التسويق هو كل شيء - فالدولة تحتاج إلى التسويق لها ولإنجازاتها ولفرص الاستثمار بها، وكذلك لكى تقوم بعملية بناء صورة ذهنية لها لدى الرأى العام الدولى والأنظمة السياسية المختلفة، ومن أكثر القطاعات المستفيدة من التسويق الدولى للدول هو قطاع السياحة، كذلك أى منتج أو مؤسسة أو شخصية عامة تحتاج إلى التسويق، وهناك الكثير من الأبحاث والدراسات حول طرق صناعة النجم أو القائد، وهى في الأساس عملية تسويقية بحتة قد يستخدم بها أدوات عديدة، حتى أنت دائمًا تحتاج إلى أن تسوق نفسك على حسب دائرة علاقاتك واتصالاتك وأهدافك من العملية التسويقية.
ومع التغيير السريع الذى يحدث في العالم في كل شيء أدى إلى تغيير طرق التسويق، فأصبح التسويق الرقمى أهم طرق التسويق في العالم فهو الأكثر فاعلية والأهم والأرخص.
وقد رأينا كيف استخدم التسويق الرقمى والإلكترونى عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير مسار نتيجة انتخابات رئاسية في بعض الدول العظمي، كما لمسنا بأنفسنا، كيف استطاع التسويق الإلكترونى أن يغير الصورة الذهنية المرتبطة لدينا فيما يخص شخصية عامة أو فكرة أو منتج أو توجه.
لكن السؤال الآن، لماذا التسويق الرقمى أصبح الأهم؟ وما الفرق بينه وبين التسويق الإلكترونى؟ هل هما مترادفان؟ وما يميزه عن طرق التسويق التقليدية بما فيها التسويق عبر التلفاز والجرائد والمجلات؟ ولماذا يتجهه إليه أكبر وأشهر الشركات العالمية؟
التسويق الديجتال أو الرقمى هو مفهوم أكبر وأوسع من مفهوم التسويق عبر الإنترنت e-markting، فهما ليسا مترادفًا، بل إن التسويق عبر الإنترنت هو أحد أدوات التسويق الرقمي، فالتسويق الرقمى يضم كل أدوات التكنولوجيا الحديثة والتى أحيانا لا تحتاج للإنترنت مثل (sms-mobile app) وغيرها من الأدوات التى قد لا تحتاج للاتصال بالإنترنت لكنها أداة رقمية، فأبلكيشن الموبيل تحتاج لإنترنت لكى تقوم بتحميله على الهاتف، لكن كثيرا من تلك المنصات لا تحتاج لإنترنت لكى تعمل وتستطيع أن تستخدمها دون الاتصال بالإنترنت.
رغبت في البداية بتوضيح تلك النقطة المهمة لأن هناك سوء فهم لبعض الناس التى لا تستطيع أن تفرق بين التسويق الديجتال والتسويق الإلكتروني، فالتسويق الإلكترونى هو بالضرورة تسويق رقمى، ولكن ليس بالضرورة أن يكون التسويق رقميا هو إلكتروني.
أما ما يميز التسويق الرقمى عن طرق التسويق التقليدية... القدرة على الوصول إلى العميل المستهدف بدقة شديدة فتستطيع تحديد جمهورك جغرافيًا وزمنيًا، بمعنى أنك تستطيع تحديد المنطقة الجغرافية التى ترغب في استهدافها بدقة شديدة، كذلك تستطيع التحكم في موعد ظهور وتفعيل التسويق الإلكترونية في أوقات محددة تستطيع تحديدها طبقًا لأوقات الذروة والمناسبة التى تحددها طبقًا لطبيعة العميل، كما أنك تستطيع الوصول إلى شريحة عمرية محددة وفئات ذات اهتمامات ورغبات أو توجهات محددة بدقة، بل إنك تستطيع الوصول إلى شخص محدد تستهدفه، وتحديد من تريد أن تصل إليه وفى أى وقت تريده. هذه الميزة لن تجدها في طرق التسويق التقليدية؛ فمثلا الإعلان التليفزيونى والإذاعى أو إعلانات الأوت دور، لا تستطيع من خلالها تحديد عميلك المستهدف بدقة فهو إعلان وإعلام يصل للمستهدف ولغير المستهدف، فليس كل ما يعلن ونراه هو بالضرورة من اهتماماتنا جميعًا، فنحن نختلف عن بعض في اهتماماتنا ورغبتنا وميولنا، وكذلك ليست أعمارنا واحدة، ولكل عمر أسلوب مختلف في كيفية الوصول إليه في العملية التسويقية وطريقة إقناعه، وفى هذه النقطة بالتحديد تجد أنك من خلال التسويق الرقمى تستطيع أن تحدد الطريقة المناسبة في الإقناع حسب عمر العميل وميوله وتوجهاته، وكذلك نوعه، هل هو امرأة أم رجل. فتحقق ما هو مستهدف.
من أهم ما يميز التسويق الرقمى هو قدرتك على التواصل المستمر مع العميل قبل وأثناء وبعد عملية البيع، فأنت دائما على تواصل معه وتستطيع محادثته وبناء علاقة تواصل معه لكى يكون عميلا دائما إذا رغبت في ذلك، مما يتيح لك أن تكون قادرا على استطلاع رأى العميل والعميل المحتمل في ما ترغب في معرفته لكى يساعدك في اتخاذ القرار، وتستطيع أيضًا دراسة قوة أو ضعف المنافسين من خلال ردود وآراء العملاء على المنصات الإلكترونية، ولكن التسويق التقليدى لن تجد فيه تلك الميزات التى تخص التواصل الجيد مع العميل واستطلاع آرائه.
كما أنك تستطيع البيع دون أن تمتلك متجرا، فليس بالضرورة أن يكون لديك منفذ بيع، فهناك متاجر إلكترونية تفوقت في الأرباح والقوة عن المتاجر التقليدية. مثل منصات السياحة الإلكترونية لحجز إقامات الفنادق والشقق الفندقية أو تذاكر الطيران وحتى تأشيرات السفر لكثير من الدول، أصبحت تحقق أرباحا ومبيعات لم تحققها شركة سياحة من قبل، وقد نجد كثيرا من أصحاب شركات السياحة يرددون أن الخطر على شركات السياحة قادم من المتاجر الإلكترونية، فكل شيء متاح وسهل للعميل من موقعه دون الحاجة أن ينتقل لمكانه، ويستطيع أن يستفسر عن ما يريد في أى وقت ويتلقى إجابة سريعة، كما يستطيع دفع الأموال من مكانه دون الحاجة لهدر الوقت، وقد ساعد في ذلك التغيير الثقافى الذى يحدث الآن وسرعة التقدم التكنولوجي.
وقد ساعد التسويق الرقمى كثيرا من الناس في تحقيق المستهدف بأقل التكاليف فهو «الأرخص»، قارن بين قيم وسعر إعلان في قناة فضائية أو صحيفة، وإعلان ممول على فيس بوك مثلا. من الأرخص ومن يستطيع أن يصل إلى العميل المستهدف بدقة. وهل تستطيع أن تسوق لمنتج أو لشىء عبر وسائل التسويق التقليلدية دون أن تمتلك منفذ بيع وكيان شركة أو مؤسس.
لذلك علينا مضاعفة التوجه والاهتمام بالتسويق الإلكترونى والرقمى، والنظر إليه بنظرة مختلفة، والأهم أننا نحتاج إلى تشريعات وقوانين ليكون كل شيء تحت مظلة الدولة.