السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مداخل مبتكرة لتطوير المحتوى الصحفي «2»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شق الذكاء الاصطناعى طريقه إلى صالات التحرير الصحفى قبل عدة أعوام، عندما أعلنت وكالة «أسوشيتدبرس»، بالتعاون مع صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، ابتكار أول محرر روبوت مختص بتحرير أخبار الطقس، ونشرة المرور على الطرق السريعة، وتطبيق“Quil” الذى يكتب التقارير السنوية لكل من مجلة «فوربس»، و«إيريكا» مذيعة الأخبار اليابانية، والمذيع الروبوت الملقب بـ «المذيع التراكبي» في الصين، الذى يحاكى «جان جاو» المذيع الحقيقى في وكالة أنباء «شينخوا»، و«روزي» الأداة البرمجية التى تحلل طلبات الإنفاق لكل عضو من أعضاء الكونجرس الأمريكي، الأمر الذى شكَّل نقطة تحول كبيرة في عالم الإعلام، ومن المرجح أن يقدم لنا تحديات أخلاقية غير مسبوقة تاريخيًا.
وفى أبريل ٢٠١٧، نشرت وكالة «أسوشيتدبرس» تقريرًا بعنوان «تأثير الذكاء الاصطناعى في الصحافة»، تحدثت فيه عن ترسخ ما أطلقت عليه «الصحافة المعززة» Augmented Journalism، وفى التقرير يذكر فرانسيسكو ماركوني، مدير التطوير والإستراتيجية بالوكالة، «إن مستقبل الأخبار سوف يعتمد على عمل الصحفيين جنبًا إلى جنب مع الآلات الذكية»، ربما يتطلب هذا من المؤسسات الصحفية الاستعانة بعلماء اللسانيات والبرمجيات ومطورى البرمجيات والتطبيقات الذكية؛ لكى تصمد أمام طوفان الذكاء الاصطناعي. ويشير مصطلح «الصحافة المعززة» إلى أنه بات من الصعب الفصل بين الواقع والشبكات الاجتماعية وتطبيقات الهواتف الذكية، حيث أصبح كل ذلك يندرج تحت مسمى حقيقة مدمجة Compact Reality؛ لذا بات على القائم بالاتصال أن يطور من مهاراته في الاستعانة بوسائل التكنولوجيا الحديثة؛ فهناك تقنية توليد النصوص Text Generation، التى تستهدف صنع نصوص مكتوبة من معلومات أولية، كالبيانات الجرافيكية والصور البيانية وغيرها، ويعطى موقع «ستاسشيت» الأمريكى للإعلام الرياضى نموذجًا للصحافة التى تعتمد على الأساليب المؤتمتة الذكية لصنع مواد صحفية بصورة آلية كليًا.
وقد شاع استخدام الذكاء الاصطناعى في الحياة اليومية إلى الحد الذى دفع الباحثين، في معهد مستقبل الإنسانية في جامعتى «أوكسفورد» البريطانية و«ييل» الأمريكية، إلى إجراء استبيان رأى شمل ٣٥٢ عالمًا من علماء الكمبيوتر، دار حول تنبؤاتهم حول التقدم الذى يمكن أن يصل إليه الذكاء الاصطناعى خلال النصف قرن المقبل، وكانت النتيجة صادمة؛ إذ اتفقت الأغلبية على أن الذكاء الاصطناعى سيتفوق على البشر، وسيتمكن من أداء المهام البشرية.
وتتمثَّل التجربة البارزة لاستخدام الخوارزميات، في العمل الإعلامى في مصر، في تجربة مجموعة مواقع «سرمدي»، وهى بوابة فنية ترفيهية، يقول عنها جورج صبرى رئيس تحرير المجموعة: «إن بوابة أخبار الترفيه العربية قدمت لمستخدميها أداةً جديدةً تتيح للمستخدم معرفة مواعيد أكثر من مائة برنامج من ثلاثين قناة في المنطقة العربية؛ وذلك بهدف تقديم متابعة تليفزيونية أسهل، لذا أطلقت أول «بوت» (bot) لدليل التليفزيون في رمضان، عبر «تويتر»، وهو عبارة عن تطبيق ذكى يتيح خاصية الرد التلقائى على أوامر معينة عبر الإنترنت؛ فعند استعلام المستخدم عن مسلسل معين، يزوده «البوت» بمواعيد عرضه، ومعلومات عن طاقم العمل، وعند اختيار المستخدم لطاقم العمل على سبيل المثال، يحصل على قائمة بأسماء الممثلين في المسلسل، بالإضافة إلى روابط إلى حساباتهم الخاصة على «تويتر»، ويتم ذلك من دون جهد وفى أقل من الثانية؛ مما أسهم في زيادة عدد المشتركين على صفحة الموقع على «تويتر» بنسبة 50%، وزيادة نسب تصفح الموقع بنحو ١٣٠٪.
