في تصريح أعجب من العجب قال رئيس الوزراء، الدكتور حازم الببلاوي - في لقاء على هامش المُنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا - إن هناك ضغطاً شعبيّاً في الشارع المصري على الفريق أول عبد الفتاح السيسي - المُشير حالياً - للترشح للرئاسة، ولا سيّما من جانب النساء، وهذا لوسامته!!.
هذا التصريح عندما يخرج من رئيس وزراء مصر الحالي، يجب أن لا يمر مرور الكِرام، بل يجب أن نتوقف عنده قليلاً، ولا سيما أن الشعب المصري قد ضاق ذَرعاً بالدكتور الببلاوي، فمعروف أنه أحد اختيارات الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق للعلاقات الخارجية، قبل أن يتقدم باستقالته ويترك مصر، وما أدراك ما البرادعي، وكم من مرات طالبت وسائل الإعلام وطَالَب الشعب المصري الدكتور حازم الببلاوي بأن يتقدم باستقالته، لأنه واضح للعيان - وضوح الشمس في الظهيرة - أن حكومته مُرتعشة الأيدي، ولا سيما وأن مصر تمر بلحظة حاسمة وخطيرة، لذلك أشعر بنوايا خبيثة تتوارى بين ثنايا هذا التصريح، فأرى هذا التصريح وكأنه بمثابة من يضع السُمّ في العسل، فقد استشعرت بين طياته أنه يُريد تسفيه شعبية المُشير عبد الفتاح السيسي، لذا فقد اختصر تشبث النساء بأمر ترشحه في السطحية والإعجاب والعاطفة بدلاً من التأكيد على وطنية نساء مصر وتضحيتهم على مر العصور، ولا سيما في الثلاث سنوات الآخيرة فيما بعد ثورة يناير، فالمرأة المصرية سُحلت وأُهينت كرامتها وكِبرياؤها، فتعرضت للتحرش بل والاغتصاب من إخوان التحرير المُرافقين لكل تظاهرة لإفسادها بالتعدي على حرائر مصر جنسياً بالقول والفعل، فهل تتذكرون التحرش الجماعي عندما كانوا يلتفون حول ضحيتهم وينزعون عنها ملابسها ويَنقَضُون عليها في حيوانية وهمجية ووحشية لينالوا منها حتى لا تتجرأ - هي أو آخريات - على التظاهر مرة أخرى، ومع ذلك لم تستسلم المرأة المصرية ولم تنطو على ذاتها في المنزل، لكنها كانت أكثر إصراراً وعزيمة وقدرة على المواجهة، وكانت أول من يتصدر أيّة تظاهرة وأول من يُلبي النداء من أجل الوطن، المرأة المصرية استشهدت من أجل الحرية، وكثيرات تعرضن للضرب والقذف ولمُحاولات الاغتيال - كالمُستشارة تهاني الجبالي، النائب السابق لرئيس المحكمة الدستورية العليا - المرأة تحملت الإخوان والسلفيين أثناء حكم مُرسي وهم يبيعون ويشترون في مصيرها، بداية من جلساتهم المشؤومة في مجلس الشعب الإخواني المُنحل، ومهازلهم التي أرادوا إقرارها كقوانين، لتعود بالمرأة إلى عصور الجاهلية، وكان أبرزه زواج الأطفال من الإناث تحت سن تسع سنوات، ولم يستثنوا حتى الرضيعات، إضافة إلى حملاتهم الدنيئة في القرى لعودة خِتان الإناث، وتجاهلها