• أردوغان يتحرك منذ سنين مضت وفق أيديولوجية محض دينية وليست وطنية تركية أبدًا، وهذا أكيد وموضوعى وجلى وظاهر للعيان، فما زال أردوغان كإخوانى يحلم ويحاول جاهدًا إحياء مشروع الخلافة الوهمى، والذى لا وجود له إلا فى عقول الإخوان.
• يتم ذلك كله منذ سنين مضت على حساب الوطن التركى وعلى حساب الناخب التركى ودافع الضرائب التركى، الذى يحلم بتحسن أحواله ويحلم بانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبى دون جدوى تذكر أو أقل تقدم باتجاه الهدف المنشود.
• أردوغان يحلم بمشروع الخلافة الوهمى على حساب العلاقات التركية العربية أيضًا وعلى حساب بعض حلفاء وأصدقاء تركيا التقليديين من العرب، وعلى حساب حلم الشعب التركى فى الانضمام للاتحاد أيضًا.
• وغنى عن البيان أن الرجل فشل فى المسارين المؤديين لتحقيق حلم الشعب التركى بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى طوال ١٧ عامًا مضت وهما المسار الحقوقى (حقوق الإنسان) والمسار الاقتصادى بعد أن حقق حزبه فى البداية طفرة اقتصادية كانت سببًا فى دعم الناخب التركى له طوال سنين مضت.
• ومنذ العام ٢٠٠٢ وطوال ١٧ عاما كاملة ظل الأتراك ينتظرون تحقيق الحلم دون جدوى تذكر، ناهيك عن حدوث انسداد شبه كامل الآن فى المسارين معًا الحقوقى والاقتصادى وخصوصًا بعد انقلاب ٢٠١٦ الذى ذهب بعقل أردوغان، فراح يعتقل كل من له علاقه بالزعيم الصوفى جولن، والذى رفضت الحليفة أمريكا تسليمه إلى أردوغان، فى كل مؤسسات الدولة متبنيا سياسة ديكتاتورية طائشة وعشوائية ودونكيشوتية مضحكة، حتى اكتظت السجون بشكل لم تعهده تركيا ولا شعبها طوال تاريخها الحديث وبشكل أطاح بسمعة الديمقراطية التركية وضربها فى مقتل.
• لكن ليس كافيًا أن يفشل أردوغان حقوقيًا أو اقتصاديًا حتى يسقط، وليس كافيا أيضًا أن ينجح بعض رموز حزب أتاتورك المعارض فى رئاسة بعض البلديات هناك كى يسقط أردوغان وحزبه فى الانتخابات المقبلة فى البرلمان والرئاسة!!
• المهم والحاسم والقاطع هو أن ينجح أوغلو ورفاقه من حزب أتاتورك الشعب الجمهورى فى قياده بلدية إسطنبول وغيرها من المدن وأن يحدثوا طفرة تحولهم فى نظر الناخب التركى إلى بديل وتحول أوغلو إلى بديل لانتخابات الرئاسة المقبلة.
• مشكله المخاض التركى أن البديل الانتخابى والسياسى الرئاسى والحكومى لم يتبلور بعد فى ضمير الناخبين، هم واثقون من فشل أردوغان، نعم واثقون، وراحوا يصوتون فعلا بكثافة ضد حزبه ويعطون جزءا من القيادة لحزب الشعب الجمهورى، وهذا ما ظهر جليًا من نتائج الانتخابات الأخيرة قطعًا.
• ولكن يبقى السؤال ملحًا ومهما للغاية، وهل يستطيع رجال حزب أتاتورك أن يقدموا أنفسهم كبدائل سياسية وانتخابية لأردوغان وحزبه، هذا هو السؤال وهذا هو الرهان، ولو نجح قيادات حزب أتاتورك فى إدارة البلديات التى نجحوا فى رئاستها فى الانتخابات الأخيرة، وخصوصا إسطنبول وقدموا للناس البديل الآمن سيسقط على الفور حزب أردوغان تمامًا.