في هذا الإطار، جاءت الدراسة المهمة للدكتورة بسنت عطية المدرس بكلية الإعلام واللغة بالأكاديمية العربية للنقل البحرى بالإسكندرية، والتى استهدفت التعرف على مدى تقبل القائمين بالاتصال في مصر لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى في مجال الإعلام. 
وتحدثت د. بسنت عن استخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعى في مجال الإعلام؛ حيث ذكرت ليزا جبس، مسئولة إستراتيجية الذكاء الاصطناعى في وكالة «أسوشيتدبرس»، في منتدى الإعلام العربى بدبى ٢٠١٨: «إن الذكاء الاصطناعى يحمل كثيرًا من التطوير لعالم الصحافة والإعلام على صعيد الكم والكيف، حيث يمكن استخدامه لإنتاج كم هائل من القصص الإخبارية، مقارنةً بما تنتجه وكالات الأنباء، من خلال تحويل البيانات والأرقام إلى نصوص، وكذلك تحويل النصوص إلى فيديوهات تلخص الحدث، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى لعمل قوالب متعددة تعالج نفس الخبر من جوانب متعددة، كعمل تغريدات وعناوين، وتلخيص مختصر للقصة الخبرية، وكتابة نُبذة عن أبطال الحدث، مشيرة إلى دخول الذكاء الاصطناعى بقوة في عالم الترجمة من خلال ترجمة الفيديوهات والنصوص إلى أكثر من لغة، وإنتاجها بوسائط متعددة لتناسب كافة المنصات والأجهزة الذكية، ومساعدة الصحفيين في التعرف على أسماء المسئولين من خلال تقنيات التعرف عبر الصور».
وهناك منصات إخبارية عريقة أخرى تعمل على مشروعات تقنية متقدمة لتطوير عملية استخراج المحتوى الإخبارى وكتابة القصص والأخبار الصحفية، مثل «واشنطن بوست» التى طورت مفهوم الصحافة الآلية، ومنصة «سى إن إن» التى تستخدم نظام «شات بوت» أو «الدردشة الآلية» لإرسال تقرير يومى للحسابات في «فيسبوك ماسنجر» عن أهم الأخبار المهمة بناء على اهتمام الجمهور، كذلك تقوم صحيفة «الجارديان» بالشيء نفسه، أما صحيفة «نيويورك تايمز» فهى تعمل أيضًا على تقليص عمليات بناء القصص الصحفية والأخبار عبر مشروع محررEditor، الذى يقوم على تحليل المحتوى وفهمه عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويرى خبراء الصحافة أن الصحفيين يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات وفقًا لموقفهم من صحافة الروبوت؛ الفئة الأولى تعتقد بأن الروبوتات لن تحل محل الصحفيين البشر؛ لأنها تواجه قصورًا حاسمًا بالنسبة للأدوار التى يمكن أن تقوم بها على الصعيد الصحفي. وثمة شك كبير في أن الروبوتات ستكون قادرة على فهم الفوارق البسيطة أو الدقيقة أو قراءة ما بين السطور، وهى الخطوات الرئيسية في تحديد عناصر القصص الإخبارية، إلى جانب ذلك فالروبوتات لا تستطيع تحمل المسئولية عن محتوى القصص الإخبارية التى تُعِدُّها؛ لأن هذه العملية تتطلب استقلالية أخلاقية، الأمر الذى لا يتوفر لدى الروبوتات. 
أما الفئة الثانية من الصحفيين فتقف موقفًا عدائيًّا واضحًا من صحافة الروبوت، وتعمل على مقاومتها، وتعتبرها منافسًا لها، فضلًا عن رفضها لصحافة الروبوت باعتبار أنها ستكون سببًا محتملًا لتخريب نوعية الصحافة، وتنظر هذه الفئة بعين الريبة للأفكار التى يتم تداولها، والتى تشير إلى أن الإقبال على صحافة الروبوت سيتيح للصحفيين التركيز على كتابة مقالات وقصص أكثر عمقًا.
وتنظر الفئة الثالثة إلى صحافة الروبوتات بشكل إيجابي، ويعترف مؤيدو هذه الفئة بوجود حدود لهذا النوع من الصحافة، وتقدِّم هذه الفئة سيناريوهات إيجابية، من بينها أن صحافة الروبوت تساعد على ظهور قصص إخبارية منقحة، وتطوير أخبار متعمقة، كما تتيح للصحفيين أوقاتًا إضافية للقيام بمهمات أكثر أهمية مما يمكن أن تقوم به صحافة الروبوت.
وبشكلٍ عام، يمكن تقسيم وظائف الذكاء الاصطناعى في الإعلام إلى خمس وظائف أساسية، هى استخراج البيانات وتحسين البحث، واختيار الموضوعات وشخصنة تجربة المستخدم، وفهم ردود الفعل البشرية وتعليقات الجمهور، وكتابة النصوص الإخبارية، ومكافحة الأخبار المزيفة.
ونستعرض في الأسبوع المقبل مدخلًا جديدًا لتطوير المحتوى الصحفي.