لعل إقامتى خارج العاصمة وعملى فى أماكن قروية يجعل رؤيتى لما يجرى فى مجال عملى بالتربية والتعليم واقعية صادقة ودالة إلى حد كبير. لأنها ببساطة تقيس سرعة رد فعل ما يتخذ من قرارات وما يسن من قوانين بالوزارة. ولعل كونى كاتبة يجعلنى أكثر حساسية لكل ما يجرى وسرعة الاستجابة والتنفيذ وذلك بتحديد الفترة الزمنية بين اتخاذ هذه القرارات وظهورها على أرض الواقع.ومنذ فترة ظهرما يعرف بوحدة تكافؤ الفرص تلك الوحدة التى كان المجلس القومى للمرأة يسعى لإنشائها منذ العام 2002 فى جميع الوزارات لا فى وزارة التربية والتعليم فقط، والتى تختص بالتصدى لأية ممارسات تعيق النساء عن استكمال مسيرتهن فى مجال العمل أو تعيق تمتعهن بنفس الصلاحيات كتفًا بكتف مع الرجال فى المجال الوظيفي، أى أن ظروف هذا العمل لا تلائمهم وبذلك تقلل من فرص تواجدهن وبذلك يتم حرمانهن من المشاركة فى المشاريع فى مختلف القطاعات بالوزارات المختلفة. من هنا كان ضروريًا أن تنشأ وحدة تكافؤ الفرص التى تقف بالمرصاد لجميع الممارسات التميزية التى تتعرض لها المرأة لكونها امرأة بينما يتفوق الرجال الذين تلائمهم ظروف العمل ولا تعيقهم فيحصدون نجاحات أكثر مما تحرزه النساء من نجاحات نظرًا لطبيعة هذا العمل وهو مالا يتفق ومبدأ المساواة الذى كفله الدستور. كان التلويح باسم المجلس القومى للمرأة فى الماضى أثناء نزاعات العمل التى تختص بمثل هذه الأمور لا يثير أى اهتمام لا لشئ سوى أن ظروف العمل كانت هى الفيصل ولم يكن هناك اهتمام حقيقى بمشاركة النساء فى التنفيذ على أرض الواقع لأن المشاريع التنموية كانت لا تُعَد من منظور يعتمد النوع الاجتماعى وغاب عن ذهنه مشاركة المرأة وظروف عملها باعتبارها شريكًا فى التنمية. وهو ما وجدت من أجله وحدة تكافؤ الفرص التى من شأنها ليس فقط حصر مشكلات نتجت عن التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو المكانة الاجتماعية أو الثقافة أو السن أو الظروف الصحية، وإنما تقوم بتقديم المساعدة ودراسة المشكلة والعمل على حلها. بل والتعاون مع المجلس القومى للمرأة الذى أعيد هيكلته بما يعرف بالقانون 30 لسنة 2018 فصار له من الثقل والضغط ما يحافظ على مكتسبات المرأة ويدعمها ويحميها بالكلية بناء على توجيهات السيد رئيس الجمهورية ودعمه الدائم لتمكين المرأة المصرية بما يتوافق وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبخاصة هدفها الخامس الذى يعتمد المساواة التامة بين الجنسين.
وهنا يجب أن نذكر أيضًا أن عمل الوحدة لا يقتصر على ذلك فقط، بل يتعداه إلى رصد الوضع الراهن وجمع المعلومات والبيانات والتوثيق وعمل الدراسات والبحوث التى تعكس واقع المرأة العاملة كما تهتم الوحدة بعقد دورات تدريبية وتثقيفية خاصة بالفتيات والسيدات وتدعيم دورها فى مجالس الأمناء بالمدارس والإدارات المختلفة باعتبارها شريكًا فى صنع القرار وهو ما بدأ بالفعل فى الإدارات التعليمية، هذا الحراك الذى اعتمد تدريب جميع العاملين فى المدارس المختلفة فى الريف والحضر نساء ورجال ببرنامج الاسكوا التابع للأمم المتحدة، وهو تدريب – إحصاء النوع الاجتماعي - الذى ندخل من خلاله إلى منصة التعليم الإلكترونى بإيملاتنا المختلفة ونشاهد الفيديوهات التى تدعم المادة المقروءة المعدة بعناية شديدة تعدنا لدخول الاختبارات المتدرجة ثم الحصول على شهادة موثقة. كنت سعيدة بحصولى على هذا التدريب كونه يخص النساء لكن ما أسعدنى أكثر هو مشاركة الرجال والنساء بما يسمح بنشر ثقافة النوع الاجتماعى ورصد الواقع بشكل إحصائى فى مختلف البلاد العربية مما يضع الجميع أمام الصورة الحقيقية والوضع الراهن الذى يجب عيلنا تغييره. من هنا يجب أن نثمن مثل هذه التدريبات التى لا تتيح لنا المعرفة فقط بل تتعداها إلى التغيير للأفضل وكسب مساحات من الفهم وتقليص الفجوات وخلق مجتمع بكامله يتبنى ثقافة المساواة فى ظروف العمل وما يرتبط بها من الأجور وفرص الترقى والمشاركة التى تحفظ لمصر بهاءها ومكانتها الريادية التى تليق بها دائمًا.