يصبح هذا العالم كل يوم أكثر جمالًا، لكنه مع ذلك يصبح أكثر حزنًا. أرجوكم لا تعتبروا الأمر شخصيًا، ولا تأخذوه على محمل الإهانة، فجميعنا يستمع كل يوم لعبارات تشبه: «فين ضحك زماان؟».. «ولا يوم من أيام قعدات جدي».. «ياما ضحكنا».. «يظهر خلصنا الضحك من كتر ما ضحكنا».. «الدنيا ما عادش فيها حاجة تستاهل».. «فرحان كده ليه هو فيه حاجة حلوة؟!».. طبعًا هناك «حاجات حلوة» «مش بس حاجة واحدة».
تأتى الصباحات الغائمة عادةً لتذكرك بحنين لأشياء ترقد فى ذاكرتك قيد الحنين، لذا تذكرت صباح يوم كتابتى لهذا المقال ذلك الشاب الآسيوى الذى التقيته منذ بضع سنوات فى إحدى الدول، لم أتخيل أنه آسيوى لملامحه الشديدة الآرية، علمت أنه فى البلد التى التقينا فيها منذ ولد ولم يزر مسقط رأسه على الإطلاق، حين سألته عن السبب قال : «كان أبى يرى أن الشباب هناك لا يفعلون شيئًا من الدين إلا الصيام فقط، كأن الله لا يراهم إلا حين يأكلون».. اندهشت جدًا وبدأت أحدثه عن مساجد بلاده، التى لم أزرها حتى اليوم ولا أخطط لزيارتها مطلقًا، لكنه ابتسم فى هدوء وقال: «أعرف مثلك عنها، لكن ربما كانت سياحية ولأصحاب معينين، أبى يرى ذلك أيضًا». تذكرت حينها ذلك الوصف العميق الذى اقتحمنى حتى التوحد معه للكاتب التركى «أورهان باموق»» فى كتابه «استانبول الذكريات والمدينة» كان الوصف للوحة جميلة لعبيد سلطان عثمانى فى بيت جده لا ينساها، لطالما أزعجته حين بدأ يكبر، وكانت تزعجه جدًا حين كان يرى الواقع إلى جوارها. فعلى الرغم من كل ذلك الغيم كان كلاهما بعيدًا عن وطنه ويذكر قسوته بجمال. فأورهان أيضًا كانت تصريحاته حول ممارسات الأتراك فى الإبادة الجماعية للأرمن والأكراد سببًا لغيابه عن استنابول إلا أنها كانت مصدر إلهامه فى كل رواياته حتى حصل الأستاذ الجامعى على نوبل فى رواية تحدث فيها. يسافر الجمال ويهاجر ويتخطى الأسوار ويقاسمك نصف بسمتك وكذا نصف دمعتك، فلك ملوحة وحرارة الدمع وله جمال بريقها وقوس قزح الضوء على سطحها ليأتى نزار فيقتنص جمال البكاء:
بعض النساء وجوههن جميلة
وتصير أجمل عندما يبكين
إن الجمال ليحزن لكنه يبقى جمالًا وربما يزداد سحرًا. كان جبران خليل جبران أسير المهجر والمرض وقصة حب يائسة مع مى زيادة خلف محيط كبير وسلاسل جبال أطلس تقيد سواحل روحيهما، ومع ذلك رأى الجمال وكان يناديه فى حرية كبيرة وكأنه يعاشره كل يوم لكنه يفقده فجأة فيستسلم لصباحات الحنين الغائمة، ويعبر عن ذلك بشدة كلماته: «الجمال لغة خالدة تضم إليها جميع جميع أنغام البشر، وتجعلها شعورًا صامتًا مثلما تجتذب البحيرة الهادئة أغانى السواقى إلى أعماقها وتجعلها سكونًا أبديًا. إن الجمال سر تفهمه أرواحنا وتفرح به وتنمو بتأثيراته، أما أفكارنا فتقف أمامه محتارة محاولة تحديده وتجسيده بالألفاظ ولكنها لا تستطيع». فهذا الانبعاث للجمال لا يمكن وصفه ولا تحديده إلا حين تراه، وقد رأيته فى بعض مضايق بيروت التى كانت حتى سنوات قريبة تحتفظ ببعض آثار الحرب الأهلية، فهى جميلة رغم حزنها، وشامخة رغم ثقل القذائف التى مازالت تمثل ملامحها الأبرز، تستطيع أن تكون جميلة رغم كل شيء. ذكرتنى مباشرة بما قاله تشارل ديجول عن جمال الأميرة فوزية التى حملت ملامحه مسحة حزن حيرته فقال: «إنها المرأة التى ترك الرب توقيعه عليها». إن كل تلك المدن الحزينة تشبه فى جمالها، الذى حاولت أحداثها مواراته التراب، نساء جميلات لا يستطعن أن يرفعن جمالهن نحو الشمس، فتصبح بعض ملامحه رهينة ظل غامض لا تعرفه وربما لن تعرفنه هن أيضًا حتى يواجهن الشمس بجرأة وسعادة، لكنه يظل جمالًا بديعًا متحدثًا عن الإنسان الحقيقى لا المزيف.
