الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ملف الدواء.. وتحية لرئيس الوزراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أحسن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بعقد اجتماع خاص لمتابعة ملف صناعة الدواء المصرى بحضور وزراء «الصحة – الصناعة وقطاع الأعمال» وقد أعلن سيادته بأن هذا الملف سوف يكون محل اهتمامه.
ومن هنا يصح أن نتذكر معًا بأن هذا الملف مهم جدا للمواطنين المصريين والصحة العامة خصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة من كبار السن والمحالين على المعاش، فضلا عن مرضى العمليات الجراحية والخطرة إضافة إلى إنقاذ حياة المواطنين الذين يتعرضون للحوادث والإصابات الخطيرة.
ولعله من المفيد أن نذكر أن تاريخ صناعة الدواء فى بلادنا يرجع إلى ١٩٣٩ حيث ساهم طلعت حرب باشا فى بناء صروح صناعة الأدوية فى مصر أى أكثر من ٨٠ عامًا فى بلادنا.
حيث كانت سمعة الدواء المصرى الأولى فى مصاف دول العالم المهتمة بصناعة الدواء، فضلا عن السمعة الراقية للدواء المصرى فى أفريقيا وآسيا وبعض دول أوروبا ونذكر هنا أن الحكومة تمتلك ١١ شركة لصناعة الدواء منها ٨ شركات تقوم بصناعة الدواء و٣ شركات أخرى للتعبئة والتوزيع.
أولًا: نفتخر أن الدواء المصرى كان يغطى احتياجاتنا الدوائية كما يكفى لتصدير الباقى ومن هنا تجدر الإشارة إلى أن المورد الأساسى للدواء المصرى لكافة المستشفيات العامة والخاصة والوحدات الصحية فى مصر كان من الدواء المصرى فضلا عن علاج كافة المرضى وطلاب المدارس والعاملين فى شركات قطاع الأعمال وموظفى الدولة بكل قطاعتها.
كما كان للدواء المصرى دور فعال فى جميع معاركنا الوطنية وآخرها المساهمة الفاعلة فى إنقاذ المصابين فى العمليات الحربية من جنودنا الأبطال حتى حرب أكتوبر عام ١٩٧٣ الذى نجحت فيه الإدارات الطبية بالقوات المسلحة المصرية من القيام بدورها تجاه رجالنا الأبطال.
ثانيا: إنه بعد الحرب وبداية الانفتاح الاقتصادى ١٩٧٤ وقد بدأت بيع الشركات الحكومية وتخسير القطاع العام فى مصر وخصوصًا شركات الأدوية المصرية المنتجة للدواء والتى تعرضت للخسائر بعد أن كانت تستحوذ على ٩١٪ من السوق المصرية وانخفضت الحصة الحالية للشركات الحكومية إلى ٨٪ فقط بسبب عمليات التخريب وحصار الشركات الحكومية وأصبح القطاع الخاص يسيطر على ما يزيد على ٩٢٪ الآن من صناعة وتجارة الأدوية.
وغنى عن البيان أن حجم مبيعات شركات الأدوية الحكومية حتى العام الماضى ٢٠١٨ قد بلغ «١.٩ مليار جنيه» مبيعات لتلك الشركات الحكومية «القاهرة – الإسكندرية – سيد – النيل – المصرية للأدوية – المصرية لمستحضرات التجميل – النصر للكيماويات ومنفيس».
بينما وصل حجم المبيعات لشركة نوفارسث السويسرية الخاصة وحدها ما يقرب من «٥ مليارات جنيه» وهو ما يعنى أن الشركات الحكومية كلها باعت أدوية بنسة ٢٥ ٪ فقط أمام شركة واحدة خاصة.
كما تكشف تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات حجم الخسائر التى تتعرض لها الشركات الحكومية بسبب الكثير من القيود وفرد الكثير من الضرائب أمام التسهيلات الخاصة للقطاع الخاص والاستثمارى، مما أدى إلى فجوة كبيرة فى إهمال الكوادر الفنية من عمال وكميائيين وأطباء ومهندسين تعمل بشركات الأدوية الحكومية.
