الجمعة 04 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

من الذي لا يحب "ثومة"

 كوكب الشرق
كوكب الشرق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الذى لا يحب "ثومة"؟ فنانة من الزمن الجميل، عشقها الجميع بعد أن غنت للأطلال، والحب،  والليالى، تميزت أم كلثوم، بالطرب والشجن، وراهنت على حب الشعب والوطن لتستحق لقب "سيدة الغناء العربي". 
«أم كلثوم».. اسمها الأصلي فاطمة إبراهيم البلتاجي، بدأت مسيرة الغناء منذ طفولتها ، ويظل يوم ميلاد ها محل خلاف إذا ما كان الرابع من مايو عام ١٩٠٤ وفق رواية عبدالحميد توفيق زكي، وهو التاريخ الأرجح أو العشرين من ديسمبر عام ١٨٩٨ أو عام ١٨٩٩م، لكن ليس هناك "خلاف"  على موعد وفاتها، رحلت "ثومة" عن عالمنا بجسدها فقط في 3 فبراير ١٩٧٥م، ليبقى صوتها محلقا في سماء مصر لأبد الآبدين.
الخامسة مساء تماما.. الأنظار تتجه إلى جهاز الراديو من غالبية البيوت المصرية، إنه الموعد الذي تبدأ فيه إذاعة الأغاني، التي أطلق عليها المصريون بمرور الوقت «إذاعة أم كلثوم». كان هذا في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، وبالتحديد بعد فترة من نكسة 1967، حيث كانت حياة المصريين مليئة بالقهر والأحزان وعدم التصديق لما حدث في سيناء، ليفاجأوا بانطلاق إذاعة جديدة مخصصة بالكامل للأغاني فقط دون أي تواجد لمذيعين أو برامج.
بمرور الأيام، اكتشف المستمعون أن الإذاعة الجديدة تبث الأغاني بترتيب لا يتغير: حيث تبدأ بـ«خماسي القمة» أم كلثوم ثم عبد الوهاب، ففريد الأطرش، وعبد الحليم يليه شادية، ثم تنطلق الأغاني لباقي المطربين: محرم فؤاد، شريفة فاضل، كارم محمود، وهكذا إلى أن تقترب الساعة من الثامنة والنصف أو التاسعة مساء لتختتم السلسلة بأغنية ثانية لـ«صاحبة الإذاعة»، أم كلثوم، قبل أن ينتهي الإرسال في تمام العاشرة مساء، ليعيش أفراد الأسرة رحلة ترقب جديدة لـ"رحلة طرب" جديدة في مساء اليوم التالي تمتد خمس ساعات. 
أم كلثوم استطاعت أن تحصد العديد من الألقاب مثل سيدة الغناء الأولي وكوكب الشرق والست، ولكل لقب من هذه الألقاب قصة وحكاية.
لقب «قيثارة السماء»، فقد أطلقه عليها طاهر الطناحي في كتابه «حديقة الأدباء»، أما «ثومة» وهو اللقب الشعبي أطلقه الوسط الفني عليها وكذلك عائلتها، أما لقب كوكب الشرق فأطلقه عليها الإذاعي الكبير محمد فتحي وكانت قصيدة صادق الرافعي «عصفورة» من أوائل ما تغنت به، وهي تنحدر لأسرة متواضعة في قرية «طماي الزهايرة» التابعة للسنبلاوين بالدقهلية الآن اسم القرية هو «قرية أم كلثوم»، ومثلما كان والدها إماماً لمسجد القرية فقد كان منشدًا دينيا في الموالد والأفراح.
كانت هي وأخوها خالد يتلقيان الإنشاد الديني عن أبيهما، ولم تكد هي تجاوز العاشرة من العمر حتى كانت تقف أمام الجمهور تغني في هيئة صبي يرتدي الجبة والقفطان والعقال، سمعها القاضي علي بك أبو حسين فقال لأبيها «لديك كنز لا تعرف قدره في حنجرة ابنتك»، وأوصاه بالاهتمام بها، واشتهرت بأداء قصيدة «وحقك أنت المني والطلب»، للإمام الشبراوي.
بدأت علاقتها بآل عبدالرازق «حسن وعلي ومصطفي»، وعلمها أمين المهدي أصول الطرب، وبدأ الرحلة معها محمد القصبجي، وبعد ذلك تعرفت على أحمد رامي ثم السنباطي لتبدأ مسيرتها الحافلة.
كانت أولى زياراتها للقاهرة في عام ١٩١٩ لإحياء إحدى ليالي «الإسراء والمعراج» في قصر عز الدين يكن، بحلوان ثم مرة أخرى عام ١٩٢١ لإحياء أحد الأفراح وتعرضت للنشل، فكرهت القاهرة وخاصمتها لعامين إلى أن التقت في ١٩٢٢ في محطة السنبلاوين بالشيخ أبو العلا محمد الذي سمع صوتها وتحمس لها، وتبناها فنيا وأصر على سفرها للقاهرة.
وفي ١٩٢٣ انتقلت إلى القاهرة ورعاها الشيخ أبوالعلا، وفي ١٩٢٤ التقت صبري النجريدي ثم التقت أحمد رامي الذي لازمها طوال مسيرتها ثم محمد القصبجي، كانت أم كلثوم محط إجماع عربي وقد شاركت في افتتاح الإذاعة بصوتها عام ١٩٣٤ وبعد عام بدأت التعاون مع «السنباطي» إلى أن توفيت «زى النهارده» من عام ١٩٧٥.
وتظل «أم كلثوم» محطة فارقة في الغناء العربي لم يتجاوزها الغناء بعد، وكانت قبل وفاتها تجري بروفة أغنية «أوقاتي بتحلو» من تلحين سيد مكاوي، لكن حالة إغماء انتابتها لتبدأ معها رحلة المرض التي انتهت بوفاتها، وقبل سفرها طلبت من الشاعر صالح جودت أن يكتب لها قصيدة احتفاء بنصر أكتوبر، لكنها توفيت قبل إنجاز هذه الأغنية التي كان يقول مطلعها:«ياللي شبابك في جنود الله.. والحرب في قلوبهم صيام وصلاة»، وكانت أخبار مرض أم كلثوم قد تصدرت الصحف المصرية، بدءاً من ٢٢ يناير ١٩٧٥م، حتى إن الإذاعة كانت تستهل نشراتها بأخبار أم كلثوم، متابعة لحالتها، لقد حصلت أم كلثوم أثناء حياتها على الكثير من مظاهر التقدير المصرية والعربية والأجنبية. أم كلثوم وحدها صنعت تاريخاً غنائياً لا يقارن بأحد، ولم ولن يصنعه أحد.

