«الإعلام»، هو خط الدفاع الأول في مواجهة الشائعات والإرهاب، وجميع المخاطر التى تهدد الدولة - أى دولة - من خلال تحصين المواطن ضد الأفكار الهدامة والمتطرفة، والتى تنال من هيبة الدولة واستقلاليتها، فمهمة الإعلام التقليدي، بأنواعه «الصحافة والتليفزيون والراديو»، هى تزويد المواطن بالمعلومة الصحيحة في الوقت المناسب، في مواجهة الوسائل الحديثة كالسوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.
وفى غياب الإعلام الحر والمهني، تزداد الشائعات وتنتشر انتشار النار في الهشيم، وتستغلها التنظيمات والجماعات الإرهابية، وأصحاب الفكر المتطرف يمينا أو شمالا، وتبدأ في التمدد ومحاولة الوصول إلى المواطنين، وبخاصة البسطاء للتأثير في تفكيرهم، والسيطرة عليهم.
ومن المهم جدا بل من الضروري، أن تعى المجتمعات والحكومات، أن الإعلام هو خط الدفاع الأول عنها، ومن الضرورى أن توليه اهتماما خاصا، والعمل على معالجة العقبات والأزمات والمشكلات التى يتعرض لها هذا الإعلام، الذى أصبح في بعض الدول صناعة كبيرة وثقيلة ومتطورة.
فالإعلام الذى ينشر الحقائق بشكل سريع وواضح يقضى على الشائعات ويضربها في مقتل، ويقضى عليها في مهدها، لذا نرى دول العالم المختلفة تدعم الصحافة والتليفزيون والراديو بكل الطرق.
وتشن حرب الشائعات، في أوقات السلم والحرب، وتلعب فيها الكلمة دورًا مهمًا في التأثير على الاتجاهات النفسية والفكرية للإنسان، وتستهدف روحه المعنوية، وتتقارب إلى حد كبير مع الدعاية الموجهة لإثارة العقول والعواطف تجاه قضية ما، بهدف التأثير في الآخرين دون اللجوء للعنف.
والشائعات اختراع قديم، يمتد عمره لعمر الشعوب، وبسببها انطلقت حروب مدمرة، وقد استخدمها «الفراعنة»، و«المغول»، الذين كانت تسبقهم الشائعات التى تبالغ في قسوتهم وقوتهم وبأسهم وجبروتهم وكذلك عددهم، وتم استخدامها في الحربين الأولى والثانية بشكل كبير، حيث استخدمها «الألمان» ضد الشعب الروسي، بل وأنشأ الألمان في الحرب العالمية الثانية، وزارة لـ «البروباجندا»، أو الدعاية، وكان على رأسها «جوزيف جوبلز».
كما أن الشائعات من أهم الوسائل والفنون في علوم الجاسوسية، فلكل شائعة مهمة، وهدف، وفق رؤية علمية محددة، وزمان معروف، بل وتعد الشائعات من أهم أدوات الحروب النفسية، وتحطيم معنويات الأعداء.
وتزدهر الشائعات في الأوساط المجتمعية الفقيرة والأمية وكبار السن، وسط غياب الصحافة والإعلام، أو ضعفها، وهى تهدف إلى إضعاف إيمان الشعب بعقيدته وأفكاره ومبادئه القومية والوطنية، وإثارة الشك في شرعية قضيته ومسارها، وزعزعة الأمل في النصر، والتشكيك في القدرات والتهويل من الخطر.
ويمكن القضاء على الشائعات بالمعلومات، التى تتاح للصحفيين والإعلاميين لتقديمها للناس وتكذيب الشائعة، ووضع سياسة إعلامية واضحة، ومستندة إلى قيم المجتمع وأولوياته، ومصلحة الدولة، وعدم الانسياق وراء الشائعات التى تهدف لهدم أركان الدولة، والتدريب المتواصل للإعلاميين والصحفيين لإكسابهم التغييرات الحديثة في المجال حسب أحدث التقنيات العالمية ودعم وسائل الإعلام من صحف وتليفزيون، حتى تستطيع المنافسة مع الإعلام الجديد، والسوشيال ميديا، والاهتمام بالمهنية، وتفعيل نظرية المسئولية الاجتماعية للإعلام في كل المؤسسات الإعلامية بدعم من الدولة.
وكما أن الشائعات ممتدة عبر التاريخ، فكذلك الصحافة، بمعنى نقل الأخبار، قديمة قدم الدنيا، وليس أدل على ذلك من النقوش الحجريـة في مصر وبابل والصين، وعند العرب القدماء وغيرهم من الأمم العريقة، في نوع من أنواع الصحافة في العصور القديمة، ولعل أوراق البردى المصرية التى تعود إلى 4 آلاف عام، كانت نوعًا من النشر أو الإعلام أو الصحافة القديمة والتى كظاهرة اجتماعية منذ العصور السحيقة.
والإعلام هو أحد أدوات ووسائل الديمقراطية، وهو في معظمه يدعم الدولة ويحمى أمنها القومي.. والهدف هنا أن تمارس الصحافة والإعلام بشكل عام، الدور المطلوب، في الملاحظة والتحليل وتقديم المعلومات والحقائق، ليجد القارئ ضالته المنشودة في الحقيقة والمعلومة والفهم، وتقدير الموقف على نحو سليم، عوضًا عن الاعتماد على الشائعات التى تملأ الواقع الافتراضي.