أثبت العلم الحديث أن كل ما كان يأكله أجدادنا فى مصر هو أصح طعام يمكن أن يتناوله الإنسان؛ لذا فإنه ليس من المستغرب أنهم تمتعوا بصحة أفضل بكثير من صحتنا، ولم يعرفوا طريق الطبيب كما عرفناه ولم يعانوا من البدانة والسكر وأمراض القلب كما نعانى نحن الآن، فماذا كانوا يأكلون؟ ولماذا هو صحي؟
١ـ كان آباؤنا وأجدادنا يفطرون يوميا على طبق الفول الذى كان يباع فى كل أركان مصر وكانوا إما يشترونه من بائع الفول الجوال أو يدمسونه فى منازلهم على الفوّالة. والفول مصدر رائع للبروتين النباتى الذى يحتاجه الجسم بكثرة كما أنه مصدر للألياف المتوافرة فى قشره وهى من النشويات التى لا تؤثر على مستوى السكر فى الدم. ومن المعروف الآن أن البروتين يزيد من إفراز هرمونات الشبع PYY وGLP-١ لذا فإن الفول يعطيك شعورًا بالامتلاء لفترة طويلة. وأروع ما يمكن إضافته للفول هو زيت الزيتون والليمون والطماطم والبقدونس فكلهم مفيدون صحيًا.
٢ـ كانوا يأكلون الجبن القريش ويشربون اللبن كامل الدسم والقشدة وأثبتت الأبحاث فى السنوات الخمس الماضى أن منتجات الألبان خاصة كاملة الدسم تقلل من فرصة الإصابة بمرض السكر من النوع الثانى كما أنها تقلل من نسبة الإصابة بانسداد شرايين الدماغ. والجبن القريش لا يحتوى على الملح الذى يرفع ضغط الدم.
٣ـ كانوا يأكلون المش ويصنعون الزبادى فى منازلهم وأثبتت الأبحاث أن الجبن المخمر يحتوى على البكتريا الحميدة لاكتوبسيلاس lactobacillus التى تفيد المعدة والأمعاء وتقلل فرصة الإصابة بمرض السكر لعملها كبريبيوتك prebiotic مما يقلل من البدانة ويحسن مستوى السكر فى الدم.
٤ـ كانوا يطهون طعامهم بالسمن البلدى الذى كانوا يصنعونه فى منازلهم وأثبت العلم الحديث أن هذا النوع من السمن أفضل بكثير من السمن الصناعى القاتل والمصنع من الزيوت المهدرجة، فالدهن المشبع من منتجات الألبان على عكس ما يعتقد الكثيرون مفيد للجسم. ونجرى الآن العديد من الأبحاث على أنواع البكتريا المختلفة فى الأمعاء وتأثيرها على الأمراض المزمنة.
٥ـ كانوا يأكلون الزيتون ويخللونه فى منازلهم بأنفسهم ويستخدمون زيت الزيتون وزيت بذرة القطن والزيت الحار وكلهم مفيدون صحيا وخاصة زيت الزيتون الذى يرفع مستوى الكوليسترول المفيد HDL ويخفض مستوى الكوليسترول الضار LDL. فهو أفضل الزيوت على الإطلاق. كان آبائنا وأجدادنا يهرسون الجبن القريش فى زيت الزيتون ويضيفون له الطماطم ليكون إفطارًا أو عشاءً رائعا.
٦ـ كانوا يأكلون الخبز الأسمر بالردة وهو أقل تأثيرا على مستوى السكر فى الدم. وكانوا يأكلون الخبز الفلاحى المصنع من القمح والذرة وهو أفضل بكثير من الخبز الأبيض المصنع من القمح المطحون فقط.
٧ـ كانوا يأكلون فى غذائهم السلاطة الخضراء من الطماطم والخيار والجرجير والبصل وكانوا يأكلون الفجل والسريس والبصل الأخضر والخس والجزر وكلهم يحتوى على الألياف المفيدة للقولون والتى تقي أيضا من سرطان القولون كما أنها تمنع الإمساك وتبطئ امتصاص السكر من الأمعاء.
٨- كانوا يأكلون القليل جدًا من اللحوم الحمراء وفى الأيام التى تذبح فيها المواشى فقط وكان نصيب الفرد لا يتعدى القطعة الواحدة. والمعروف الآن أن أكل اللحوم بكثرة يزيد من معدل الإصابة بالسكر ويزيد فرص الإصابة ببعض أنواع السرطانات.
