رغم ما تملكه مصر من عدد كبير من المجازر الآلية ونصف الآلية بالمحافظات، فإنه وفق دراسة أعلن عنها اللواء أسامة سليم، عن سوء حال نحو 475 مجزرًا على مستوى الجمهورية بالمحافظات، يضاف إلى ذلك التقرير الذى أعدته هيئة الرقابة الإدارية عن أوضاع المجازر.
ورغم تصريحات وزارة الإدارة المحلية أن هناك تطويرا سوف يشمل 114 مجزرًا على مرحلتين لتحويل المجازر نصف الآلية إلى مجاز آلية، مع إنشاء عدد من المجازر ببعض المحافظات الحدودية، على أن يتم ذلك على مرحلتين، الأولى تشمل 68، والثانية تشمل تطوير 46 مجزرًا، مع ارتفاع حالات الذبح للعجول والجمال والخراف بأنواعها فى المجازر بالمحافظات.
ومع ذلك فقط ارتفعت ظاهرة ذبح الأضاحى فى الشوارع بالقرى والمراكز شملت كافة محافظات مصر، لا فرق بين محافظات حضر أو ريف، وذلك فى ظاهرة غريبة ومقيتة تسىء إلى الشريعة الإسلامية، وما أصدرته دار الإفتاء المصرية ومشيخة الأزهر من فتاوى وأحكام حول خطورة ذبح الأضاحى فى الشوارع، لما فيها من إساءة للدين الإسلامي، فضلا عن مخالفاتها الصريحة القاطعة للشريعة الإسلامية.
حيث وصفت دار الإفتاء المصرية بأن «هذا العمل من السيئات العظام والجرائم الجسام بالذبح فى الشوارع أو ترك المخلفات، مما يؤذى الناس، وأنها خصائل سيئة».
كما أكد عدد كبير من شيوخنا المحترمين من بينهم دكتور أحمد كريمة، بقوله: «إن ذبح الأضاحى فى الشوارع يعتبر جريمة والإسلام منها براء».
وللأسف؛ فإن ظاهرة الذبح فى الشوارع للأضاحى للخراف أو العجول أو غير ذلك بمناسبة عيد الأضحى المبارك، فإن للظاهرة جذور اجتماعية سلبية ترجع إلى التباهى والبحث عن الشهرة.
وغنى عن ما يحدث لهذه الظاهرة من مشاكل متعددة تضر بالمجتمع والمواطنين منها:
• تعرض الذبائح للميكروبات والتلوث للحوم، فضلا عن أنها تنقل العدوى بالكثير من الأمراض، ويكفى ما أشار إليه دكتور محيى الدين المصرى أستاذ السموم الإكلينيكية بجامعة طب عين شمس، الذى أكد «أن نشر الدماء بالشوارع قد يسبب العديد من انتشار الفيروسات والأمراض، فضلا عن العادة السيئة بتلطيخ الأصابع والأكف بالدماء، ووضعها على الحوائط والمسطحات لما لها من خطورة على الصحة العامة».
ورغم كافة التحذيرات الدينية والبيئية والصحية حول ظاهرة الذبح فى الشوارع للأضاحى من خراف وعجول وماعز وغير ذلك بمناسبة عيد الأضحى المبارك؛ فهناك مشاكل أخرى تضر المجتمع، منها:
• انتشار الروائح الكريهة للدماء.
• انسداد وتدمير شبكات الصرف الصحي، مما يؤدى إلى ارتفاع منسوب المجارى وتأثير ذلك على البيئة.
• تكاثر ظاهرة الكلاب الضالة والمسعورة والقطط والحشرات الزاحفة والطائرة من الذباب والبعوض بأماكن مخلفات الذبح فى الشوارع، مما يهدد بكثرة الأمراض والمخاطر على الصحة العامة للمواطنين.
