم!!
• فرق كبير بين أن يحاسب الإنسان نفسه أولًا.. أو أن يراها دائمًا على حق!
• أن يبحث عن الحق.. أو ينصب نفسه قديسًا لا يعرف الباطل طريقًا لأفعاله! 
• أن يترك الآخرين يختارون حياتهم ويحددون مصيرهم أو أن يصر على رسم المستقبل للآخرين!!
• أن يقدم لهم النموذج أو أن يفرض آراءه وتصوراته وطريقة حياته عليهم!!
• أن يعترف للآخرين بالحق في تنظيم حياتهم كيفما يشاءون أو أن يتدخل لتحديد مساراتها!!
• أن يبغض الوصاية ويستهجن الرسالية ويرى فيها قبحًا وغباءً وشذوذًا أو يتملكه الغرور وتتمكن منه الغطرسة فيتعامل مع الآخرين على أنهم قصر يجب فرض الوصاية عليهم أو أنهم غير مدركين مصالحهم ويجب الحجر عليهم!!
• فعندما تتملك الرسالية من إنسان تشعره على الفور بالوصاية على الآخرين فهو المسئول عنهم وهم المسئولون منه، وعليه أن يرتب لهم حياتهم وينظم لهم شئونهم ويرسم لهم ملامح مستقبلهم وأسلوب حياتهم وطريقة معيشتهم!!
• هو يريد أن يقول للآخرين ماذا يفعلون وكيف يتصرفون.. وفيما يفكرون وماذا يعملون.. دونما أن يدرك أن الناس يكرهون أن يقال لهم ماذا يفعلون!!
• إنه يحاول طوال الوقت أن ينتهك حريتهم ويتحرش بخصوصيتهم ويلاشى ذواتهم ويجبرهم على العيش وفقًا لوجهه نظره هو وقبول واتباع رؤاه وتدخلا ته التطوعيه التى لم يطلبها أحد أو يريدها!!
• قال مرة ثلاثة أولاد من الكشافة لمدربهم، عندما سألهم عن أفضل ما قاموا به أثناء غيابه عنهم منذ الصباح: أنهم ساعدوا سيدة عجوزًا لكى تعبر الطريق.. لكن المدرب تساءل مستغربًا.. بداية هو شيء عظيم وسلوك محمود وفاضل أن تساعدوا العجوز.. ولكن لماذا استدعت تلك المساعدة أن يقوم بها ثلاثتكم؟!
• فرد الأول على الفور: لأنها لم تكن تريد عبور الطريق!! إنها الرسالية تجاه الآخرين التى تتملكنا وتتمكن من بعضنا طوال الوقت دون أن يشعروا بأن الآخرين يضيقون ذرعًا منهم ومن أعمالهم!!
• يحكى رجل دين كان يعمل في مجال التبشير في الإسكيمو ويقول «لقد مكثنا سنوات طويلة لا نستطيع عمل شيء على الإطلاق مع شعب الإسكيمو، فلم تكن لهم أى أخطاء، كان علينا أن نعلمهم الخطيئة أولا قبل أن نتمكن من فعل شيء من أجلهم». غطرسة القوة..ويليام فولبرايت.
• المحافظون الجدد في أمريكا في العام 2001 سيطرت عليهم الرسالية والرساليون أمثالهم ومن قبلهم من حولوا السياسة الخارجية الأمريكية من الانعزال ومن التدخل الحميد إلى التدخل البغيض والمقيت إنسانيًا طوال الحرب الباردة، والتى حصدت فيما بعد أمريكا نفسها نتائجه!!
• حيث يعتبر مبدأ الرئيس ترومان «1945» «مليء الفراغ البريطانى بعد الحرب العالمية الثانية والدخول إلى مستعمرات إنجلترا العجوز ومحاولة صياغة السياسة الخارجية الأمريكية على أساس أيديولوجى والادعاء بنشر الحرية ومساندة الأحرار في كل مكان» هو ما أرخ لسياسة خارجية أمريكية توسعية إمبراطورية مبنية على التدخل في شئون الآخرين تسيطر عليها الرسالية فيما خفت منها المكون الليبرالى الذى ظل أحد أهم مكوناتها طوال 122 عامًا سبقت هذا المبدأ.
• الليبرالية تعنى في أبسط معانيها أن يؤمن الإنسان بحرية الآخرين في إدارة شئونهم وأن يؤمن أيضا بأن تدخلاته في حياتهم وفرض الوصاية عليهم ليس سلوكًا ليبرالياُ ويجب إدراك أن الليبرالية تتناقض كلياُ مع الليبرالية. 