بالبرلمان، ووضع وردة بدل صورة مرشحاتهم أو وضع اسم زوجها في الدعاية الإعلانية لانتخاب السلفيين لها بدل اسمها، وغيرها من العجائب التي طالت المرأة ولم يستطع أحد إخراجها وانتشالها من هذه الكوارث المُتلاحقة سوى ثورة 30 يونيو التي قام بها الشعب المصري وعضدها ورعاها الجيش المصري بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وقتئذ، والتي لولاهم ما كان استطاع الشعب وحده تحقيق مآربه في إسقاط هؤلاء الخونة والعملاء والمتآمرين على بلدنا الحبيب مصر، لذلك خرجت المرأة ضد الطغيان والظلم والعار الذي لحق بها وبمصرها الغالية، خرجت لتقول للتخلف لا، خرجت لتقول لبائعي أرض مصر لا، فقدت زوجها وابنها ومع ذلك خرجت تصرخ وتقول لمن قتلوهم لن نخشاكم ولن ترهبونا وسَنُطهّر أوطاننا منكم ونثأر لدمائهم، وهذا كله عبرت عنه المرأة المصرية في تأييدها للمشير عبد الفتاح السيسي، بطل هذه المعركة، ويبقى هنا السؤال الحائر: هل حقاً السيدات هنّ من يضغطن على السيسي للترشح للرئاسة؟، وهل حقاً بسبب وسامته؟!، فماذا لو لم يكُن السيسي وسيماً؟!، أو ماذا لو خاض تلك المعركة وساند الشعب في محنته شخص آخر غير المشير عبد الفتاح السيسي ولم يكن بقدر وسامته؟!، فهل كان سيختلف الأمر وتخرج المرأة المصرية ناكرة جميله صارخة في وجهه أنت لا تصلح، بل نريد رئيساً وسيماً؟!، فالإجابة هي أن المرأة المصرية لا محالة ستؤيد من دافع عن وطنها وخلّصه من أيدي الإخوان، سواء كان هذا الشخص شبيه رشدي أباظة أو كان حتى يُشبه عبد الفتاح القصري - مع احترامي للفنان الكبير رحمه الله - عفواً، فليست المرأة المصرية فقط هي من ترحب بالمشير عبد الفتاح السيسي رئيساً فحسب، بل والرجال والشباب والفتيات والشيوخ وحتى الأطفال، لأن الجميع استشعروا صدق نوايا الرجل الذي عندما وعد أوفى بوعوده، وعنما تكلم فعل، وعندما خاطب الشعب بحنوٍّ وصلت كلماته إلى قلوب الرجال قبل النساء، وهذا لأننا شعب يُعاني - منذ أكثر من أربعين عاماً، ولا سيما في الثلاث سنوات الأخيرة التي فقدت مصر أمنها وأمانها وخيرة شبابها - من شعور بالانكسار والظلم والمؤامرة على حياتهم وعلى أرضهم وعِرضهم على أيدي الإخوان الذين سرقوا أحلامهم بعد ثورة يناير، فوجد الشعب ضالته المنشودة عندما وجد من يتعاطف معه ويحاول انتشاله من الهُوّة العَميقة، وليس بالكلام والشِعارات البراقة - كي يتلاعب بمشاعرهم فحسب - بل كان على قدر المسؤولية عملياً، فالرجل عندما قال "إن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه" كان صادقاً، لأنه لخص مأساة هذا الشعب، لذا صدقته الملايين الغفيرة التي نزلت من أجل الحرية غير مُبالية بالحياة والأرواح.
