الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بين طهران وتل أبيب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في اليوم التالى لاستهداف حزب الله آلية عسكرية إسرائيلية بمنطقة «افيفيم» الحدودية، حاول حسن نصر الله زعيم ميليشيا حزب الله تصدير صورة معينة عن عمليته المحدودة والمدروسة بحسب تعبير مراقبيين ومحللين، بينما تناقلت وسائل إعلام عربية وروسية وإسرائيلية خبر توسط اربعة ضباط تابعين للاستخبارات الروسية بين حزب الله وإسرائيل عقب استهداف الأخيرة مقرا لعناصر الحزب في ريف دمشق وسقوط عنصرين تابعيين للحزب هما حسن زبيب وياسر الضاهر واللذين حملت المجموعة التى قامت باستهداف الآلية العسكرية اسميهما.
وقد جاء في تفاصيل الخبر أن الضباط الروس قاموا بنقل رسائل متبادلة بين الجانبين ليصلوا في نهاية الأمر إلى اتفاق يقضى بأن يقوم حزب الله بعملية محدودة لا تؤدى إلى دخول الطرفان حربا لا يرغب كل منهما فيها.
وجاء رد فعل إسرائيل العسكرى ليؤكد صحة مضمون الخبر؛ فرغم إطلاقها نحو 100 قذيفة مدفعية باتجاه المناطق والقرى الحدودية اللبنانية إلا أنها استهدفت أماكن بعيدة عن تمركزات عناصر حزب الله ومنازل المدنيين لتحدث انفجاراتها بعض الحرائق المحدودة داخل الأحراش.
وبعد أقل من ساعتين من قصف حزب الله أعلنت إسرائيل انتهاء العملية العسكرية لتؤكد أنه لا مصابيين ولا قتلى جراء تدمير المدرعة، بخلاف ما أعلنه بيان حزب الله فور تنفيذ العملية وما أكده حسن نصر الله لاحقا.
وبعد لغط دار في الإعلام الإسرائيلى حول قيام الجيش الإسرائيلى بعمل مسرحية المصابين اللذين تم نقلهما إلى أحد المستشفيات العسكرية أكد المراسل العسكرى لصحيفة «هاآرتس» إن العربة العسكرية كانت تستخدم في أغراض الإسعاف الطبى وأنها سلكت أحد الطرق التى حذرت قيادات الجيش السير فيها وذلك بطريق الخطأ مما أدى إلى أصابتها بإحدى الشظايا مشددا على أن الصدفة وحدها كانت وراء نجاة الجنود الخمس الذين كانوا يستقلونها.
وبعيدا عن التضارب بين تصريحات الجانبين بشأن سقوط ضحايا إسرائيليين من عدمه، ثمة شواهد عديدة تؤكد أن ما جرى مجرد تمثيلية متفق عليها بوساطة روسية ؛ فبينما أكد نصر الله أنه لن يسمح لاختراق طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المسيرة للأجواء اللبنانية أكدت وكالة الأنباء الليبنانية الوطنية تحليق طائرة استطلاع إسرائيلية مسيرة فوق الجنوب اللبنانى مساء الأحد ليتبعها صباح الإثنين منطاد إسرائيلى تجسسى دون أى رد فعل من جانب عناصر حزب الله.
الشاهد الثانى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى جانب قادة عسكريين إسرائيليين أكدوا أن منظومة الصواريخ الدقيقة التى أعلن حزب الله مؤخرا امتلاكها تشكل التهديد الأول للمدن الإسرائيلية ليأتى بعدها السلاح الإيرانى النووى، ثم الأذرع الإيرانية في كل من العراق وسوريا واليمن، ومع ذلك لم تستهدف المدفعية أو سلاح الطيران الإسرائيليين تلك المنظومة عقب استهداف الآلية العسكرية بل إن أحد القادة العسكريين في الجيش الإسرائيلى قال للقناة 12 الإسرائيلية أن عدم نجاح نصر الله في إصابة أو قتل جنود إسرائيليين كان سببا مباشرا في نجاة منظومة صواريخه الدقيقة، مؤكدا أن الصواريخ المائة التى أطلقتها إسرائيل على أطراف المناطق الحدودية اللبنانية قد حققت نتائجها السياسية والعسكرية.
اللافت هنا أن كلا من إسرائيل وحزب الله كان قد هدد الآخر بإعادته إلى العصور الحجرية، لكن ما جرى يؤكد أن نصر الله ليس سوى أداة لما يمكن وصفه بالحوار العنيف بين كل من إسرائيل والولايات المتحدة من ناحية وإيران من ناحية أخرى؛ شأنه في ذلك شأن الحشد الشعبى في العراق والحوثى في اليمن.
والمتابع للصراع في منطقة الخليج بين الولايات المتحدة وإيران يكتشف تماثل التهديدات والتحرشات المتبادلة بين واشنطن وطهران وتلك الحادثة بين إسرائيل وحزب الله.
ضجيج بلا طحين يتوقعه كثيرون، يتمثل في حرب ضروس لا تبقى ولا تذر، لكن تحت الرحى وبغطاء من ذاك الضجيج يدور حوار بين الأعداء الحلفاء؛ لإنتاج طحين مختلف يتجسد في تفهمات جديدة.
لا غنى لإيران عما اسمتها بالشيطان الأكبر، أو شقيقتها الصغرى إسرائيل فبفضلهما تمد أذرعها في منطقة الشرق الأوسط شمالا في العراق وسوريا ولبنان وجنوبا في اليمن وإلا لماذا سلمت أمريكا العراق للمرشد الأعلى عقب إسقاطها نظام الرئيس الراحل صدام حسين وتركت أذرعها في سوريا واليمن تقوى حتى يخرج علينا الحرس الثورى الإيرانى ليؤكد أن خمسة جيوش في المنطقة تؤيد نظام الملالى عقائديا ومعنويا؟! 
كذلك لاغنى لواشنطن وتل أبيب عن راعية الإرهاب الأولى بحسب وصفهما لإيران، فالأخيرة عملت عبر ذراعيها حزب الله وحماس على تشتيت انتباه العالم عن القضية الفلسطينية بخلق نقاط اشتعال يعمل الجميع كسيارة إطفاء لمقاومة حرائقها بخلاف مساعدة طهران للولايات المتحدة لابتزاز دول الخليج وإعطائها ذرائع لا تنتهى لنقل ترسانة عسكرية وأساطيل حربية يصل تهديدها إلى الصين في سياق الحرب التجارية المشتعلة بينهما بحسب تأكيدات أغلب المحللين والمراقبين لطبيعة الصراع في منطقة الخليج العربى.
إذا كان نصر الله قادرا على إعادة إسرائيل إلى العصر الحجرى، وحريصًا على سيادة بلده فلماذا لم يذهب إلى تحرير مزارع شبعا اللبنانية؟!