الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن الجامعات الخاصة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أبرز المشكلات التى تواجه الجامعات الخاصة والمعاهد العليا الخاصة التى يشرف عليها مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالى هى قضية المصروفات الدراسية المبالغ فيها بدرجة غير طبيعية تفوق قدرات معظم الأهالى والمواطنين الذين يبحثون عن ملجأ لأبنائهم فى دخول كليات معينة، ولكن المجموع حال دون ذلك، فيلجأون على مضض واضطرارًا إلى الجامعات الخاصة لإلحاق الأبناء بها!
الأمر الآخر الذى يمثل خطورة وإشكالية أخرى تواجه هذه الجامعات هى عدم جودة العملية التعليمية إجمالا أو بمعنى آخر عدم وجود تعليم حقيقى يؤهل الطالب لسوق العمل فعليا، بسبب عدم توافر تدريبات عملية بشكل كبير تتناسب مع حجم المصروفات المدفوعة لهذه الجامعات وأيضا المصروفات التى تحصل عليها هذه الجامعات تحت مسمى «فتح دوسية للطالب»، أو وضع الطالب تحت قائمة الانتظار وهو مبلغ لا يرد يصل إلى 500 جنيه أو 1000 من كل طالب، دون أن يكون له حق فى استرداده فى حالة عدم قبوله بالكلية الخاصة!
وهذا الأمر ينعش خزائن الجامعات والمعاهد العليا الخاصة بمليارات الجنيهات سنويًا قبل بداية الدراسة وقبل أن تحصل على المصروفات الدراسية ابتداءً!
والمصروفات أو الرسوم السنوية التى يلزم دفعها للالتحاق بتلك الجامعات الخاصة المنتشرة داخل جمهورية مصر العربية، أمر يشغل بال طلاب الثانوية العامة لهذا العام 2019، حيث يتطلع جميع الطلاب للدخول للجامعات التى يحلمون بها وإن لم يحالفهم الحظ فى الحصول على المجموع المناسب للدخول بتلك الجامعات الحكومية وفقا للتنسيق للجامعات المصرية، فيلجأ البعض للدخول بتلك الكليات عن طريق الجامعات الخاصة بنفس التخصص العلمى الذين يحلمون بالالتحاق به، فقد ظهرت الجامعات الخاصة على غرار الجامعات الحكومية المصرية لتحقيق أحلام طلاب الثانوية العامة فى الالتحاق بالجامعات!
فمثلا مصروفات طلاب كلية الطب فى إحدى الجامعات الخاصة وصلت إلى 110 آلاف جنيه فى السنة الواحدة وهناك كلية الصيدلة وصلت إلى 100 ألف وكلية الهندسة مثلها والإعلام 80 ألفا فى السنة بشكل مبالغ فيه دون أن تقدم هذه الجامعات خدمة تعليمية حقيقية تتناسب مع المبالغ المالية الطائلة المدفوعة كمصروفات لهذه الجامعات!!، والتى تتعمد فيها الجامعات الخاصة فرضها على أولياء الأمور دون تدخل من الوزارة أو المجلس الأعلى للجامعات المشرف على الجامعات الخاصة التى وصل عددها إلى 27 جامعة خاصة و108 معاهد عليا خاصة!
فلا يزال هناك بعض الجامعات الخاصة ليس بها أماكن للتدريب العملى، مثل كليات الطب والهندسة والعلوم، ولا تزال المعامل الدراسية متهالكة وليس بها استوديوهات تدريبية لطلاب إعلام على سبيل المثال وغيرها من الأمور التى تحتاج إلى ضبط ومتابعة وإشراف حقيقى من قبل المجلس الأعلى للجامعات الخاصة على ممارسات بعض هذه الجامعات، ناهيك عن ضعف رقابة وزارة التعليم العالى على ممارسات المعاهد العليا الخاصة التى تقع فى نطاق مسئوليتها، والتى تتجاوز أحيانا عن ممارسات بعض هذه المعاهد الخاصة!
الأمر الأكثر خطورة فى هذا أن بعض الجامعات الخاصة وربما أغلبها يقبل طلابا بمجاميع منخفضة جدًا للالتحاق بكليات الطب والهندسة والصيدلة والعلاج الطبيعى تصل إلى أقل من 60% وزحيانا 55% من الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، وهنا تكمن الخطورة عندما يتخرج طالب بكلية الطب ويصبح طبيبًا أو مهندسًا ويدخل سوق العمل كيف سيكون أداؤه وكم الأخطاء التى سيرتكبها بجهله وعدم معرفته أو تدريبه وتعليمه جيدا! وهو ما لا يشغل بال العديد من ملاك الجامعات الخاصة من رجال البيزنس والأعمال الذين يستهدفون الربح أولا وأخيرا!
وهناك أزمة أخرى تتعلق بسمعة بعض هذه الجامعات الخاصة، تتمثل فى قيام بعضها بالنصب على الطلاب وأولياء الأمور من خلال زعم إعطائهم شهادات أخرى منسوبة لجامعات أوروبية، مثل جامعة ويلز البريطانية وجامعات ألمانية وفرنسية وأمريكية دون أن يكون هناك بروتوكولات بالفعل ودون علم وزارة التعليم العالى أو المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، وهو أمر مريب وموجود وتم التحقيق فى بعض القضايا الممثلة فى هذا الصدد وتم تحويل أصحاب هذه الجامعات للتحقيق وفرض عقوبات عليهم، ولكن بعد ضياع مستقبل الطلاب ضحية عمليات النصب من قبل بعض الجامعات!
لذلك فالسيرة والسمعة أهم ما ينبغى أن تلتزم به الجامعات الخاصة والمعاهد العليا التى أصبحت تمارس عملًا تجاريًا أكثر منه تعليميًا وتكون النتيجة طالبًا خريجًا غير مؤهل وغير مدرب وغير قادر على إنجاز أى شيء فى البحث والعلم والمشاركة فى تنمية المجتمع، بل يصبح فقط حامل شهادة عليا، ولكن فى الحقيقة عالة على هذا المجتمع!!