المرأة المصرية - وقبلها الرجل - يُريدون أن يُصبح الرجل الذي حرر مصر وخلصها من استعمار إخواني أمريكي قطري تركي، كما خلص الملك أحمس الأول مصر من الهكسوس الذين قبعوا على أنفاسها حوالي مئة عام، وكان يسبق ذلك الكثير من الثورات العارمة والمقاومة من الشعب المصري ضد الهكسوس، ولكن لم تُكلل جهودهم بالنجاح إلا بعد أن تدخل أحمس وطارد الهكسوس، ولم تقم لهم قائمة مرة أخرى في تاريخ البشرية، وكما كُتب الخلود لأحمس سيكتب التاريخ اسم هذا القائد بحروف من نور، ولا سيما أنه فعل هذا قبل أن يرسخوا على قلوبنا مئة عام أو خمسمائة - على حد تعبير المعزول محمد مُرسي عندما قال للفريق أول عبد الفتاح السيسي: إننا لن نترك حكم مصر قبل مئة عام - فطبيعي أن تُرشّح نساء مصر مَن طلب أمراً وتفويضاً من الشعب كي يقضي على الإرهاب ليقتص لدِماء أبنائها، فالمرأة المصرية تحترم وتقدر الرجل الذي عندما يتكلم يصدق وعندما يفتح فمه يتحدث بالحق والحكمة، لذلك سنثق فيه وسَنُصدق أنه سيُنفّذ برنامجه الانتخابي عندما يطرحه علينا، لأننا جربنا وفاءه بالوعود من قبل، ولأنه مُرشح من أغلبية المصريين فهو لا يحتاج إلى أن يعرض برنامجاً انتخابياً خيالياً أو غير واقعي أو مُغرٍ أو غير منطقي حتى يحاول شدّ انتباه الناخبين، بمعنى أننا لا ننتظر أن يقول لنا إنه سيصنع المُعجزات في برنامج المئة يوم الذي تحدث عنه المعزول محمد مُرسي، وصدقه البُسطاء وقليلو الخبرة، ولم يُنفذ منه على مدار عام كامل ولو نصف الساعة من المئة يوماً!، فالمرأة المصرية عادةً تُؤيد وتُعضد وتُساند الرجل عموماً إذا كان رجلاً شُجاعاً جريئاً صريحاً يُقدّس الحق ويصنع الحُرية، لا سيّما وإن كان هذا الرجل إنساناً بما تحمله الكلمة من معانٍ، أي تمتزج قوته وبسالته وشجاعته بالعطف والحنو والشفقة والرحمة، لأن هذه المواصفات يتسم بها الأقوياء فقط من الرجال، ولكن معدومي الإحساس والرحمة هم أضعف أنواع الرجال مهما بلغت قسوتهم التي يعتبرون - في أذهانهم المريضة - أنها قوة، فلا مانع من أن يكون وحشاً كاسراً في وجه الأعداء وقوياً حازماً - ولكن ليس ببلاوياً - في وقت الجد والعمل والخطر من أجل حبيبته "مصر"، وفي الوقت نفسه يكون إنساناً عطوفاً ورحيماً على الفقراء والمطحونين والمكلومين من هذا الشعب، الذي حقاً لم يحنُ عليه أحد كما وصف هو، وقد أحسن الوصف.
أنا أتحدث هنا - بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن نساء مصر الأحرار، اللاتي أثبتن أنهن جديرات بالثقة والتقدير والاحترام، بل أثبتن وطنيتهن وعشقهن لتراب هذا البلد في الوقت الذي كان فيه رجال كثيرون يخونون ويبيعون في أرضه قطعة تلو الأخرى ليرقصوا على أطلاله - طارحة تعجبي في عدة تساؤلات على رئيس مجلس الوزراء:
* هل تريد إهانة المرأة المصرية واتهامها بالسطحية والتفاهة لدرجة أنها تحدّد مصير مصر في وسامة رجل؟!
* هل تتجاهل حب المرأة المصرية لوطنها وأنها تريد له الأمن والأمان والرِفعة والازدهار والانتصار، فتترك كل هذا كي تسلط الضوء - في محافل دولية - على أنها لا تفكر في شيء سوى في وسامة الرجال؟!
* لماذا جاء تصريحك هذا بعد الاستفتاء على الدستور مُباشرة، والذي أعلنت فيه شتى وسائل الإعلام المُختلفة أن النساء كان لهن نصيب الأسد في إنجاح هذا الاستفتاء؟.
* هل أم الشهيد - المكلومة في أعز ما لها يا رئيس الوزراء - سترشح السيسي لوسامته؟!
تخيل معي - عزيزي القارئ - أن أم شهيد سقط "فلذة كبدها" صريعاً على أيدي الإخوان قد تناست ابنها الشهيد، وجلست لتتأمل في وسامة المشير السيسي، وقررت أن تُنحّي شهيدها جانباً وتتفرغ لهدف واحد، هو كيفية تُجليس فتى أحلامها الوسيم على عرش مصر!!
