الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تجارة الأدوية منتهية الصلاحية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من بين الظواهر التى انتشرت مؤخرا بشكل كبير وتؤثر فى صحة الإنسان وتؤدى لا محالة إلى الوفاة هو انتشار بيع وتوزيع الأدوية منتهية الصلاحية وبيعها فى الأسواق الشعبية فى وضح النهار وافتراشها على الأرض من قبل الباعة الجائلين، بدعوى البيع بسعر أقل مراعاة لظروف الفقراء بعد غلاء أسعار الدواء، والتى تشهدها الأسواق باستمرار أو من خلال مخازن تابعة لبعض الصيدليات!
هذا العمل المشين والتبرير غير الأخلاقى أو غير الإنسانى بالطبع تشيب له الولدان، ويطلق الرصاصة الأخيرة فى نعش الضمير والأمانة والإنسانية التى من المفترض أن يتحلى بها كل من يعمل فى مهنة الصيدلة، والتى يصل عددها إلى ٨٠٠ ألف صيدلية موجودة فى مختلف محافظات مصر، بينما عدد الموظفين بالتفتيش الصيدلى لا يزيد على ٥ آلاف مفتش، وفقا لتصريح مفتش بإدارة التفتيش الصيدلى، ونشر هذا فى تحقيق مثير ومهم بجريدة «المصرى اليوم» يوم ١٩ يوليو ٢٠١٩، عندما شاهد المحقق الصحفى الأدوية تباع على الأرض ومفروشة فى إحدى الأسواق الشعبية بالسيدة عائشة، والبائع ينادى «أى شريط بتلاته جنيه»، وهى أدوية منتهية الصلاحية تماما، ورغم ذلك يتجمع حوله المواطنون ويقبلون على شراء بعض الأدوية منه دون مراعاة أنها منتهية الصلاحية!
وقد توفيت سيدة تبلغ من العمر ٣٥ عاما، بعد نقلها إلى مستشفى الشاطبى بالإسكندرية، نتيجة تناول دواء منتهى الصلاحية اشترته من أحد الأشخاص يبيع الأدوية من داخل مخزن فى إحدى حارات شارع ابن الفارض فى الإسكندرية!! وعندما توجهت قوة الشرطة والرقابة على الأدوية إلى مقر هذا المخزن، وجدوا المتهم الذى كان يعمل فى سلسلة صيدليات كبرى فى الإسكندرية، استأجر شقة فى الطابق الأرضى بأحد المبانى، واستغلها كمخزن للأدوية منتهية الصلاحية، وضبطوا لديه أكثر من طن من الأدوية بمختلف أنواعها!!
الأدوية منتهية الصلاحية مصيرها مشتت بين أطراف عدة، الصيدلى يقول إنها تخص الشركة المنتجة، والشركة ترد بأنها غير ملزمة بها. لذا، فإن بعض العاملين فى الصيدليات أو شركات الأدوية يستغلون عملهم بتسريب تلك الأدوية إلى الأسواق مرة ثانية، حيث يقومون بتغيير مسار طريق تلك الشحنات من توجيهها إلى مناطق الإعدام إلى مخازن خاصة بهم تنتشر فى المناطق الفقيرة التى تخضع لرقابة أقل من قبل التفتيش الصيدلى، ثم يقومون بإعادة توزيعها بطرق غير شرعية لبيعها فى الأسواق أو خلسة للمرضى غير القادرين أو ممن يعيشون فى مناطق فقيرة أو نائية!
بالفعل ينبغى إصدار قرار حاسم بإلزام الشركات باسترداد الأدوية أيا كان نص هذا الاتفاق ونسبته المالية، ووضع ضوابط صارمة عند إصدار التراخيص لإنشاء الصيدليات، وضرورة وجود صيدلى بالمكان وليس عمالا وشبابا صغار السن وجهلاء بالعمل وصرف الأدوية، وهو ما نشاهده فى العديد من الصيدليات للأسف الشديد!
ناهيك عن عدم وجود بعض الأدوية بسبب إغلاق الشركة المنتجة له أو نقل ملكيتها لأحد المستثمرين الأجانب أو المصريين، ومن ثم وقف إنتاج الدواء مثل دواء «إيمديور» الذى يحتاجه مرضى الذبحة الصدرية، وهو دواء غير متوافر منذ ثلاثة أشهر على الأقل من كتابة المقال، مما يضطر الطبيب المعالج إلى إعطاء بديل للمريض لإنقاذ الحالة من التدهور، ولكن البديل فى الغالب لا يكون بنفس المفعول فتزداد حالة المريض سوءًا.
نحتاج إلى ضوابط صارمة وقوية وعقوبات رادعة على المخالفين الذين يسرقون الأدوية المنتهية الصلاحية قبل إعدامها وإعادة بيعها للفقراء ومن يحتكر الأدوية من الصيدليات الكبرى، فلا بد من وجود آلية واضحة أو قانون ينظم عملية استرجاع الأدوية منتهية الصلاحية أو آلية إعدامها، ومن يمتنع عن إنتاج دواء لمرضى القلب والسكر والذبحة الصدرية وغيرها، وينبغى تعديل القانون وتغليظ العقوبة لأنها تعد تجارة فى صحة الناس وطريق الموت لهم والاستهانة بصحتهم تحت عدة مسميات غير إنسانية بالمرة.. ارحموا من فى الأرض يا تجار الصحة والعافية!