هي الأرض الطيبة والشجرة المثمرة والحضن الدافئ، هي بلد العلَّامة رفاعة الطهطاوي والصوت الملائكي محمد صديق المنشاوي، وصوت الأزهر محمد سيد طنطاوي ورائحة الأدب جمال الغيطاني، هي بلد نصف صحفيي مصر تقريبا، إنها باختصار محافظة سوهاج التي أفتخر بأنني أحد أبنائها.
فبلدي سوهاج صاحبة الطلعة البهية تخطف القلوب من أول نظرة لرؤيتها وتستنشق الأنوف نسائمها الممزوجة بالروائح الجميلة والطبيعة الخضراء التي تكسو أطرافها، إنها حدوتة وموال لا يمكن اختزاله في مقال، إنها محافظتي سوهاج ولكن يعتصر القلب عندما نرى أنها ثاني أفقر المحافظات، والعجب أن هذه الأم الفقيرة سوهاج لديها أبناء كثيرون أغنياء، فحدث ولا حرج إن أبناءها الذين يعود جذورهم إليها سواء يقطنون بها أو يمرون عليها مرور الكرام وهبهم الله من الفضائل والغنى ما يمكنهم من الإسهام في تحسين أحوالها من باب المشاركة الاجتماعية، وهنا في مقالي لا أحمِّلهم بأن يغدقوا أموالهم على أهاليهم، ولكن يجب أن يضعوا أياديهم بجانب الدولة في تنمية الصعيد وموطن جذورهم من خلال مجالات عديدة منها الصحة التي يعاني عدد كبير من أبناء سوهاج بسبب نقص الإمكانيات في المستشفيات الجامعية والحكومية نظرا لزيادة أعداد المرضى خصوصا مرضى الفشل الكلوي والكبد والسرطان، فعلى هؤلاء وهم معلومون للجميع بأن لا ينساقوا وراء حملات عدم التبرع، وإن كان لديهم مخاوف وهي مشروعة فعليهم أن يجلبوا الأجهزة ويجهزوا الوحدات التي يحتاج إليها مستشفى الهلال والأميري والمستشفى الجامعي وغيرها، وحتى يُنسب الفضل لأهله يمكن أن نسمي هذه الوحدات والأجهزة بأسماء المتبرعين بها هذا من ناحية الصحة.
ومن ناحية أخرى إذا توفرت الإرادة لدى أبناء سوهاج من المستثمرين الماكثين خارجها وداخلها تحويلها من أكبر محافظة طاردة للسكان إلى محافظة حاضنة وجاذبة من خلال بناء المزيد من المصانع والمشروعات الخاصة التي تعود بالنفع على المستثمر أولا ومن ثم أبناء جلدته وهناك العديد من المميزات التى وفرتها الدولة المصرية من أجل تطوير وتنمية الصعيد، فليغتنم أبناء سوهاج من كبار رجال الأعمال وصغارهم هذه الفرصة وأن يعودوا لحضن أمهم التي ترعرع فيها أجدادهم وآباؤهم وكذلك عدد منهم هم وأبناؤهم .. ولا نقتصر في الحديث على رجال الأعمال دون غيرهم، فكذلك العلماء عليهم أيضا دور كبير فى الإسهام فى المجال التعليمي والتقني، وكذلك الصحفيون في التوعية والتنوير، فلا عجب أن ما يقارب نصف عدد الصحفيين من أعضاء النقابة هم من أبناء المحافظة، وطرح مشكلاتها والتواصل مع المسئولين فيها لإيجاد حلول لها ولنكن سويًا في إطار الفريق الواحد الذى ينهض بها من سُباتها، وعلى الجميع أن يضع عبارات حكيم شعراء الجاهلية، زهير بن أبي سلمى، أمام عينيه بأن:
من يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ ... عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ
ومَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ .. يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
وَمَن يوفِ لا يُذمَم .... وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ
فسلام عليكِ يا بلدي الغالية من أعماق قلبي، ونداء حري بكل أبنائك الأبرار لكي يردوا لكِ الجميل، وهو فرضُ عينٍ عليهم لا تفضلٌ منهم.