تتجاهل بريطانيا العظمى مئات الأبحاث والدراسات والكتب، التى تناولت العلاقة التاريخية الوثيقة بين المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان المجرمين.. ولكن أهم هذه الكتب جميعًا كما يقول الباحث محمود حسنى رضوان: هما كتابان خطيران لا بد لكل مصرى أن يقرأهما.. الكتاب الأول بعنوان «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» للمؤرخ البريطانى الشهير «مارك كورتيس».. والكتاب الثانى بقلم ضابط المخابرات البريطانى ووكيل المخابرات البريطانية (Ml٦) «د. جون كولمان» الذى أثبت فيه- استنادًا لآلاف الوثائق السرية البريطانية- أن جماعة الإخوان هى مجرد صنيعة للمخابرات البريطانية!!
وبالنسبة للكتاب الأول، يقول مؤلفه «مارك كيرتس» إن عملية تأليف الكتاب، بدأت عام ٢٠٠٥ عقب هجمات لندن الإرهابية، وأنها قد استغرقت ٤ سنوات كاملة.. عكف خلالها المؤلف على قراءة عميقة ومتأنية لعشرات الآلاف من الوثائق الرسمية البريطانية، التى تم رفع السرية عنها، وبصفة خاصة وثائق وزارة الخارجية، والمخابرات.. وصدر الكتاب المذكور عن دار نشر «سربنت تيل» عام ٢٠١٠ باللغة الإنجليزية.. وتمت ترجمته للعربية عام ٢٠١٢.. وهذا الكتاب يعتبر «فضيحة كبرى» غير مسبوقة، لجماعة الإخوان المجرمين.. وتقول تلك الوثائق إن تمويل بريطانيا السرى لحركة الإخوان قد زاد بشكل واضح، ابتداءً من عام ١٩٤٢.. واستمر هذا التمويل بشكل منتظم طوال فترة الأربعينيات.. ويقول الكتاب، إن هذه الأموال كانت تصل إلى لإخوان بالتنسيق مع الحكومة المصرية، وبالتعاون مع القصر والملك فاروق.. ويقول مارك كورتيس إن بريطانيا قد اتفقت مع الحكومة المصرية على الزج بجواسيس لهما داخل الجماعة للتأكد من ولاء الجماعة والتزامها بما تعهدت به، (وتأكيدًا لذلك ينشر المؤلف وثيقة، محضر اجتماع أمين عثمان باشا، رئيس وزراء مصر مع السفير البريطانى كير مطانى فى السفارة البريطانية فى ١٨ مايو ١٩٤٢).. وتقول الوثائق أيضا إن هذا التمويل لم يكن قاصرا على الإخوان المقيمين داخل مصر فقط.. بل إنه قد شمل جميع الإخوان بكل دول الشرق الأوسط.. ويفضح الكتاب تحالف الإخوان مع بريطانيا- بعد ذاك- لإسقاط أو اغتيال عدوهما المشترك جمال عبد الناصر، والتصدى لحركة القومية العربية التى نالت شعبية كبيرة.. ويقول مارك كورتيس فى كتابه «العلاقات السرية»: بينما كان جمال عبد الناصر مشغولا بإتمام مفاوضات الجلاء مع بريطانيا، فإن «الهضيبي»- مرشد الجماعة- قد اجتمع سرا مع الجانب البريطانى من خلف ظهر عبد الناصر.. وأن الهضيبى قد وافق على شروط بريطانيا للجلاء عن مصر، (ومن بين تلك الشروط السماح للقوات البريطانية بالعودة لقواعدها بمصر وقت الحرب).. وذلك كله فى حالة مساعدة بريطانيا للإخوان فى التخلص من عبد الناصر، ووصولهم الحكم!! ويقول مارك كورتيس إن غرض الإخوان كان الضغط على عبد الناصر ووضع صعوبات أمامه.. ويشير الكتاب أيضًا إلى سلسلة الاجتماعات التى عقدها المستر «تريفور إيفانز» المستشار الشرقى للسفارة البريطانية، مع قيادات إخوانية (منير الدلة وأبو رقيق) سواء فى مقر السفارة البريطانية أو فى منزل القيادى الإخوانى د. محمد سالم بالمعادى.. ويشير الكتاب إلى البرقية التى أرسلها «تريفور إيفانز» للخارجية البريطانية، بتاريخ ١٩ فبراير ١٩٥٣، ويقول فيها «إن القيادى الإخوانى أبو رقيق، قد أخبره أن الإخوان إذا بحثوا عن صديق لهم فى كل أرجاء العالم فلن يجدوا سوى بريطانيا»!! ويفسر مستر إيفانز تلك العبارة قائلا لوزير خارجيته: «إن هذا معناه أن الإخوان مستعدون للتعاون معنا إلى آخر مدى»!! ويقول مارك كورتيس «إن محاولة الإخوان الفاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر فى المنشية عام ١٩٥٤، قد تمت بمباركة بريطانيا»..
