الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ذاكرة 23 يوليو.. "السفير أحمد طايع" أول وزير خارجية بعد ثورة 1952.. عمل قنصلا لمصر باليابان وألمانيا وفلسطين.. استقال بعد 3 أشهر بسبب التدخل في عمله.. وختم حياته محاميًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بالتزامن مع الذكرى الـ67 لثورة 23 يوليو المجيدة، التي تحل علينا اليوم الثلاثاء، وبعيدا عن الثمار والمكاسب التي جنتها الطبقات الكادحة من عمال وفلاحين، من تلك الثورة من خلال إصدار قانون الإصلاح الزراعي، والقضاء على الإقطاع، إلا أنه كان هناك مكسب آخر يخص محافظة الأقصر، وهو تعيين أول وزير لخارجية مصر من أحد أبنائها.


كان السفير أحمد محمد فراج طايع، ابن قرية أصفون المطاعنة بمدينة إسنا جنوب الأقصر هو أول وزير للخارجية لمصر عقب ثورة 23 يوليو سنة 1952، قبل أن يتقدم باستقالته من الوزارة، بعدما أعلن اعتراضه علي تعيين بعض الشخصيات بسلك وزارة الخارجية دون موافقته، ليعمل بعد ذلك في المحاماة.

 

بداية، قال صلاح الأمير، حفيد شقيق السفير أحمد فراج طايع، إن قرية أصفون المطاعنة بمدينة إسنا شهدت ميلاد أول وزير للخارجية في مصر عقب ثورة 52، وإنه مكث بها لفترة طويلة، وأتم دراسته بمدرسة إسنا الابتدائية والإعدادية ثم تخرج من الثانوية بالمدرسة الموجودة بمدينته، إلا أنه فضّل إن يكمل دراسته في القاهرة، وهذا ما لقي قبولًا من جانب والده الذي كان أحد أعيان المدينة، فدفع بأصغر أبنائه بالسفر إلي القاهرة، ليمكث بها خلال فترة دراسته حتى ألتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية، وحصل على درجة الليسانس عام 1926، ثم التحق بوزارة الخارجية وترقى حتى أصبح سفيرا لمصر في دولة اليابان ثم ألمانيا، ليعين بعدها قنصلًا عامًا للمملكة المصرية في دولة فلسطين مشيرا إلى أنه تمكن من تقلد عددًا من المناصب الأخرى، كما كانت تربطه علاقة صداقة مع الرئيس الأسبق محمد نجيب، والتي وصلت إلي حد تبادل الزيارات بين الطرفين، حيث كانا يقوما بزيارة بعضهما بشكل ودي للغاية، بعيدًا عن الشئون السياسية.

 

وكان "فراج طايع" آخر قنصل لمصر في دولة فلسطين في عام 1948 لتبدأ الحرب الصهيونية وقرار تقسيم فلسطين وقيام دولة يهودية في الأرض العربية، ليرسل إلى وزارة الخارجية المصرية في يناير من سنة 1948، يشكو من تباطؤ البلاد العربية في مد فلسطين بالأسلحة التي طالما وعد بها رؤساء الحكومات العربية، مشيرًا إلى كون أهل فلسطين بدءوا الاعتقاد أن رؤساء الحكومات اتخذوا من مأساة فلسطين وسيلة للدعاية الحزبية - وفقا لـ"أحمد الشقيري" في كتابه "الجامعة العربية كيف تكون جامعة وكيف تصبح عربية"، ولم يكتف فراج طايع، بموقفه الدبلوماسي فقط، ولكنه خطط لقطع المياه عن الأماكن التي تواجد بها اليهود، مستفيدًا من كون الأماكن التي يملكها العرب في القدس مليئة بالآبار، بينما لا توجد أي أبار في الأحياء اليهودية والتي كانت تسع مائة ألف يهودي، إلا إن تدخل مجلس الأمن عدة مرات أنقذ يهود القدس من الكارثة التي خطط لها "فراج".


