الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هادي و«الإصلاح» والمؤامرة على اليمن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بالنظر إلى ما يلخص المشهد في الحرب الدائرة الآن في عدن، التى تمكنت فيها الإمارات من صد هجوم الميليشيات القريبة من جماعة الإخوان، فإن حزب الإصلاح الإخوانى تمكن من إقناع السعودية، بقدرته على مواجهة الحوثيين، وصار في السنوات الماضية هو المهيمن على حكومة هادي، وكان يحاول أن يؤسس لنفسه وجودًا تنظيميًا وسياسيًا وعسكريًا في المشهد الجنوبي، حيث تمكن من السيطرة على تعز، ومأرب، وافتتح مصرفًا خاصًا له، وبدأ في إدخال الأتراك، بل واستحوذ على المناصب ومراكز النفوذ، وسيطر تقريبًا على قرار الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي، وفقًا لمحللين ومصادر يمنية.
من هنا جاءت تصريحات الشيخ محمد بن زايد التى نقلتها وسائل إعلام كثيرة، أن الإمارات لن تسمح للإصلاح وتجار الحروب أن يستنزفوا اقتصاد الخليج. كما قال صالح النود المتحدث باسم المجلس الانتقالى الجنوبي، لرويترز، إن السبيل الوحيد لخروج «الشرعية» من مأزقها هو إخراج جميع عناصر حزب الإصلاح الإخواني، الذى يعد من أركان حكومة هادي.
الإخوان حلفاء مع الحوثيين
ويعتقد مراقبون أن حزب الإصلاح له أداء معيق لتوحيد الجبهة المناوئة للحوثيين وإرباكها بالمناورات والحسابات الفصائلية الخاصة، فضلا عن إعاقة عمل التحالف العربى والتخطيط لتشويه صورته وإظهاره بمظهر العاجز عن تحقيق نتائج على الأرض والسعى بشكل متكرر لدق الإسفين بين طرفيه الرئيسيين السعودية والإمارات.
على ذكر ما سبق فمع انقلاب الحوثيين مع حليفهم صالح على الشرعية في اليمن عام ٢٠١٥، كانت المواقع العسكرية التى يسيطر عليها قياديون من الإخوان تسقط بيد الانقلابيين دون قتال خاصة تلك المواقع في محافظة عمران شمالى البلاد.
ورغم قوتهم العسكرية، إلا أنهم لم يحركوا ساكنًا حين بدأ الانقلاب الحوثى المشترك مع صالح، حتى إن اللواء ٣١٠ وهو لواء عسكرى قوى معظم قادته وعناصره من حزب الإصلاح سقط بيد الانقلابيين من دون قتال فعلي، وفر قادة اللواء من المعركة.
ووفق ما نشرته العين الإماراتية في عام ٢٠١٥، فإنه ثبت أن جماعة حزب الإصلاح الإخوانى اليمنى يقاتلون جنبًا إلى جنب مع الحوثيين، وقد اعتبر الكاتب والباحث السياسى اليمنى على نعمان المصفرى أن جماعة الإخوان، تحولت إلى «سرطان مع (صالح) والحوثى لاستنزاف التحالف العربي». وخلال السنوات الفائتة، أثار حزب التجمع للإصلاح، الكثير من علامات الاستفهام حول انتماءاته في الحرب الدائرة منذ عامين، فتارة يعلن تأييده للقوات الشرعية المدعومة من التحالف العربى بقيادة السعودية، وتارة أخرى يفتح صفحة جديدة» مع الحوثيين.
ورغم ادعاء الإخوان أنهم يقاتلون إلى جانب المقاومة الشعبية المؤيدة للشرعية، كشفت مصادر بالجيش اليمني، نشرتها رويترز في عام ٢٠١٧، العثور على جثث لمقاتلين بحزب الإصلاح قتلوا أثناء القتال في صفوف الحوثيين.
الإخوان تلعب بكل الأطراف 
ولعب الإصلاح الإخوانى بالرئيس هادى منصور، لأنه اعتقد أن الحسم العسكرى للحرب في اليمن لصالح التحالف يضعف إمكانية حصولهم على مكاسب سياسية، وهذا يدفعهم للتركيز على المفاوضات السياسية التى سوف تدفع بهم كطرف مفاوض، في حين أن الحسم العسكرى قد يستثنيهم. وقد دعم الإخوان ممثلين في حزب التجمع اليمنى للإصلاح، الذراع السياسى للإخوان في اليمن عاصفة الحزم، لأنها ستعيدهم إلى المشهد السياسى باليمن، أصدرت الجماعة بيانًا في ٢٧ مارس أدانت فيه تحالف صالح مع الحوثيين، مؤكدة أن القضاء عليهم سيغير موازين القوى في سوريا والعراق، لأن معنويات الميليشيات الشيعية منهارة وهذه أولى الخطوات لتحقيق النصر عليهم ودحرهم، لكنهم حين خاضوا الحرب ضد جماعة الحوثى هزموا في أولى المعارك بعمران، رغم امتلاكهم لقوات عسكرية ضخمة هى قوات الفرقة الأولى مدرع، وهرب بعضهم إلى تركيا وقطر والسعودية، وفكروا في الهرب للجنوب اليمنى، وتفاوضوا مع الحوثيين في لقاءات سرية بغية البحث عن مكاسب سياسية، وبعد ١٠ أيام من الحرب. 