* هل المرأة المصرية - من وجهة نظرك يا رئيس الوزراء - تريد السيسي رئيساً لتتفرس فيه أثناء خِطاباته إعجاباً بوسامته؟!، أهكذا تكون المرأة المصرية في نظرك؟!، عجباً!!.
* هل - وإحقاقاً للحق يا سيادة رئيس الوزراء - لم يتحمل الرجل ضغوط الداخل والخارج ولم يحمل رأسه على كفّه ولم يُعرّض حياته لخطر التصفية والاغتيال من أجل عيون مصر، بسبب قراره الصائب بمُساندة الشعب المصري في إنهاء حُكم هذه العصابة؟!، ومع ذلك لم يأبه بكل هذا ولبّى نداء الوطن ونداء الشعب المصري الذي ذاق الأمرّين مُنذ أكثر من أربعين عاماً، وعندما شعر أنه انتصر على عهد فاسد وجد نفسه أمام بداية عهد إرهابي مُدمِّر، ولم يخرجه من هذا المُنزلق والهلاك المُحقق سوى هذا الرجل؟!
* وهل لم ترى أنت أنه يستحق رئاسة مصر بجدارة، وليس كمُكافأة له عن واجبه الذي قام به نحو وطنه، لأنه معروف أن الواجب نحو الوطن شيء طبيعي، لكن من أجل أننا لا نثق في أحد بعد الله سوى في هذا الرجل لوفائه بعهوده، أم لا ترى هذا؟!.
* مَن مِن وجهة نظرك يستحق هذا المنصب غيره، وهو من انتشل مصر من خراب ودمار مُحققين؟!
* إن كان الرجل وسيماً فهذا لا يعيبه، لكن الوسامة ربما تكون جاذبة لبعض الوقت، ولكنها تفقد جاذبيتها لو ثبت أن هذا الشخص الوسيم لا يتسم بالرجولة أو الشهامة أو الشجاعة والجرأة، لكن الرجل هنا فعل ما لا يفعله سوى مصري أصيل وطني كالأشخاص الذين كنا نسمع عنهم في الكتب والأساطير ونفتقدهم في زمننا هذا، وللأسف - في السنوات الأخيرة - وجدنا الأقنعة تسقط والوجوه الحقيقية تظهر، وكل من كنا نعتقد أنهم أبطال اتضحت حقيقة أنهم من أشباه وأنصاف الرجال، ومن العملاء والخونة لهذا الوطن، وكأنهم أشباح يتحولون ويتغيرون ويتلونون، لذلك عندما عثر الشعب المصري عامة - وليست المرأة فقط - على عُملة حقيقة وليست مُزيفة قدرها وعلم قيمتها فأراد أن يضعها في مكانها الذي تستحقه.
وأنا ما زلت أكتب هذه السطور، تلقيت خبراً مفاده أن رئيس الجمهورية، المستشار عدلي منصور، قام بترقية الفريق أول عبد الفتاح السيسي إلى رُتبة المُشير، فهل ترى - في رأيك يا سيادة رئيس الوزراء - أن ترقيته هذه كانت ناتجة لوسامته وضغوط نساء مصر مثلا على الرئيس عدلي منصور كي يقوم الرئيس بترقيته إلى رُتبة المشير؟!
فربما سيادة المُشير واقع تحت ضغط شعبي كما يقول الدكتور حازم الببلاوي، لكنه شعبي بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، أي تنوع الديانات والثقافات رجالاً وسيدات ومن مراحل وأعمار مُختلفة، فخروج المرأة - عزيزي رئيس وزراء مصر - لم يكن من أجل وسامة الرجل، لأن نساء مصر ليسن مُراهقات، فهذا قول في قمة الاستفزاز من رجل في مثل سنك ومنصبك، بل الأكثر استفزازاً هو المكان الذي قيل فيه هذا التصريح وهو على طاولة المحافل الدولية، كي تكون فضيحة هذه التصريحات فضيحة عالمية!!، فغريب أمرك يا دكتور حازم، غريب أنك لم تر في نساء مصر سوى أنهن مُراهقات مَفتُونات بوسامة الرجال، والأغرب أنك لم تر من الرجل سوى أنه مُعبود النساء!!.