فيما قال عثمان العريان، أحد أهالي قرية أصفون ويعمل صحفيا، إنه بعد قيام الجيش المصري بحركة ثورية في 23 يوليو 1952 كان "فراج" سفيرا لمصر بدولة سوريا وتم تم تعيينه مندوبا لمصر في هيئة الأمم المتحدة بدلا من الدكتور محمود فوزي على أن يتم نقل الأخير إلى لندن وقبل أن يتسلم أحمد فراج العمل، صدر قرار بتعيينه وزيرا للخارجية في حكومة محمد نجيب الأولى ليصبح أول وزير للخارجية في مصر بعد الثورة وذلك في السابع من سبتمبر عام 1952، إلا أنه لم يكمل في المنصب سوى ثلاثة أشهر فقط، ليقدم استقالته في التاسع من ديسمبر عام 1952.

وأضاف العريان، أنع بعد الاستقالة عمل سفيرنا في المحاماة، وافتتح مكتبه بشارع سليمان باشا بالقاهرة وانهالت عليه القضايا الكبيرة من الشركات الأجنبية حيث كان محاميا بارعا قديرا، حيث أثبت كفاءته فيها مما جعله محاميًا لكبرى الشركات الأجنبية، بخلاف كونه لم يقبل أية قضايا ليست على حق، مشيرا إلى أن السفير أحمد فراج طايع، لديه ابن وحيد وثلاث بنات، حيث يعمل ابنه الدكتور المهندس عادل أحمد فراج أستاذا بجامعة دبلن بايرلندا، ولديه 3 كريمات، إحداهن دكتورة بكندا وعميدة الجالية العربية بكندا والأخرى حاصلة على ليسانس الآداب قسم اللغة الانجليزية بجامعة القاهرة، والثالثة أستاذة جامعيه بلندن، مشيرا إلى أنه توفي عن عمر يناهز الـ76 عامًا بعد مشوار طويل وحياة حافلة مع العمل الدبلوماسي والمحاماة، لكن أسمه سيبقى خالدا مع عظماءنا وأعلامنا الذين نفتخر بهم دوما بمحافظة الأقصر.


فيما قال عبد المنعم عبد العظيم مدير مكتب دراسات الصعيد، إن الأقصر قدمت العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ مصر القديم والحديث ومن أهم هذه الشخصيات كان السفير "أحمد فراج طايع" وهو أول وزير خارجية لمصر بعد الثورة وكان من الشخصيات الغيورة على سمعة مصر أثناء عمله في الخارج ومحافظا على كرامة كل مصري، ودليل على ذلك لقائه مع الشيخ أبو الوفا الشرقاوي القطب الصوفي حيث عمل على تذليل كافة العقبات له وأثناء زيارته لمسجد من مساجد برلين بألمانيا واستقبله في لقاء كريم واحتفال بهيج.


وأضاف عبد العظيم، أن استقالة "طايع" بعد قضاء فترة قليلة في المنصب جاءت احتجاجًا على تدخل مجلس قيادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر، في اختصاصاته وتعيين بعض السفراء في غيابه وأثناء أدائه لمهمة خارج البلاد دون الرجوع إليه، ورغم محاولات الرئيس الأسبق محمد نجيب ومجموعة من الوزراء استمالته وإقناعه للعدول عن الاستقالة إلا أن رفض كل تلك المحاولات وصمم على الاستقالة واكتفى بفتح مكتب للمحاماة ليكمل فيه بقيه حياته بعد مشوار طويل في العمل الدبلوماسي.

وتابع مدير مكتب دراسات الصعيد، أن "فراج" قام بكتابة كتابين وله بعض المؤلفات منها كتاب "صفحات مطوية عن فلسطين"، والذي قام بكتابته خلال فترة تقلده منصب سفير مصر بفلسطين وهو ما يعتبر مرجعًا لكافة ألاعيب الدول الاستعمارية، وكتاب أخر وهو "مذكرات دبلوماسي في الأمم المتحدة" وقال عنه احد الكتاب من الدبلوماسيين، الذين تولوا وزارة الخارجية، رجال الحياة العامة الذين تركوا بصمتهم في وزارة الخارجية ويتصدرهم أحمد فراج طايع، أول وزير خارجية في عهد الثورة والذي يعد علامة في الدبلوماسية المصرية رغم أنه لم يبق في منصبه سوي ٤ أشهر.