كانوا يأكلون الطيور والأرانب والبيض والأسماك وكلها مصادر جيدة للبروتينات الحيوانية والتى يحتاجها الجسم لبناء العضلات. فالبيض مصدر هام للبروتين الخالص والكوليسترول فى صفار البيض سيئ الامتصاص ولا يؤثر كما كنّا نعتقد فى السابق على نسبة الكوليسترول فى الدم والأسماك هى أفضل البروتينيات على الإطلاق.
٩ـ كانوا يأكلون الكثير من الخضار المطبوخ والبقوليات المطبوخة مثل الفاصوليا والكوسة والباذنجان والبسلة واللوبيا والملوخية وكلها مصادر رائعة للنشويات الجيدة التى لا تؤثر على مستوى السكر فى الدم كما ومصادر عظيمة للبروتينيات النباتية المفيدة للجسم.
١٠ـ كانوا يأكلون حبة واحدة من الفاكهة الموسمية وغير المحفوظة بعد الغذاء وربما يكررونها فى المساء مع عشاء خفيف من الجبن الأبيض والخبز الأسمر. والفاكهة تحتوى على العديد من الفيتامينات المهمة ونوعية خاصة من الألياف التى تعوق امتصاص الدهون الضارة فتخفض نسبة الكوليسترول الضار فى الدم. كما أن سكر الفركتوز الموجود فى الفاكهة أقل خطرا من السكر. والفاكهة الموسمية لا تحتوى على مواد حافظة وسُمية.
١١ـ كانوا يشربون الشاى أو القهوة التركى بدون مبيض. وكلاهما يحتوى على مواد مضادة للأكسدة تفيد الجسم.
١٢ـ كانوا يشربون الماء ولم يعرفوا المشروبات الغازية والعصائر المحتوية على كمية عالية من السكر والتى تزيد من البدانة وفرصة الإصابة بالسكر. كانت تسليتهم لب البطيخ والشمام واللب السورى وكلها تؤثر إيجابيا على الكوليسترول بالدم.
آباؤنا وأجدادنا المصريون منذ أربعين عامًا فقط لم يعرفوا الانشون والببرونى والسلامى وأنواع السجق المختلفة ولم يأكلوا البيتزا والبطاطس المقرمشة وأكياس الشيتوز وأصابع البسكويت والسودانى المغطاة بالشيكولاته والمغلفات والمعلبات والمحفوظات فى الثلاجات من الأطعمة سابقة التحضير والمضاف إليها عشرات من المواد الكيميائية السامة لتراكمها فى الجسم وسكر الفركتوز الضار جدا بالصحة. كانوا يأكلون يوميا فى بيوتهم ولم يعرفوا التيك أواي.
ماذا فعلنا بأنفسنا وصحتنا بتخلينا عن أكلنا المصرى الصحى وجرينا وراء تقليد الغرب وملء أرفف السوبر ماركت والثلاجات بالزبالة الغذائية التى بدأ الغرب بالإقلاع عنها تدريجيًا بعد أن تفشت فيهم الأمراض المزمنة كالسكر والبدانة وأمراض القلب والكلى وارتفاع ضغط الدم. أين الوعى الصحى والغذائي؟ هل دور وزارة الصحة علاج الأمراض فقط أم الوقاية منها فى المقام الأول؟ أين دور الإعلام الرسمى بعد أن سقط الإعلام المرئى الخاص فريسة للإعلانات عن هذه الأطعمة فإن هاجمها سيقفل أبوابه؟ ما دور الشباب المثقف فى مقاطعة هذه الأطعمة الضارة التى نصرف المليارات من الدولارات على استيرادها والتى تشكل حوالى ٢٤٪ من حجم الإستيراد فى مصر. نريد حملة قومية للرجوع إلى أكل الجدود. نريد أن نطعم أبنائنا طعاما صحيا بدلا من خلق جيلًا عليلًا آخر. سنوفر المليارات المهدرة فى علاج هذه الأمراض المزمنة التى نفخت أبداننا وأعَّلتها وأرهقت جيوبنا وأفرغتها.
والآن أترككم مع قول رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ.