أكد الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، أن إقرار "استراتيجية دفاعية" تعطي الدولة اللبنانية القرار بالسلم والحرب، يمثل أمرا ضروريا، يماثل في أهميته تحييد لبنان عن صراعات المحاور الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وهو الأمر الذي تم إقراره بتوافق جميع القوى السياسية في إعلان بعبدا (الحوار الوطني بين القوى السياسية اللبنانية عام 2012).
وقال سليمان – في حديث له اليوم لإذاعة (لبنان الحر) – إن الرئيس ميشال عون كان محقا حينما قال إن مقاييس الاستراتيجية الدفاعية قد تغيرت، وأن هناك ظروفا مستجدة، مضيفا: "ولكن هل يقصد أنه لن يطرحها.. لا أعرف ".
وأشار الرئيس اللبناني السابق إلى أن حزب الله استبق الاستراتيجيات حينما أعلن "حرية التحرك وفتح النار والرد على إسرائيل وجعلها بيد الحزب".
وشدد على أنه يجب الإقدام وبسرعة على مناقشة الاستراتيجية الدفاعية للبنان، ومناقشة آليات النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية.. متسائلا: "هل النأي بالنفس أن تقوم الحكومة بالنأي بنفسها فيما الناس تحارب هنا وهناك، أم تحييد البلد بأكمله عن هذا الموضوع".
واعتمدت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في بياناتها الوزارية خاصة مع اندلاع الحرب السورية عام 2011 ، سياسة قوامها النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية في منطقة الشرق الأوسط مع الالتزام باحترام ميثاق جامعة الدول العربية، حرصا على عدم انقسام الداخل اللبناني جراء الدخول في صراعات المحاور الإقليمية، غير أن انخراط حزب الله في النزاعات المسلحة وصراعات المنطقة خاصة في سوريا واليمن والعراق، ساهم في زعزعة هذه السياسة وعدم تطبيقها بصورة فعلية.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد استبعد بالأمس في تصريحات صحفية الدعوة لحوار وطني لبناني لوضع استراتيجية دفاعية للبلاد، مبررا هذا الأمر بتغير المقاييس ومناطق النفوذ وعدم وجود مرتكزات لها على نحو يجعل الحوار حول هذا الأمر غير صالح في الوقت الحالي.
ويُقصد بمشروع الاستراتيجية الدفاعية الجانبين السياسي والعسكري وإمساك الدولة وحدها ودون غيرها بقرار الحرب والسلم، وذلك في مجال مجابهة المخاطر التي تتهدد لبنان، وفي مقدمتها آلية مواجهة الدولة اللبنانية للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والإرهاب، وهو الأمر الذي يعتبره حزب الله محاولة مرفوضة لتجريده من سلاحه.
وتؤكد العديد من القوى السياسية اللبنانية، لا سيما فريق "14 آذار" أن حزب الله يمسك بمقدرات الدولة اللبنانية مستقويا بما يمتلكه من سلاح على القوى السياسية المعارضة للحزب، وأن وجود هذا السلاح يجلب على لبنان الأزمات والكوارث وأدخل البلاد في دائرة العقوبات الدولية، لا سيما وأن العديد من دول العالم تصنف حزب الله منظمة إرهابية تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وسبق وقدم الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان تصورا لاستراتيجية دفاعية للبنان، تقوم ركائزها على تعزيز قدرات الدولة وتدعيم القوات المسلحة بكل ما يلزم من إمكانيات على مستويات التدريب والتسليح الحديث والتجهيز، بحيث يكون الجيش اللبناني هو الجهة الوحيدة المخولة باستعمال عناصر القوة (السلاح) والدفاع عن لبنان، إلى جانب المضي قدما بالتعاون مع المجتمع الدولي في عملية ترسيم الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها بالتوازي مع إزالة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، وتسلم الجيش مهام حماية الحدود الجنوبية من قوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) وبسط الدولة سلطتها وسيطرتها الكاملة على أراضيها.