الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الخطاب الديني وعلامة استفهام كبيرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد اختطاف جماعة الإخوان للوطن فى غفلة من الزمن تحقيقًا لحلم ظل يراودهم طوال الوقت منذ تأسيس الجماعة، خاصة وأن مصر قلب الوطن العربى والحافظة للإسلام الوسطى والقائدة للإسلام السني، حيث إنهم كانوا آملين فى أن يكون حكم مصر هو البداية الحقيقية لتحقيق آمالهم فيما يسمى بالدولة الإسلامية أى إعادة دولة الخلافة، تلك الدولة التى كان سقوطها فى تركيا عام 1924 بمثابة الضوء الأخضر لتشكيل تلك الجماعة عام 1928 فى مصر، وبلا شك فقد كانت دولة الخلافة أو دولة الإخوان تعتمد فى المقام الأول وطوال التاريخ على نشر وانتشار فكر دينى يقوم دائما بتفسير وتأويل النص الدينى لأغراض سياسية وأهداف ذاتية تنظيمية مستغلين العواطف الدينية المتأججة لدى المتدين نظرًا لمكانة الدين الفطرية لدى الإنسان خاصة لو كان ذلك فى ظل ظروف طائفية محلية وعالمية، مدعين دائمًا الوصاية على الدين والحفاظ عليه والمدافعين عنه فى مواجهة العالم الذى يستهدف الإسلام والمسلمين.
وعلى هذه النظرية وتحقيقًا لذلك الحلم وتأكيدًا لصحة ما يعتقدون يرفضون الآخر الدينى وغير الديني، المسلم وغير المسلم، باعتبار أن هذا الآخر الذى لا يؤمن بما يؤمنون ولا يوافق على ما يريدون هو كافر وغير مسلم وضد الإسلام، ولذا أصبح التخلص منه فريضة دينية وظلت هذه النظرية وتلك العقيدة وهذه الممارسات من خلال هذا الفكر الدينى الخطأ والخاطئ تُمثل شُقة وانشقاقا فى العالم الإسلامى وهو ما تستغله القوى الاستعمارية قديمًا وحديثًا لتحقيق الفرقة وتكريس الشقاق، ناهيك عن أن هذا الفكر الذى يرفض الآخر كان دائما وأبدًا هو المعول الأساسى الذى يُستغل لهدم وحدة مصر وتشتيت صفوفها وتفريق أبنائها على أسس طائفية، وقد شاهدنا وشاهد العالم ذلك فى عام الإخوان الأسود الذى اعتمد على نشر الفتنة وتمزيق الوطن بل وتسليم الوطن للذين لا يريدون، ولا زالوا، سلامته وأمنه وتقدمه، ولذا أدرك الرئيس السيسى كل هذا بل لخص الموقف بذكاء وحنكة وأدرك أن الحل هو تصحيح هذا الفكر الدينى الذى يحتكر الدين ويلعب فى تفسير النص ويستغل الدين ويتاجر به ويرفض الآخر، الشيء الذى لا يكون فى صالح أى توافق وطنى أو توحد مصري، هنا طالب الرئيس السيسى ولا زال وسيظل يطالب بتصحيح الفكر الدينى الذى هو فكر البشر فى تفسير النص أى أنه ليس مقدسًا، نعم تصحيح هذا الفكر ليس بالأمر الهين، كما أن هذا الفكر فى رأيى هو تصحيح للفكر الدينى الإسلامى والمسيحي، أى لأى فكر يرفض الآخر على أى أرضية كانت، وصعوبة ذلك فى أن الفكر الدينى قد تم تسويقه خطأ وتم ربطه بقداسة الدين فحدث خلط تاريخى لا زال قائمًا بين الدين والفكر الدينى مما جعل الكثيرين يعتقدون خطأً بقداسة هذا الفكر البشرى المحدود والقابل للصواب والخطأ، كما أن المؤسسات الدينية هنا وهناك ورثت ما يسمى بالمحافظة على الميراث والتراث وكأن هذا التراث لا يأتيه باطل أبدًا، ولذلك تحتاج المؤسسات الدينية إلى فكر دينى مستنير يحلل ويغير ويفرز الغث من الثمين فى هذا الموروث، بل أقول إننا نحتاج إلى فكر ثورى «إذا جاز هذا التعبير السياسي» حيث إن البداية ستكون صعبة فى مواجهة التقليديين والناقلين، وهنا نجد السيسى يقوم بدور عملى غير مسبوق على أرض الواقع لتأكيد هذا التصحيح فعليًا ولقبول الآخر الديني،حيث إن هذا القبول هو البداية الصحيحة لقبول كل آخر. 
وعلى الرغم من خطوات السيسى العملية فى مواجهة تلك الأفكار الخاطئة لهذا الفكر الدينى نرى أشخاصا وممارسات لا زالت تصر على ممارسة دور تخريبى يهدد سلامة الوطن ووحدته.
والغريب هنا وفى ظل ما يقوم به الرئيس من مواجهة هذا الفكر ومواجهة الإخوان والإرهاب وفكرهم، أن نرى ياسر برهامي، قد حصل على تصريح بالخطابة، ولا نعلم ما علاقة هذا بدعوة تصحيح الفكر الدينى التى أعلنها وينفذها السيسي؟! هل برهامى هو من سيقوم بتصحيح الفكر الدينى ويدعو لقبول الآخر واحترامه ؟! والآخر هنا ليس المسيحى بالطبع فالآخر هو المسلم الذى يرفضه برهامي، المسلم الذى يشجع لعبة الكرة والذى يستمع للموسيقى،المسلم الذى يقوم بتهنئة المسيحى بعيده «مع العلم أن السيسى يحافظ على المعايدة شخصيًا وفى الكنيسة» ،فهل تناسى الذين منحوه تصريحًا بالخطابة مواقف وآراء وفتاوى برهامى السابقة واللاحقة والتى نجد فيها فكر الإخوان وفكر سيد قطب بل وطالب بإنصافهم أيضًا؟! هل تناسوا موقف حزب النور وبرهامى مرشده الروحى عندما رفضوا الوقوف للسلام الجمهوري، ولا زالوا يرفضون تحية العلم؟! هل تناسوا رأى وفتاوى برهامى ضد المسيحيين الذين يكفرهم ويحقرهم ويزدريهم بل يشحن الرأى العام ضدهم مما يهدد فعلًا وعملًا الوحدة الوطنية؟! وهل يجوز فى ظل ما يواجه الوطن من تحديات تحتاج إلى التلاحم والتوحد أن يقول برهامى إن الذى يعيد على المسيحيين أسوأ من شارب الخمر والزانى؟!! ورغم كل ذلك لم نسمع حتى الآن عن بيان يبرر هذا القرار.
الأمر خطير ومواجهة الإرهاب ليست أمنية فقط ولكنها فكرية أولًا وأخيرًا، وما يحدث الآن هو حرث فى البحر ويناقض المطلوب ويهدد سلامة الوطن بلا استثناء لمسلم أو مسيحي، فكفى تساهلا وكفى تغافلا، فدعوة التصحيح لن يحققها السيسى وحده لكنها دعوة لكل المصريين المخلصين والمؤمنين الحقيقيين بالأديان باعتبار أن الأديان لله وحده، وهو حافظها وحاميها، والوطن لكل المصريين.