قال الدكتور نديم الملا المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ، إن الوقت لا يزال متاحا لإنقاذ الوضع الاقتصادي للبلاد، مشددا على وجوب اتخاذ مجموعة من الخطوات الإصلاحية الأساسية في هذا الصدد قبل انتهاء مهلة الأشهر الستة التي حددتها وكالة التصنيف الائتماني الدولية ستاندرد آند بورز لتقييم الوضع المالي للبلاد.
واعتبر الملا - في حديث له اليوم لإذاعة صوت لبنان - أن الكرة في ملعب القوى السياسية التي تتألف منها الحكومة، للبدء في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الضرورية.
وأشار إلى أن إنجاز موازنة العام المقبل 2020 في مواعيدها الدستورية، متضمنة تخفيض مستوى العجز والإنفاق العام، يمثل أهمية كبرى، باعتبار أن هذه الخطوة تمثل إشارة إيجابية للمجتمع الدولي والدول المانحة ومؤسسات التصنيف الدولية حول جدية لبنان في معالجة مشاكله الاقتصادية والمالية.
ولفت إلى أن لبنان أمام منعطفين يتمثلان إما بالاتفاق على الحلول المنظمة والتي من شأنها معالجة الأزمة الاقتصادية التي تكاد تعصف بالبلاد، أو أن يتعرض لفرض الحلول عليه من الخارج، لأن البلاد لا تمتلك رفاهية الوقت. مضيفا: "الانهيار حال وقوعه لن يميز بين الطوائف والمذاهب".
وقال إن حديث المبعوث الفرنسي المكلف بمتابعة تنفيذ مؤتمر (سيدر) بيير دوكان خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، تركز على عدم تخلي الدول المانحة عن لبنان بما يعني أن المساعدات والمنح والقروض التي أسفر عنها مؤتمر سيدر لا تزال مستمرة، إلى جانب أهمية الجدية والسرعة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من قبل الدولة اللبنانية.
وأكد أن الخطة الموضوعة في إطار إعلان حالة الطوارىء الاقتصادية الراهنة، تقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والعمل على خصخصة بعض الإدارات بهدف تخفيض خدمة الدين وعجز الموازنة.
وشدد على ضرورة تغيير "آلية عمل الدولة" باعتبار أنه لا توجد ثمة حلول سحرية ستنقذ لبنان من الانهيار الاقتصادي، وأن الوضع يقتضي تكثيف العمل الحكومي وعمل مؤسسات الدولة، لافتا إلى أن الحريري بصدد طرح المرحلة الأولى لمشاريع مؤتمر سيدر على الحكومة ومن ثم مجلس النواب، وأن الوضع الحالي يتطلب إنفاق بحدود ملياري دولار على المشاريع الاستثمارية لتحريك العجلة الاقتصادية.
وأثنى مستشار رئيس الحكومة على حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) رياض سلامه، مشيرا إلى أن الأخير يبذل جهدا استثنائيا في سبيل الحفاظ على الاستقرار النقدي وتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، لافتا في هذا الصدد إلى أن المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية يريدان الاستقرار الاقتصادي والمالي والسياسي في لبنان.
ويعول لبنان بصورة كبيرة على المساعدات المالية التي أُقرت خلال مؤتمر باريس الدولي (سيدر) الذي عقد في شهر أبريل من العام الماضي 2018 ، لتجاوز الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي يمر بها، حيث أسفر المؤتمر عن منح وقروض ميسرة قدمتها الدول الداعمة والمؤسسات الدولية، بقيمة تقارب 12 مليار دولار لصالح لبنان لدعم اقتصاده والبنى التحتية به، شريطة إجراء إصلاحات مالية واقتصادية وإدارية جذرية.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد ترأس الإثنين الماضي اجتماعا اقتصاديا بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ورؤساء الأحزاب والتيارات والقوى السياسية اللبنانية الرئيسية، وتم خلاله التوافق على إعلان "حالة طوارىء اقتصادية" لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العنيفة التي تمر بها البلاد، وإقرار خطة إصلاح مالي متوسطة المدى تمتد لـ 3 سنوات (حتى عام 2022) .