• والتدخل الحميد غير الرسالية تمامًا هو التدخل المطلوب وهو ما عبر عنه «جون ديوي» بالحرية الإيجابية، فأنا أتدخل إذا وضع الطفل يده في الكهرباء أو حاول عبور الطريق أمام السيارات زاحفًا، وأن الطبيب ليس مخيرًا في علاج مريضه، أى إنه ليس حرًا هنا، وإلا كانت حرية سلبية تعرض صاحبها للمساءلة والحساب والعقاب، أما الرسالية فشيء مختلف تمامًا.
•يقول وليام فولبرايت- السياسى الليبرالى الأمريكى ورئيس لجنه الشئون الخارجية الأسبق- في كتابه الشهير «غطرسة القوة» (إذا تركنا جيراننا يصدرون أحكامهم بأنفسهم يخطئون ويصيبون وقصرنا مساعدتنا على الاقتصاد والتكنولوجيا بدلا من تصدير الفلسفة ربما تجد الديمقراطية طريقها إليهم.. وإذا كان لأمريكا دور في العالم فإننى أرى أنه دور النموذج وليس دور الإمبراطورية، إننا بالتورط المبالغ فيه في شئون الآخرين لا نضيع فقط مواردنا ولا نحرم شعبنا من الاستمتاع الحق بها.. بل إننا نحرم العالم أيضا نموذج المجتمع الحر». 
• واليوم وبعد كل تلك التدخلات التى قامت بها ونفذتها الإدارة الأمريكية منذ العام ١٩٤٥ وطوال سنوات مضت في في كل دول المنطقة. 
وفى غيرتها وتحرشاتها واعتمادها على الانفراد والتدخل تحت حجج واهية «بنشر الديمقراطية» قد تسببت في جعل العالم أقل أمنًا وأكثر اضطرابًا وأسوأ حالا عن ذى قبل فلا يغيب على أحد أن اعتماد الإدارات الأمريكية المتلاحقة لتلك السياسات الخرقاء قد تسببت في مشكلات عديدة في العالم وأضرت تلك السياسات بالغ الضرر بأمريكا نفسها حيث حصدت كثيرًا من الكراهية والعداء..
• لقد رفض الشعب الأمريكى قديما أن تتورط بلاده في الشئون الدولية ورفض دعوه رئيسه ودرو ويلسون (1920) بأن تنضم أمريكا لعصبة الأمم التى دعا لها ويلسون نفسه فيما عاشت أمريكا 122 عاما وفق مبدأ الرئيس منرو (1823-1945 ) في انعزال تام عن التدخل في شؤن الآخرين وكان الأمريكان يسمونه «الوضع الطبيعي».
• كما رفضوا يومها أن تصاغ السياسة الخارجية على أساس أيديولوجى طبعا «نشر الحرية والديمقراطية».
• ويجب أن نفرق بين انعزالية لودج- زعيم المعارضة الذى انتصر على الرئيس ويلسون وألزمه بعدم التدخل عام 1920 وعدم الانخراط في الشئون الدولية والانضمام إلى عصبه الأمم، وبين انعزالية بوش الابن.. فالأول كان يسعى لأن تتجنب بلاده التورط في الشئون الدولية.. أما الثانى فعزل بلاده وحولها إلى كيان أحُادى مكروه وضعها في جانب والعالم كله في الجانب الآخر، ‏إنها انعزالية من نوع جديد تسببت فيها إدارة بوش الابن على فترتين بغطرستها.
ثم جاءت تاليا إدارة اوباما على فترتين أيضا لتتصالح مع الإرهابيين وتتحالف معهم وتتقارب بشدة مع أصحاب الفاشية الدينية، وتمكنهم من الوصول إلى الحكم في بلادهم.. اعتقادا منها أن ذلك يقيها شر الإرهاب ويحفظ أمن إسرائيل أيضا وهو ما رفضته الشعوب أيضا وثارت عليه، وفى مقدمتها الشعب المصرى، الذى أسقط حكم التنظيم الدولى الإرهابى الإخوانى لكل دول المنطقة وأفشل مخطط إدارة أوباما وأسقط سياسة التقارب مع الإرهابيين، التى اعتمدتها تلك الإدارة على مدى ٨ سنوات، وأطاح بمخططات إعادة المنطقة إلى عهد الخلافة العثمانلية، وحكم آل عثمان وتحويل دول المنطقة إلى مجرد ولايات يحكمها حكام من تنظيم الإخوان الإرهابى الدولى على أن يكون رجب طيب أردوغان الإخوانى هو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين!!!