استطاعت نساء صربيا فى حرب البوسنة أن يصنعن من الجمال الحزين بهجة، حين أقمن مسابقة اختيار ملكة جمال صربيا فى خندق من خنادق الاختباء تحت الأرض. دارت تفاصيل المسابقة أثناء تعرض بلجراد لغارة، عرضت الفتيات المشاركات مهاراتهن الجميلة تحت سقف حزين يقتل من يقترب، وتحت السقف كان الجمال يتحرك سافرًا بالسعادة المخبوءة، لكن أحدًا لم يستطع أن يغنى للفائزة حتى انقضت الغارة، ولم ينشر أحد صورها، إلا أن أحدًا لن ينسى هذا الجمال الآسر حد إيلام الروح.
إن ذلك الجمال الحزين هو وقود المستقبل، فهذه المحاولات المستميتة الطويلة الأجل للقضاء على ما تركت حتشبسوت، من أجل مواراة حكم امرأة لم يزدها إلا ظهورًا بعد حين فى جمال. فالحزن لا يمكنه أن يغلب الجمال أبدًا، لأن الجمال يعطى الحزن ما يريد، ببساطة إن الجمال يمنح الحزن سببًا للخلود لفترات طويلة. إنه يتقاسم معه ذلك النشاط الذى عبر عنه إيليا أبى ماضى حين قال:
كن جميلًا.. ترى الوجود جميلًا..
هبطنا للأرض من جنة كى نعمر الأرض ونجعلها أجمل على وعد بجنة. كلنا يفكر بين جنتين ويتجنب نارًا.. كلنا يفكر فى الجمال ويعمل كى يلقاه إن الله جميل يحب الجمال.
لم يفت أحمد باشا توضيح موقف الشريعة من الغناء فى الأفراح، وذلك بمناقشته مع أحد الحضور من شيوخ الأزهر النبهاء الذى لم ينصرف فى ركاب رفاقه، وها هو نص المحاورة التى جرت بينهما
نسى هؤلاء الإرهابيون أنهم قتلوا المسلمين والأقباط فى المساجد والكنائس وحرقوا دور العبادة للمصريين واليوم يريدون أن يضحكوا على الشعب المصرى بمبادرة خبيثة بل ورخيصة.. ما يحدث من شباب الإخوان يؤكد أن التنظيم الإرهابى للإخوان قد انهار وتفكك شباب الإخوان فى السجون تناسوا أنهم ينتمون لتنظيم إرهابى يقتل ويسرق ويحرق ويخرب
استطاعت نساء صربيا فى حرب البوسنة أن يصنعن من الجمال الحزين بهجة، حين أقمن مسابقة اختيار ملكة جمال صربيا فى خندق من خنادق الاختباء تحت الأرض. دارت تفاصيل المسابقة أثناء تعرض بلجراد لغارة، عرضت الفتيات المشاركات مهاراتهن الجميلة تحت سقف حزين يقتل من يقترب، وتحت السقف كان الجمال يتحرك سافرًا بالسعادة المخبوءة