الموقف السعودى من الإخوان
خلال السنوات التى تلت ٢٠١١، وصل إخوان اليمن إلى أعلى مراتب الجفاء مع السعودية، إلى درجة أن قيادات من حزب الإصلاح، كرئيس الهيئة العليا فيه، محمد اليدومي، حاولت لأكثر من مرة خلال العام ٢٠١٤ الالتقاء بالقادة السعوديين، ولم يستجب هؤلاء لذلك إلا بعد سقوط صنعاء بيد الحوثيين. 
وبعد سقوط عمران، وفى مظاهرة لإخوان اليمن بالسعودية، رُفعت أعلام «شكرا ملك الإنسانية» لدعم الملك عبدالله اليمن بالمشتقات النفطية. وعقب استيلاء الحوثيين على صنعاء (سبتمبر٢٠١١)، تحول شعار الحرب التى جمعت الطرفين إلى محاربة «الشيعة الاثنى عشرية»، ولأول مرة، لم يضم هذا التحالف الرئيس السابق (صالح)، بل صار خصمًا إلى جانب الحوثيين، بينما حل محله هادى الذى لا يتمتع بالنفوذ ولا بخبرات سلفه.
لم يعلن الإخوان (حزب الإصلاح) رسميا خوضه حربًا ضد الحوثيين في الحرب الداخلية، لكنه أصدر بيانا أيد فيه ضربات طائرات التحالف الذى تقوده الرياض (عاصفة الحزم) ضد الحوثيين بعد أسبوع واحد من بدء القصف على صنعاء (٢٦ مارس ٢٠١٦). 
فجأة وبدون ترتيب بدأ حزب الإصلاح المؤامرات، التى استهدف من خلالها تقسيم اليمن، وكان منها تحالفه مع القاعدة، حيث كشفت وثائق عثرت عليها قوات التحالف العربى باليمن في مدينة شبوة، عن التنسيق بين الإخوان و«القاعدة» بشكل مباشر، والتستر خلف عباءة المقاومة للقيام بأعمال إرهابية في الجنوب اليمني.
وفى تصريحات إعلامية سابقة قال الخبير السعودى إبراهيم آل مرعي، لقناة سكاى نيوز عربية، إن إيرادات الغاز استحوذ عليها حزب الإصلاح الإخوانى، ووضعها تحت تصرف القيادى الإخوانى سلطان العرادة، مؤكدًا أن التحالف العربى تعرض للخيانة في شمال اليمن، مضيفًا أن الجماعة تستخدم القاعدة وداعش لفرض مشاريعها، ضاربًا المثل بمدينة تعز حيث يوجد بها العديد من التنظيمات والفصائل الدينية، بعضها مرتبط بتنظيم «القاعدة»، والآخر بـ«داعش»، لكن ما يجمعها هو ارتباطها بجماعة الإخوان.
وظل حزب الإصلاح يلعب هذا الدور ويساهم في تعثر حسم المعركة في الكثير من الجبهات، بسبب حرصه ألا تنتهى المعركة لحساب طرف دون الآخر، حيث يحرص على الاتفاق مع كل طرف على حدة من أجل معرفة المساحة التى يمكن أن يلعب بها في يمن ما بعد الحوثي.
ومن هنا شهدنا كيف أن الإصلاح، فرع الإخوان في اليمن، شهد حالة من التناقض الغريب، فتارة يتحالفون مع الحوثيين، وتارة يتحالفون مع المملكة العربية السعودية ويؤيدون تحالفها العربي.
أحد الخبراء وهو الكاتب المصرى محمود جابر، الوثيق الصلة بالشئون اليمنية والحوثية، قال في تصريح خاص إن للإخوان علاقات بكل من قطر وتركيا اللتين تدعمان الحرب وتشاركان فيها بشكل أو بآخر، لكن الإصلاح وجدوا أنفسهم في مرمى الحوثيين فتفاوضوا معهم، في لقاءات سرية بغية البحث عن مكاسب سياسية، ولما زاد قصف قوات التحالف، أيدت الجماعة الحرب دعائيًا.
وتحدثت مصادر أن جماعة الإخوان ظلت على مواقفها المتأرجحة في دعم جبهات القتال، رغم أن عددًا من كبار قادتها أعلنوا تأييدهم لـ«عاصفة الحزم»، لكن اتضح أن هذا التأييد لم يكن سوى عبارة عن مناورة تكتيكية لامتصاص نقمة الناس ضدهم في الداخل، بعد معارك عمران والسيطرة على اللواء ٣١٠ مدرع، الذى كان يقوده اللواء حميد القشيبي، المحسوب على الجماعة، وهى المعركة التى أفضت إلى سقوط صنعاء.
الخلاصة فإن ما يحدث في عدن يتعلق بتلون جماعة الإخوان وحولاتها، وتحالفاتها التى لا تثبت على حال، فهى تتحرك وفق أجندات خاصة، تتعلق بوضع ما بعد انتهاء الحرب، وكيف يمكن أن تجنى أكبر المكاسب، وإن المواجهات الأخيرة كشفت لليمنيين خطر الإصلاح الذى يهيمن على مؤسسات «الشرعية» ويوهمها أنه القوة الأكثر تنظيمًا والأكبر عددًا، وهذا ما ثبت كذبه بعد تعرضه لهزيمة بشعة أمام ألوية العمالقة، والقوات الإماراتية.