يضاف إلى ذلك عمليات التهريب للأدوية ومستحضرات التجميل مع منح العديد من التسهيلات للقطاع الخاص الذى توسع وتوغل إلى حد إنشاء سلاسل للصيدليات تساهم فى احتكار الأدوية وزيادة الأرباح وقد تحولت تلك السلاسل إلى تجارة أكثر منها تقديم خدمات.
وأمام ما يحدث من نزيف فى صناعة الأدوية والشركات الحكومية فإن لم نسمع إلا تصريحات لبعض المسئولين حول التطوير ويكفى الإشارة هنا إلى تصريح وزير قطاع الأعمال أشرف الشرقاوى السابق فى أبريل ٢٠١٧ أنه قد أعد خطة متكاملة لتطوير الشركات الأدوية المصرية والتصريح الثانى للمهندس هشام توفيق وزير قطاع الأعمال الحالى فى نوفبر ٢٠١٨ أن الوزارة لديها خطة للنهوض للشركات الأدوية التابعة للدولة.
وللأسف ظلت التصريحات حبرًا على ورق بينما يعانى المرضى من المواطنين من المشكلات المتعلقة بنقص الأدوية والتى تظهر بشكل أزمات مستمرة على سبيل المثال فى أزمات أدوية مرضى السكر والحوامل من السيدات وتطول حتى مشكلة توفير الألبان للأطفال.
فضلا عن التصريحات لبعض المسئولين من صناع الأدوية ووزارة الصحة والصناعة وقطاع الأعمال بأننا جادون فى تطوير صناعة الدواء فى مصر.
وتناسى الجميع المادة ١٨ من الدستور التى أكدت على «حق المواطن فى الصحة والرعاية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة وكفالة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها.. وتخضع جميع المنشآت والمنتجات والمواد ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة».
كما أن يحسب للبرلمان المصرى أنه قد أصدر القانون رقم ١٥١ لسنه ٢٠١٩ بإنشاء هيئة الدواء المصرية وذلك فى الاختصاصات المنصوص عليها فى القانون رقم ١٢٧ لسنه ١٩٥٥ فيما يخص توفير المستحضرات والمستلزمات الطبية للأزمة لتقديم خدمات الرعاية الصحية اللازمة.. للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبى وإدارة التكنولوجيا الطبية وإنشاء الصيدليات داخل المستشفيات وبشأن مزاولة مهنة الصيدلة وهو القانون الذى صدق عليه السيد رئيس الجمهورية فى ٢٨ أغسطس الشهر الماضي.
عمومًا إن صناعة الدواء المصرى وتطويره والاهتمام بصناعة واستحداث الأدوية الحديثة خدمة للمواطنين وتوفير الاحتياجات المحلية من الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى أمر مهم من اجل الصحة العامة وعلاج المرضى وضرب الاحتكار مع ضرورة المشاركة والأهمية بمواجهة تهريب الأدوية أو مكافحة أساليب الغش التجارى وهو أمر يجب أن تهتم به أيضا لجنة الصحة بمجلس النواب.
وقد نوهنا من قبل فى طلب إحاطة إلى رئيس الوزراء الأسبق المهندس شريف إسماعيل فى مارس ٢٠١٦ حول مشكلات ارتفاع أسعار الدواء المستورد والذى يزيد الأعباء عن المرضى وكبار السن وأصحاب المعاشات ومرضى الشيخوخة والأمراض المزمنة وأن المواطن الفقير يتكبد بسبب نقص الأدوية مع ارتفاع أسعارها ومع ظاهرة تهريب الأدوية التى تهدد الاقتصاد الوطنى والمخاطر على الصحة العامة.
ومن هنا نتوجه بالتقدير للسيد رئيس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى باهتمامه بهذا الملف الذى نأمل أن يكون موضوع متابعة مستمرة حتى تتم إعادة هيبة وتحسين وجودة الدواء المصرى من أجل الصحة العامة التى نريدها الأفضل للمواطن المصري.