الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تسويق البقرة البنفسجية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتصل الفرد العادى بمواقع التسوق عبر الإنترنت بواقع ثلاث مرات يوميًا من أجل استشارة المواقع المختصة حول تلك الأشياء التى يجب أن يشتريها وتلك التى يجب أن يتخلى عنها فى حياته، وأى تلك الأشياء يجب أن يحصل عليها من علامة تجارية معينة وكلما زار تلك المواقع أكثر كلما تم تسجيل زياراته وتقديم ما يناسبه فى مواقع مميزة من الصفحة أكثر بالنسبة لاستخدامه فى الصفحة ومن هنا لجأ المسوقون لما يسمى «التسويق الذكي».
يعتمد التسويق الذكى على غرس خصائص وصفات معينة فى المتسوقين، ويعمل هذا الغرس على تحقيق أهدافه لدى حوالى من ٢٠ إلى ٣٨ فى المائة من المتعرضين للموقع الإلكترونى عرضًا أو قصدًا يعتمد ذلك على تتبع حركتهم داخل الموقع، وتحديد أى الأشياء يهتمون بها حسب الكثافة وأولوية التعرض، بحيث يقع المتسوق فى مصيدة المسوق ومن ثم يبدأ فى عرض ما لديه عليه وفق خطته التسويق لمستهلك يريد سلعته مسبقًا.
والتسويق الذكى يعد استكمالاً لمنظومة التسويق التى بدأت بتوزيع المنتجات على المنازل اعتمادًا على بائع يتجول على المنازل، اصطلح على تسميته بين الزبائن بـ «مندوب الدعاية»، وحين يتجمع لدى البائع عدد من الأفراد لديهم صفات مشتركة فإنه يقوم بتكييف منتجاته وفق حاجاتهم وأمزجتهم الشخصية وضرورات حياتهم، وهو ما يحدث فى التسويق الذكى مضافًا لذلك القدرة على تحديد أكثر للخصائص التى يفضلها الزبون، لنصل للمرحلة التى اصطلح على تسميتها بـ«منتج لكل مواطن» إذ يمكن تكييف المنتج بحيث تتغير خصائص ذات المنتج باختلاف مستخدمه من الزبائن فيمكن لشركة السيارات أن تقدم لعملائها سيارة تناسب كلا منهم فتغير لونها وطبيعة الأثاث فيها وربما سرعتها القصوى وجهة تصنيع محتوياتها.
حين نفكر فى كم المعلومات الذى يمكن أن يتوفر لدى كل مواطن عن طريق الإنترنت يطالعنا ضخامة حجمها وصعوبة التعامل معها ومن ثم فإنها تحتاج لتحليل كمى وكيفى حتى يمكن تجهيز الأعداد المطلوبة من المنتجات بمواصفاتها المختلفة، وتساعدنا فى ذلك مجموعة كبيرة من البرمجيات المتاحة على الإنترنت.
ينصح المسوقون هنا باتباع عدد من الخطوات التى تضمن لك بناء عقل ذكى لموقعك يقدم تسويقًا ذكيًا لعملائك، وهذه الخطوات تبدأ بخطوة جمع المعلومات باختيار نوع الأسئلة الأنسب لعملائك، اذ ستفاجأ بكم المعلومات غير الصالحة للاستخدام، والتى ستؤثر كمًا وكيفًا على تلك المعلومات المستهدفة لديك، فالأصل فى القضية تحديد التحديد للمعلومة التى تريدها، ثم يلى ذلك الخطوة الثانية وهى استخدام المعلومات التى تم الحصول عليها بالشكل الأنسب، ويأتى ذلك عبر استخدام برنامج التحليل المناسب لها ووضع النتائج فى طرقها المنطقية نحو تحقيق الهدف منها كأن تستخدم المعلومات بعد تحليلها لتحديد شكل منتج جديد اعتمادًا على رغبات جديدة للأفراد، كما انتشر استخدام ملابس بخامات معدنية عبر طلبها من خلال الإنترنت ثم تأتى أخيرًا خطوة تقييم المجهود السابق كله وتأييده أو الإضافة عليه أو استبعاده تمامًا لو انحرف عن تحقيق المأمول منه. 
يتم كل ذلك عبر مواقع رسمية للمنتجين ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ أفرز التعامل فى ذلك المجال مع تويتر عن انتشار أكثر لشراء المواد الصديقة للبيئة.
ومن هنا على المتسوقين عبر الإنترنت أن يستمتعوا أيضًا بالتسويق الذكى ونتائجه، وذلك عبر إمداد المواقع التى تتسوق من خلالها بمعلومات حقيقية عما تريده ومن ثم تحصل على مما تريده بدقة، وهنا قد يتحول التسويق لمرحلة جديدة من الابتكار هى مرحلة «اطلب واتمنى» لدى المسوق التى تجعل من المتسوق صاحب أوامر يجب تلبيتها حتى تستمر الجهات المنتجة فى الحياة بشكل منتعش ناجح، إذ إنها تستخدم التسويق الذكى من أجل إنتاج طبعات جديدة من منتجاتها أو حتى إنتاج منتجات جديدة، وهو أمر سينقلنا إلى إتاحة منتج تحت الطلب تقدم فيه الشركة خدمة لعملائها بطريقة تمتد فيها الخصوصية إلى الشخصية.
لعل أهم مؤلف ما اعتمد عليه التسويق الذكى فى تحديد معالمه هو كتاب «البقرة البنفسجية» للكاتب سيث جودين إذ لا يذكر التسويق الذكى إلا وذكر معه ذلك الكتاب فى معظم الأحوال، صدر هذا الكتاب عام ٢٠٠٣ م وقدم فيه فكر ة تسويقية ثورية فى وقتها مفادها هو: (كيف تقدم منتجًا مختلفًا واستثنائيًا لا يشبه أى منتج آخر تماما كالبقرة البنفسجية إذ لو وجدت بقرة بنفسجية ستكون وحيدة وفريدة، تماما كالمنتج الذى يصمم لكل زبون على حدة باستخدام آليات التسويق الذكي. 
يظل التسويق بالبقرة البنفسجية مشتملاً على مخاطرة كبيرة إذ لا شيء يضمن لك على الإطلاق أن العالم سيحب بقرة لونها بنفسجى حتى لو اخبارك جميعا أن ذلك سيحدث، لأن الحاجات شخصية لدرجة لا يمكن معها تخيل شكل إشباعها، والشيء الذى يساهم فى تخفيض تلك المخاطرة هو التعامل مع الجمهور المناسب بشكل أكثر تحديدًا، إذ ترتفع نسبة نجاح قبول البقرة البنفسجية مثلا كلما أعطيناها لأشخاص حددنا بدقة أكثر أنهم يحبون اللون البنفسجي مسبقًا.
كما أن هناك قاعدة تزيد من احتمالية نجاح أية عملية تسويقية وهي: (الحرص على أن تكون مفيدًا بشكل استثنائي) إذ لو كنت مفيدًا سيختفى الكثير من نقاط ضعفك حين تظهر فائدتك.