السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

من ذاكرة ماسبيرو.. كامل الشناوي أكثر الشعراء عذابًا.. نجاة الصغيرة احتلت قلبه.. وخلد قصة حبه لها في قصائد "لا تكذبي".. و"حبيبها لست وحدك"

كامل الشناوي - نجاة
كامل الشناوي - نجاة الصغيرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان الحديث عن علاقة الحب التى ربطت الكاتب الصحفى كامل الشناوى بنجاة الصغيرة أدى لاتهام البعض لها بالتسبب فى وفاة الشناوي، قصة الحوار بدأت من نجاة الصغيرة التى رغبت فى تخفيف حدة الانتقادات الموجهة لها والشائعات الخاصة بأن قصيدة «لا تكذبي» لها شخصيا، مما دفعها لاستضافة كامل الشناوى كشاعر مصرى ضيفًا فى برنامج تقدمه ليتحدث عن الشعر والحب والموسيقى.
فى بداية الحوار تحدث «الشناوي» عن الشعر، فطلب منه اختيار أغنية للبدء فى عرضها ففاجأها بطلب أغنية لا تكذبي، لكن بصوت الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، الأمر الذى تسبب فى حرج له لكن انتهى الحوار، ولم يتوقف الجدل حتى وفاة كامل الشناوي.
وبعد وفاته كتب مصطفى أمين مقالًا بعنوان «من قتل كامل الشناوى»، وبحكم صداقتها للشناوى، وغنائها له إحدى أفضل قصائدها لا تكذبى اهتمت كثيرًا بقراءة المقال لكنها لم تكن تعرف أنها ستصدم بسبب ما جاء فيه.
وفى ذلك الوقت اتصلت نجاة بمحاميها فتحى رجب، تخبره بعصبية شديدة استياءها وتطالبه برفع دعوى قضائية ضد مصطفى أمين، وأخذت تقرأ له ما كتبه عنها بغضب وضيق، مؤكدة أنها لن تتراجع حتى تعاقبه بالحبس وغرامة كبيرة على ما كتبه فى حقها وتشويه صورتها، والربط بينها وبين موت كامل الشناوي.
عاش الشناوى وسط الصحفيين يعلمون منه ومن الأحداث المحيطة حوله أن هذا الحب من طرف واحد فقط، ولكنه كان يخلق لنفسه عالما من الوهم والخيال، وكان يحب الكثير من الفنانات حسبما ذكر، كان يحب نادية لطفى وسعاد حسنى وثلاث مذيعات جميلات فى التليفزيون، ولكن حبه الكبير، حبه الذى استغرق منه ديوانا من الشعر، حبه الذى صوره فى تجربته العاطفية الشهيرة باسم لا تكذبى هو حبه لنجاة، لم تتوقف نيران حبه للدرجة التى خجل فيها من قلبه وخاطبه قائلا احتشم يا قلبي. فالحب طيش وشباب وأنت طيش فقط.
وكانت قصته الأشهر مع نجاة هى الأكثر خلودًا، فلقد أحبها بجنون ولم تبادله ذلك الحب ولا وفاءه، وكان يعلم ذلك لكنه لا يستطيع أن يتوقف عن حبها، بل كان عذابه يستوحش أثناء الخصام فلا يتحمل الهجر والخصم، فكان يقول افهمينى على حقيقتي، إننى لا أجرى وراءك بل أجرى وراء دموعي، هكذا كتب إليها ذات مرة فى إحدى نوبات عشقه.
ولقد تعرض «الشناوي» لكثير من الصدمات أثناء حبه لنجاة الصغيرة، كان أبرزها عام ١٩٦٢ فى عيد ميلادها عندما اشترى هدايا الحفل، وحضر برفقة أصدقائه فى شقتها بالزمالك، وعند إطفاء الشموع اختارت يوسف إدريس ليقطع التورتة معها ممسكا بيدها، فانسحب الشناوى حزينا باكيا، ثم تضاعفت أحزانه حين رآهما سويا، فكتب كلماته المعروفة لا تكذبى إنى رأيتكما معا ودعى البكاء فقد كرهت الأدمعا.
وفى أحد الأيام ذهب لمصطفى أمين ومعه قصيدته، فاتصل بنجاة على أمل أن تغنيها، وألقاها عليها فى الهاتف كامل الشناوى بصوت منتحب، وبعد انتهائه فوجئ برد بارد الله حلوة قوى الأغنية، وكأنها لا تدرى أنها كتبت فيها.
وقد عبر الشناوى بقوله إنها تحتل قلبي.. تتصرف فيه كما لو كان بيتها تكنسه وتمسحه وتعيد ترتيب الأثاث وتقابل فيه كل الناس.. شخص واحد تتهرب منه. صاحب البيت، ثم عبر عن هجرها لحبه لها بقوله «هل ألعنها أم ألعن الزمن.. كانت تتخاطفها الأعين فصارت تتخاطفها الأيدي، ثم كتب قصيدته الرائعة التى غناها عبدالحليم حافظ: حبيبها لست وحدك حبيبها أنا قبلك وربما جئت بعدك.
كان دائما قلمه هو النبض الحى القاطن بقلبه وفى إحدى المرات شاهد أحد محبيها يتودد إليها، فكتب ساخرا، إنها كالدنيا.. لا تبقى ولا تتجدد إلا إذا خرج من حياتها أناس.. ما أكثر الذين شاهدتهم وهم يغادرونها وما أكثر المواليد الذين رأيتهم على بابها، صد نجاة لحب الشناوى كان يمثل أمرا صعبا عليه، ولم يرغب فى تصديقه، حتى إن مصطفى أمين كتب أن كامل كان يقول: لا أفهمها، فهى امرأة غامضة لا أعرف هل هى تحبنى أم تكرهنى هل تريد أن تحيينى أم تقتلني؟ أصابته لعنة الحب الفاشل، أصابته حتى إنه كان يشعر بأن هجر محبوبته قتله، ولم يبق سوى موعد تشييع الجنازة، وكان يجلس يوميا يكتب عن عذابه، وأصبح يتردد على المقابر، وحينما سأله مصطفى أمين عن ذلك، أجابه بابتسامة حزينة وقال: أريد أن أتعود على الجو الذى سأبقى فيه إلى الأبد، جراح الحب الأليم ظلت تنزف فى قلب كامل الشناوى الذى ظل مخلصا لجرحه، رغم العذاب الذى كان يشعر به، حتى قيل إنه مات مكتئبا، وذلك فى ٣٠ نوفمبر ١٩٦٥.