انتهى أمس الجمعة، رسميا مؤتمر «الاقتصاد الأزرق ودوره فى تحقيق التنمية - أجندة أفريقيا ٢٠٦٣»، وهو المؤتمر المرتبط بالتنمية المستدامة.
وقد أحسنت جامعة السويس، برئاسة الدكتور السيد الشرقاوى، فى عقد هذا المؤتمر على أرض المحافظة التى لها علاقة وثيقة بعنوان المؤتمر؛ حيث موقع المحافظة على خليج السويس، والتى يوجد بها ميناء خاص للصيد المعروف باسم ميناء الأتكة بمنطقة الأدبية، كما بالسويس أسطول خاص للأسماك، يشمل كافة حرف الصيد المعروفة منها حرف «الجر - الشنشولا – والسنار» بالإضافة إلى استخدام السفن الآلية والمراكب المتوسطة والصغيرة من فلايك الصيد فضلًا عن مراكب الكركبة البسيطة.
ومن هنا تأتى أهمية المؤتمر على أرض السويس؛ حيث يوجد أقدم معهد لعلوم البحار ومنطقة خاصة بالثروة السمكية، يضاف إلى ذلك وجود كلية حديثة متخصصة للثروة السمكية داخل الجامعة نفسها، ومن هنا يتعاظم دور جامعة السويس فى علاقتها بخدمة المجتمع المحلى، وهو الأصل فى دور فلسفة الجامعات الإقليمية، وعلى مدى ٤ أيام اختتم أمس الجمعة وفقًا لجدول المؤتمر.
وقد كشف المؤتمر عن التحديات التى تواجه محافظة السويس من ناحية انخفاض إنتاجية الأسماك السنوية، لتصل إلى ١٢ ألف طن فقط، والذى يرجع لأسباب الصيد الجائر والتلوث وسرقة الزريعة والفساد وزيادة تراخيص عدد المراكب والإهمال... وغيرها من الإجراءات غير المشروعة، والتى تؤثر فى حجم وقلة الإنتاجية وضعفها بعد أن كانت مرتفعة بشكل ملحوظ فى السنوات الماضية.
ومن هنا جاءت كلمة محافظ السويس النشط اللواء عبد المجيد صقر، مطالبًا بوضع توصيات المؤتمر موضع التنفيذ الفعلى على أرض الواقع، مع وضع أجندة للمتابعة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء على أرض المحافظة أو الوطن والمستوى الأفريقى، وأكد المحافظ أهمية دور الجامعة فى خدمة المجتمع المحلى.
وعلى المستوى الأفريقى كشفت المناقشات العلمية الكثير من التحديات التى تواجه الاقتصاد الأزرق للدول الأفريقية.
حيث إن الاستفادة من الثروات المائية وإنتاجية الأسماك فى القارة الأفريقية، لم يتعد ٦.١ ٪ والتى بها ٣٨ دولة لها سواحل بحرية من ٥٤ دولة أفريقية، وقد أعلن الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى، أهمية مواجهة التحديات من أجل الاستثمار والاستغلال الأفضل للثروات الطبيعية وزيادة إنتاجية الأسماك من المسطحات المائية البحرية التى تمتلكها القارة الأفريقية.
لقد نجح المؤتمر فى أن يربط بين المحلية والعالمية من خلال موضوع مهم يمثل الثروة السمكية وعلاقتها بالأمن الغذائى والتنمية المستدامة فى بلادنا وأفريقيا، كما كانت الجلسات العلمية ثرية ومهمة ومؤثرة حول الموضوع.
ولكن تبقى المتابعة على أرض الواقع وحتى الآن تتحول تلك المؤتمرات إلى مجرد «مكلمة»، أو توصيات حبر على ورق وتنتهى دون فائدة على التنمية، خصوصا أن التحديات أمام التنمية الاقتصادية كبيرة، وأن تنمية الاقتصاد الأزرق تتطلب مجموعة المهام الكبيرة والتعاون المشترك بين مصر وأفريقيا منها:
١- الاهتمام بالبيئة البحرية وأهمية المحافظة عليها من التلوث البحرى من حوادث السفن والناقلات البحرية.
٢- التلوث البترولى نتيجة لتسريبات المواد البترولية الضارة بسبب كسر الأنابيب أو الحوادث المؤثرة على الأحياء المائية والثروة السمكية.
٣- مواجهة أى مصادر للتلوث بسبب الصرف الصحى أو الصرف الصناعى على خليج السويس والبحر الأحمر والمحيط.
٤- مواجهة جرائم تخلص السفن العابرة التى تلقى مياه السبورة ومخلفاتها فى المياه الإقليمية.
وغنى عن البيان ما سبق، أن صدر فى فترات سابقة من دراسات وتوصيات عن مشكلات البيئة التى تواجه البحر الأحمر وخليجى السويس وعدن، وهى مشكلات تستوجب المشاركة والتعاون مع الدول الأفريقية لمواجهة المشكلات وتأثيرها فى الصيد والثروة السمكية ومن أجل تحقيق التنمية المستدامة.
فى النهاية أهمية التصدى للمشكلات السياسية والاقتصادية بسبب خروج بعض السفن للمياه الدولية أو الإقليمية للدول المجاورة الأفريقية، وقد أشار من قبل دكتور أحمد برانيه، أحد خبراء الثروة السمكية الوطنيين فى مصر منذ سنوات، وقد حذر من خطورة أن التلوث والصيد الجائر وغيرها من عوامل تؤدى إلى انخفاض الإنتاجية بخليج السويس من الأسماك سوف يستمر كل ما استمرت أوضاع التلوث إلى درجة تنظر أن يكون لا قيمة اقتصادية للثروة السمكية فى تلك البحار أو الخلجان، وهو إنذار أطلق منذ سنوات.
عمومًا يبقى التقدير والتحية إلى جامعة السويس رئيسا وجميع أعضاء هيئة التدريس وجميع الخبراء والهيئات المشاركة فى المؤتمر من الجانبين المصرى والأفريقى، وهو الذى ارتقى إلى توقيع بروتوكول تعاون بين المعهد الموريتانى لبحوث المحيطات والمصايد وجامعة السويس الذى يستهدف التعاون فى مجالات التدريب والبحث العلمى وبناء القدرات البشرية وتبادل الخبرات بين أعضاء هيئة التدريس.
وبالرغم من أن جامعة السويس هى الجامعة الوليدة التى صدر القرار الجمهورى ١٣٩ فى أغسطس ٢٠١٣، ولم يتجاوز عمرها سبع سنوات؛ فإنها عقدت المؤتمر الأول حول مصر وأفريقيا بين الفرص والتحديات، والذى أقامته كلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، والتى لم يتعد عمرها عامين فقط، برئاسة العميد د. جمال سلامة فى يونيو ٢٠١٩، وهو ما يكشف أن دور الجامعة وعلاقاتها بالمجتمع يتعاظم بعقد المؤتمرات ومتابعة نتائجها على أرض الواقع لصالح التنمية المحلية فى السويس.
ويكفى إشادة الدكتور على الدين هلال الوزير وأستاذ العلوم السياسية المشهود له، الذى أشار وأشاد بدور جامعة السويس وكلية السياسة والاقتصاد، رغم حداثتها، بأنها تربط نشاطها بأنشطة لها علاقة على أرض الواقع.
وكما أشار الدكتور على الدين هلال إلى أهمية السويس وتاريخها الوطنى عبر معاركنا الوطنية للدفاع عن الوطن، وقال: «إن السويس هى صفحة مهمة فى تاريخ بلادنا، خصوصا لما لها من بطولات ومعارك يكفى أنها هزمت على أبوابها الجيش الإسرائيلى يوم ٢٤ أكتوبر، وهى التى ارتبط اسمها بقناة السويس».