وأما بالنسبة للكتاب الآخر.. وهو الكتاب الذى يوصف بأنه «الكتاب القنبلة»، فهو من تأليف ضابط المخابرات البريطانى د. جون كولمان.. ووكيل جهاز المخابرات البريطانية (Ml٦)، فإنه بالفعل، وبكل المقاييس يعتبر قنبلة مدوية!! ويقول كولمان فى كتابه، أن جماعة الإخوان هى صناعة بريطانية ١٠٠٪!! ويفسر كولمان ذلك بقوله، إنه لم تكن صدفة أن تنشأ جماعة الإخوان فى مدينة الإسماعيلية تحديدا.. ففى هذه المدينة كانت توجد معسكرات الجيش الإنجليزي.. ويقول الكتاب هناك فى الإسماعيلية نشأت الجماعة تحت سمع وبصر الاحتلال البريطانى!!.. وينشر جون كولمان وثيقة مهمة تكشف أن الأشخاص الستة الذين اشتركوا مع حسن البنا فى تأسيس جماعة الإخوان كانوا كلهم يعملون داخل معسكرات الجيش الإنجليزى!! ويقول المؤلف إنه لم يكن مسموحا بالعمل داخل هذه المعسكرات، إلاّ فقط للأشخاص الموثوق بهم، وكان لا بد من حصولهم على موافقة المخابرات البريطانية للتأكد من ولائهم!! ويعلق جون كولمان قائلا، «إن الجماعة قد خرجت من رحم المعسكرات البريطانية»!! ويقول الضابط البريطانى جون كولمان، إن المحفل الماسونى الأعظم، قد أمد جهاز المخابرات البريطانية بتقرير كامل يرحب فيه بتعاون بريطانيا مع الإخوان، وذلك استنادا لعلاقة الحركة الماسونية القوية بالتنظيم الدولى للإخوان، وانتماء الكثير من قيادات الإخوان للحركة الماسونية.. ويذكر جون كولمان أسماء عدد من ضباط المخابرات البريطانيين، الذين قال عنهم، إنهم دعموا فكرة إنشاء جماعة الإخوان، من بينهم، T.E. Lawrenence توماس إدوارد لورنس (١٩٣٥-١٨٨٨)، وهو ضابط بريطانى اشتهر بدوره فى مساعدة القوات العربية، خلال الثورة العربية ١٩١٦ ضد الإمبراطورية العثمانية، عن طريق انخراطه فى حياة العرب.. وكان يجيد اللغة العربية.. وله فيلم شهير يحمل اسمه.. وقد أشاد به رئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل، وقال عنه «كان شخصية عبقرية وليس له مثيل».. ويذكر جون كولمان، أيضا اسم ضابط مخابرات بريطانى آخر هو St John Philby هارى سانت جون فيلبى (١٩٦٠-١٨٨٥)، وهذا الضابط اعتنق الإسلام، وخلع الزى الأوروبى وارتدى الزى العربى، وأطلق عليه العرب اسم الشيخ عبد الله فيلبى!! وكان يعمل مستشارا لابن سعود حاكم نجد..
ولهذا كله لم يكن غريبا أن نجد أن القاضى الإخوانى السابق، المستشار عماد أبو هاشم، عندما أعلن انشقاقه عن جماعة الإخوان، أنه قال فى أسباب انشقاقه، «إن المرشد الحقيقى لجماعة الإخوان هى المخابرات البريطانية!! وقال عماد أبو هاشم أيضا «لقد تأكد لى أن الجماعة تخضع لأوامر المخابرات البريطانية خضوع المرءوس لرئيسه»!