ويضاف إلى ذلك انتشار ظاهرة شوادر عرض بيع الخراف والعجول فى الشوارع بالمحافظات وبعض الميادين، مما يؤثر سلبا فى البيئة بسبب تراكم روث ومخلفات البهائم ومخلفات عمليات البرسيم والعلف وغيرها.
ومن هنا، وحتى نواجه تلك الآفة الخطيرة التى تزداد مع ارتفاع حجم المذبوحات بشكل عام سنويًا، خصوصًا أنه قد أعلن منذ أيام عن الاستعداد بـ 26 ألف عجل، وما يقرب من 24 ألف جمل، هذا غير الخراف الحية والماعز التى لا يعرف إحصاء لها يضاف إلى ذلك استيراد ما يزيد على 66 ألف طن لحوم مجمدة.
إن حجم الذبيح خارج المجازر بالمحافظات والقرى والمدن والنجوع يزداد بشكل ملحوظ، لدرجة أن بعض المحافظين قد تزايدوا على بعضهم فى فرض الغرامات على ذبح الشوارع؛ ففى محافظة البحر الأحمر، أعلن اللواء أحمد عبد الله، أن عقوبة الذبح فى شوارع الغردقة ستكون 50 ألف جنيه.. بينما أعلن اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، أن الغرامة تبدأ من ألف إلى 20 ألفا، وفى المقابل أعلن نائب المحافظ بالمنطقة الشرقية بالقاهرة المهندس إبراهيم صابر، أن الغرامات لن تقل عن 5 آلاف جنيه، وفى ذات السياق أعلن اللواء عبد المجيد صقر محافظ السويس، أن غرامة الذبح فى الشوارع ستصل إلى 2000 جنيه «ألفى جنيه»، فى تناقض واضح ودون تنسيق أو معايير محددة.
وللأسف الشديد؛ فإن التناقض يمتد إلى الإحصاء عن عدد المجازر المملوكة للمحليات أو لبعض الشركات الخاصة أو الهيئات العامة ومؤسسات أخري، وهو ما يعكس عدم وجود تنسيق بين الأجهزة وغياب كود موحد للعمل الخاص بالمجازر الخاصة باللحوم الحمراء، ويمتد الأمر إلى المجازر الخاصة بذبح الدواجن أيضًا.
كما أن هناك وفقا للدراسات المعلنة عن الحالة العامة للمجازر فى المحافظات والتى تشرف عليها المحليات، تؤكدها تقارير هيئة الرقابة الإدارية، عن أوضاع حالة المجازر، فضلا عن تقارير هيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة.
وكل هذه التقارير المبعثرة، تؤكد الكثير من النواقص والعيوب التى تشمل تلك المجازر التى تحتاج رؤية موحدة بين وزارات «الصحة - الزراعة - البيئة - المالية - الدخلية - التموين» لوضع الشروط والكود الموحد من أجل تطوير المجازر ومتابعتها من أجل توفير الأدوات والأجهزة والبنية التحتية من مياه وصرف ونقل وتدوير المخلفات الخاصة بالذبائح، مع وضع أهمية تدريب العاملين من الأطقم الطبية والصحية والبيئية، والعاملين بالمجازر من الجزارين والمساعدين فى عمليات الذبح المختلفة.
ويبقى السؤال الأهم هنا حول الآتي:
• دور محطات التليفزيونات الإقليمية بطول البلاد وعرضها فى مواجهة ظاهرة ذبح الشوارع وخطورتها.
• دور لجنة الصحة والإدارة المحلية والبيئة والطاقة بمجلس النواب، من أجل قانون يجرم ذبح الشوارع ووضع الضوابط للذبح بالمجازر.
• أين دور جهاز حماية المستهلك؟
• أين دور هيئة سلامة الغذاء فى مصر؟
كل هذه الأسئلة وغيرها يجب أن نجد لها صدى عمليا، من أجل غد أفضل لبلادنا، مع اختفاء كافة الظواهر السلبية، خصوصًا ذبح الأضاحى فى الشوارع.. وكل عام أنتم بخير.