أم كلثوم رحلت قبل 39 عاماً، وما زالت أعمالها تتحدث عنها "الأطلال، وهذه ليلتي، وأنت عمري، وحب إيه، والحب كده، وليلة حب، وبتفكر في مين، ودارت الأيام، وحكم علينا الهوى، والقلب يعشق كل جميل، وأنت الحب، ويا مسهرني، ويا ظلمني، ومن أجل عينيك، ومصر تتحدث عن نفسها، وعلى باب مصر، وأصبح الآن عندي بندقية، ومصر التي في خاطري، وأنا الشعب، وأمل حياتي، وفكروني، وبعيد عنك، وسيرة حب، وفات الميعاد، وأروح لمين، وولد الهدى، وظلمنا الحب، واسأل روحك، ورق الحبيب، ورباعيات الخيام.."، كوكتيل من الأغاني يمثل خلاصة تجارب شعراء وملحنين وموسيقيين من الفئة التي لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، هل يتكرر رياض السنباطي أو محمد القصبجي وزكريا أحمد أو محمد عبد الوهاب أو محمد الموجي أو بليغ حمدي وأبوالعلا محمد وسيد مكاوي والطويل؟ هل يتكرر إبراهيم ناجي، وحافظ إبراهيم وأحمد رامي وأحمد شوقي، ومأمون الشناوي، وأحمد شفيق كامل، وبيرم التونسي، وعبد الوهاب محمد، وجورج جرداق، والهادي آدم، وعبدالله الفيصل، وعبد المنعم السباعي، وعبد الفتاح مصطفى من الشعراء .
هذه الأسماء وضعت أم كلثوم على القمة حتى بعد رحيلها بـ39 عاماً، وستظل أم كلثوم بفضل موهبتها، وموهبة من اختارت أن تتعاون معهم..

عاشت أم كلثوم لأنها غنت من أجل إمتاع الناس، لأنها غنت من أجل المستقبل، ولم تغن من أجل الأموال، لذلك بقيت سيدة الغناء ورحل هذا الجيل الحالي وهو على قيد الحياة، ومعا ندعوا لها بالرحمة  فى ذكرى رحيلها " اليوم".