الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

البر الغربي.. حكاية "مسلات" الملكة "حتشبسوت"

البر الغربي
البر الغربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت "المسلات" في الحضارة المصرية القديمة موضعًا للعبادات الشعبية، لاسيما خلال فترة الدولة الحديثة، وقبل أن تتولى الملكة "حتشبسوت" الحكم، أمرت بإقامة مسلتين من جرانيت محاجر أسوان، فكانت المسلات تقام عادة مثنى مثنى أمام صروح المعابد، وكانت تُعد بمثابة هدية من الملك الإله "الشمس" وتحمل جوانبها الطويلة أعمدة من الكتابات الهيروغليفة تشرح ظروف بناء المسلة، والاحتفالات الخاصة بذلك، والصلوات التي تضمنتها هذه الاحتفالات. 
كما كانت المسلات تُعد في بعض الأحوال هدفا للعبادة في حد ذاتها، فيقدم لها الناس الصلوات بل كانوا يطلقون عليها أسماء بعينها. 
وفي عصر الدولة الحديثة أقام الملك "تحتمس الأول" ومهندسه "إنيني" مسلتين في معبد الكرنك، وأرادت الملكة "حتشبسوت" اتباع والدها وقامت بعمل مسلتين نُقش على إحدهما "إن والدك، ملك مصر العليا والسفلي، قد أعطى الأمر بإقامة المسلات"، فكان تقطيع المسلات ونقلها وإقامتها، يُعد عملًا ماهرًا يفوق كل تصور، من حيث عملية التنظيم والبناء الهندسي وفق المعايير الهندسية لعصرنا الحالي، لأنه لم يتوافر للمصري القديم الآلات والمعدات اللازمة لتساعدهم على بناء وتشييد المسلات، ولهذا يُعد صنعها وبنائها عملا رائعا، فكانت كل مرحلة من العملية كانت تتم بالاعتماد على القوىة اليدوية فقط، والذي مكن المصري القديم من ذلك هو قدرته الفائقة على تنظيم الأفراد كل الاتقان، حيث إنه من الممكن أن يكون هناك الألوف من العمال المتاحين، وكان يدرك الجميع أن مشاريع بهذه الكيفية قد تستغرق وقتا طويلا لتنفيذها. 
وكان العمال يقومون بعمل ثقوب غائرة حول الكتلة المطلوب تقطيعها وفصلها لعمل مسلة من الجرانيت، ثم يملأون هذه الثقوب بأسافين من الخشب ثم يشبعونها بالماء حتى يتمدد الخشب مما يؤدي إلى إحداث كسر فتنفصل الكتلة من الصخرة الجرانيتية، وعندما ينفصل الحجر يتم سحبه من المحجر إلى شاطئ النيل، وهناك يتم تحميله على سفينة نقل ضخمة، ويتم سحبها لتسير مع التيار المائي شمالًا إلى مدينة طيبة. 
وقد استغرق الحفر في مسلتي الملكة حتشبسوت سبعة أشهر، وكان تحت الإشراف الكامل لـ "سنن موت" المهندس المشرف على مشروع المسلات، حيث قام بكتابة نقش في المحجر يُشير إلى أنه ذهب إلى هناك من أجل الإشراف على العمل في مسلتي "حح" العظيمتين. 
ونجد في معبد حتشبسوت الجنائزى سفينة نيلية ضخمة ونشاهد عليها المسلتين مربوطتين على متنها، ويقوم بسحب السفينة سبعة وعشرون مركبةً، على كل منها ثلاثون شخصًا يقومون بالتجديف، كما نجد هناك ثلاثة مراكب صغيرة تسير في موازاة السفينة الضخمة، تحمل كهنة يؤدون الطقوس الدينية، كما يصاحب النقش كتابة توضحان الجميع كانوا يبحرون مع التيار بقلب مسرور". 
أما المشهد الثاني فيصور وصول السفينة إلى طيبة، ويقف على حدة ضفتي النهر عدد ضخم من الجنود ينتظرون لإنزال المسلات.