• ولا ننسى ولا يجب أن يفوت علينا أو يسقط من حساباتنا أن أردوغان سيحاول إعاقتهم ومضايقتهم بشتى الطرق وسيعمل على إفشالهم دون شك وسيسهر حزبه وأنصاره وداعموه على ذلك طبعا بلا أدنى شك، هناك تحد بالغ الخطورة نعم هناك تحد وهناك أيضا رهان.
• كذلك لا يجب أن يفوت علينا أن الناخب غالبا ما يعاقب القائمين ويصوت للقادمين فيما يعرف بالتصويت العقابى، ولكن على القادمين أن يقدموا الدليل الناجز على أحقيتهم فى ثقه الناخبين وإلا انقلب الأمر تمامًا وقالت الجماهير للمخلوع الذى أسقطوه (أسفين يا ريس) ولا عجب وقتها.
• الناخبون فى مصر مثلا انتقموا من القائمين (الحزب الوطنى الديمقراطى) وأعطوا أصواتهم بكثافه وبزخ كاملين فى انتخابات ٢٠١٢ للإخوان وللسلفيين، ولكن ماذا حدث بعدها؟!
• أثبت الإخوان سريعًا للناخبين أنهم ليسوا بديلًا آمنًا، أو ليسوا بديلًا أصلًا وأنهم ليسوا أهلا للثقة الشعبية وبرهنوا فى أيام معدودات على أنهم ليسوا رجال دولة أصلًا، وأنهم عنصريون إلى النخاع ولن يعطوا الفرص إلا لميليشياتهم وأنهم إرهابيون بامتياز ويحاولون هدم مؤسسات الدولة بدلا من بنائها وأنهم لا يمتلكون رؤى ناجزة أو حلولا منقذة وأنهم فارغون مزايدون فقط وانتقاميون فقط وطائفيون وخطر على أمن مصر وتماسك نسيجها الوطنى وأنهم مشغولون بأنفسهم وبعشيرتهم وأن الجماعة أهم من الدولة وأن الإخوانى على رأسه ريشه وأن المواطنة لا محل لها ولا مكان وأن حل مشاكل إسرائيل ونقل فلسطينيى غزة إلى سيناء هو الأهم لديهم، وأن مساعدة أعضاء حماس الإخوانية هو شاغل الإدارة الأكبر، حيث أعلن رئيس الجمهورية وقتها، متناسيا كل المصريين الفقراء والمعدمين، أنه لو يستطيع أن يرسل وجبات ساخنة إلى غزة لفعل وأنه حريص على حياة الإرهابيين الخاطفين والمخطوفين!!، وراح يصدر قرارات العفو عن المجرمين الإرهابيين المحكوم عليهم بأحكام نهائية ويتواصل مع أمراء الإرهاب فى الخارج ويستقدم الإرهابيين إلى مصر ويغتصب السلطة التأسيسية (التى هى سلطه الشعب) ويصدر الدساتير بنفسه وراحت ميليشياته وأنصاره يحاصرون المؤسسات، فحدثت ردة شديدة على ثورة يناير وما أتت به وعلى الرغبة فى التغيير ونتائجه وقال قطاع يعتد به من الثائرين،والذين كانوا غير راضين قولتهم المشهورة (أسفين يا ريس) وثار الجميع ضد الإخوان فى ثورة يونيه العظيمة واقتلعوهم وأزاحوهم وأعادوهم إلى السجون مرة أخرى بعد أن أجلسوهم على مقاعد الحكم، الإرادة الشعبية حادة المزاج وحاسمة وتحيى وتميت وقد تخرج بك من السجن إلى مقاعد السلطة، لكنها قد تعيدك على الفور مرة أخرى إلى حيث كنت إذا لم تكن على حجم المسئولية وعلى حجم المهمة وعلى حجم الأمانة، وقد تقذف بك الإرادة الشعبية إلى مزبلة التاريخ.