يرحل الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى رحمة الله عليه، ونتذكر مع رحيله التجربة التونسية، التى طالما كانت محط الأنظار من المساواة بين الرجل والمرأة وصولا إلى محاولة إيجاد صيغة صعبة للتعايش السلمى بين مختلف فئات الشعب التونسي.. يرحل السبسى ويوارى الثرى، أمس، فى موكب مهيب وحزن نبيل رأيناه فى وجه الأشقاء التوانسة.. صحيح أن طموح الشعب التونسى ما زال يتجاوز السماء التى وصل إليها الراحل، ولكن يحسب له أنه قاد تونس فى أصعب مراحلها فى ظل تربص الإخوانجية وتغول المرزوقى والغنوشى ومن لف لفهم.
ولم يكن لهذا الرحيل أن يمر إلا ويضع الإسلامجية «التاتش» المنفر والمقزز لهم، وعلى الرغم من الدرس البليغ الذى أعطاه التقدميون فى مصر عند رحيل المدعو محمد مرسى، الذى شغل فى سنة سوداء حكم مصر، حيث ترفع التقدميون عن التلاسن وابتعدوا تماما بقناعة تامة عن الشماتة.. إلا أن تيار الإسلام السياسي، وهو أبعد ما يكون عن الإسلام، يؤكد فى كل تجربة مدى الوضاعة الأخلاقية التى يتمتعون بها.. رأينا ذلك فى مواقفهم تجاه اغتيال الدكتور فرج فودة ووفاة الدكتور رفعت السعيد ورحيل الرمز الفلسطينى البارز الشاعر محمود درويش، رأينا منهم كل فساد فى التفكير والإحساس.
واليوم لم يتركوا الفرصة ليجددوا عهدهم ودستورهم، فيخرج علينا المدعو وجدى غنيم يوم الخميس الماضى فى تدوينة له على صفحته بموقع فيسبوك، مهاجمًا الراحل التونسى الكبير وبدلًا عن الترحم على رجل تجاوز التسعين من عمره هاجمه ووصفه بما ليس فيه، كما لو كان هذا الإخوانى متحدثًا باسم الرب والعياذ بالله.
وجدى غنيم لمن لا يعرفه هو المشهور بـ«طشت أم وجدي»، حين قارن قناة السويس الجديدة بطشت أمه.. هذا الرجل ليس خفيف الدم لنضحك مع تصريحاته، لذلك يتعجب المتابع كيف لرجل يزعم أنه دارس لدين الرحمة يمتلك هذه الفظاظة ويحتكر الحقيقة وحده ويصف شخصية عامة مثل السبسى بأنه كذا أو كذا.. هذا الأسلوب فى الكتابة والتعليق وهذا المنهج فى التفكير لا يمكن أن ينتمى إلى روح الأديان أو الإنسانية بقدر ما ينتمى إلى جلاد شتام كريه.
لذلك لم تمر تدوينة غنيم مرور الكرام على المصريين أو التوانسة، فقد ثارت التعليقات المضادة لغنيم بشكل لافت للنظر.. غضب عارم ورفض قاطع لغنيم وإخوانه ومنهجهم، وهنا تدخل الحكومة التونسية فى تلك المباراة، رغم جراحها ووداع رئيسها، حيث قرر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، منع الإخوانى وجدى غنيم من دخول تونس مرة أخرى، وذلك ردًا على ما نشره حول الرئيس الراحل الباجى قايد السبسي. وأكد المتحدث باسم الحكومة التونسية إياد الدهمانى فى تصريحات لوكالة تونس للأنباء، أن «رئيس الحكومة يعتبر ما صدر عن غنيم سلوكًا متطرفًا وعنيفًا هدفه الإساءة ليس للرئيس الراحل فقط، بل للدولة التونسية ولكل الشعب التونسي».
يومًا بعد يوم تتأكد المناهج المسمومة للإخوانجية ومن حولهم... يومًا بعد يوم يتأكد المواطن العربى من فساد فكرة التأسلم السياسى ومن خطورة التعايش معهم.. ربما انتبهت مؤخرًا دولة الكويت لذلك السرطان عندما قررت التعاون مع مصر والقبض على خلية إخوانية هناك، وها هى تونس تصرخ من غنيم وإخوانه داخل تونس.. فهل يأتى علينا يوم وتعلن الدول الراعية للإرهابيين مثل تركيا وقطر عن اكتشافهما الخطر الإخوانى والعمل على استئصال منابع فكرهم.. لا أظن أن هذا اليوم بقريب، ولكن الواجب علينا هو أن نكرر القول المعروف بأن من يلعب مع الثعابين السامة لا بد أن يموت ملدوغًا.
رحم الله القائد التونسى الراحل.. وحفظ الله بلادنا من عناصر التخريب قساة القلوب فاسدوا الفكر الإخوان ومن معهم.