قال وزير شئون النازحين في لبنان صالح الغريب، إنه وفريقه السياسي مصممون على إحالة أحداث العنف والاشتباكات المسلحة التي وقعت قبل نحو 3 أسابيع في منطقة الجبل، إلى المجلس العدلي (جهة قضائية استثنائية تنظر في القضايا شديدة الخطورة التي تمس أمن الدولة) وأن هذا الإصرار ليس من قبيل "التشفي أو الكيدية السياسية أو الانتصار السياسي على الفريق الآخر".
وأشار الوزير الغريب – في مؤتمر صحفي له عقب لقاء عقده مساء اليوم مع رئيس الحكومة سعد الحريري – إلى أن رئيس الوزراء حريص على التضامن الحكومي ووحدة لبنان ومنطقة الجبل، وأنه (الحريري) على يقين من خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد.
وأكد أنه مع تفعيل عمل مجلس الوزراء، وأن الحريري يجري الاتصالات اللازمة لتقريب وجهات النظر ومنفتح على مناقشة "المخارج اللائقة" للأزمة الناتجة عن أحداث الجبل. مضيفا: "ما نُطالب به هو إحقاق الحق، وفي توصف الجريمة، فإن أحداث الجبل يجب أن تُحال إلى المجلس العدلي".
ونفى الوزير الغريب أن يكون وفريقه السياسي "يستبقون مسار التحقيقات" بإصرارهم على إحالة القضية إلى المجلس العدلي، مشيرا إلى أنه لم يتلق عرضا من الرئيس ميشال عون لحل الأزمة بإحالة القضية إلى المحكمة العسكرية.
وقال: "هناك وزير في الحكومة الحالية تعرض لكمين مسلح ومحاولة اغتيال في منطقة الجبل، ومن الطبيعي جدا أن يطرح الموضوع على مجلس الوزراء وأن نطالب بإحالته على المجلس العدلي، ولكن لا يمكن ألا يطرح الأمر على التصويت.. نحن لدينا مطلب طرح الموضوع على مجلس الوزراء للتصويت إذا تعذر التوافق".
ويشهد مسار العمل الحكومي بلبنان في الوقت الراهن حالة من الجمود على صعيد انعقاد جلسات مجلس الوزراء، وذلك بعدما اضُطر الحريري إلى تأجيل الجلسة التي كانت مقررة لاجتماع الحكومة في 2 يوليو الجاري، مشيرا إلى أنه ارتأى إيقاف الجلسات في ظل الأجواء المشحونة والاحتقان السياسي الكبير في البلاد جراء أحداث عنف الجبل، وحتى لا يتحول مجلس الوزراء إلى "ساحة للمواجهات" بين القوى السياسية.
ويصر التيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي اللبناني، وبدعم قوي من حزب الله، على إحالة الوقائع في أحداث عنف الجبل إلى المجلس العدلي، وفي المقابل يرى رئيس الحكومة سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، وبدعم من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن يتم إعطاء الوقت للتحقيقات الأمنية والقضائية لكشف حقيقة ما جرى من أحداث في الجبل وعدم استباق تحديد الجهة القضائية.
وشهدت منطقة الجبل قبل أكثر من 3 أسابيع أحداث عنف واشتباكات مسلحة دامية، حيث قطع عدد من أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي الطرق بمدن وقرى الجبل، تعبيرا عن الاحتجاج على زيارة وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. كما تعرض موكب وزير شئون النازحين صالح الغريب، وهو حليف لباسيل، لإطلاق النيران عقب مشاركته في جانب من جولة الوزير باسيل.
وكان المحتجون على زيارة باسيل إلى الجبل، قد قطعوا الطرق بهدف منع باسيل من استكمال جولته، بعدما اعتبروا أن بعض التصريحات التي أدلى بها تستهدف الوقيعة وتشعل الفتنة الطائفية وتستحضر أجواء الحرب الأهلية بين الدروز والمسيحيين من سكان الجبل.
وقُتل عنصران أمنيان من المرافقين لوزير شئون النازحين صالح الغريب، المنتمي للحزب الديمقراطي اللبناني الحليف للوزير باسيل، كما أُصيب آخرون جراء اشتباكات نارية متبادلة مع محتجين، وذلك أثناء مرور موكب الوزير الغريب، وتبادل الحزب الديمقراطي اللبناني والحزب التقدمي الاشتراكي، إلقاء اللائمة والمسئولية على بعضهما البعض في وقوع الحادث.
وبينما اعتبر الحزب الديمقراطي اللبناني والتيار الوطني الحر أن الحادث مثّل "كمينا مسلحا" فإن الحزب التقدمي الاشتراكي ينفي بصورة قاطعة صحة هذا الاتهام، مؤكدا أن رئيس التيار الوطني الحر أدلى بتصريحات انطوت على استفزاز وإثارة للمشاعر الطائفية بين الدروز والمسيحيين في الجبل، وهو الأمر الذي دفع أنصار الحزب الاشتراكي إلى قطع الطرق في الجبل بصورة عفوية، وأن المرافقين الأمنيين للوزير الغريب هم من بادروا بإطلاق النيران بصورة عشوائية ومكثفة على المحتجين.
وتعد منطقة الجبل المعقل الرئيسي لأبناء طائفة الموحدين الدروز. ويعتبر الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط، الممثل السياسي الأكبر للطائفة الدرزية في لبنان، يليه الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان (المتحالف مع التيار الوطني الحر وحزب الله) بالإضافة إلى حزب التوحيد العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب والذي يعد بدوره حليفا لأرسلان في مواجهة جنبلاط.