"قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ".. نعم انتهى المشير عبد الفتاح السيسي إلى قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة، وسنرى في الأيام المقبلة عجب العجاب من تحالفات وآراء بعضها مخلص وبعضها مسموم، سنشهد سيركاً سياسيّاً مكتمل الأركان وسيشارك فيه كل من هبّ ودبّ إلا من رحم ربي.
ربما تكون هذه هي طبيعة الانتخابات بشكل عام، ولكن هذه المرة يتشكل الأمر في ظروف غاية في الصعوبة، عندنا جماعة إرهابية ترتع في الشوارع والسجون، وعندنا قوى دولية تتربص بمستقبل بلادنا، وعندنا فلول للنظام الأسبق يتلمظون للفتك بالسيسي كما الدبّة التي تقتل صاحبها، أو يحاولون احتواءه لمصالحهم، وعندنا أيضاً قوى اليسار المفكك تنظيمياً والسليم مطلبياً، فأين للعاقل وسط هذه الظروف أن يضع قدميه.
بالنسبة لي في حال ترشح المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة سأصوت له بنعم، وأسبابي في ذلك كثيرة وأهمها هو انحيازه لمطالب الناس في 30 يونيو ومغامرته بمستقبله ومصيره مقابل إنقاذ الوطن من مخطط الإرهابيين وحلفائهم بالخارج، ولولا قراره الشجاع وقدرته على تصميم خارطة المستقبل التي جاءت لبلادنا بدستور لائق لكنا حتى هذه اللحظة لقمة سائغة في فم خيرت الشاطر وبديع ومرسي.
وأضيف على ذلك، أن هناك بالفعل رغبة شعبية كبيرة - وبنسبة غير مسبوقة - في تولّي الرجل مقعد الرئيس، وهو الأمر الذي لا يتوفر لمرشح آخر، وهنا لا بدّ من أن يرتب الجميع أوراقهم وفق هذه المعطيات، فمن الخطأ ترك الرجل والتصادم معه في الصناديق، فلعبة الصندوق قد احترفها فلول النظام الأسبق وهم على استعداد تام لتقديم كل إمكاناتهم أملاً في فرض تصوراتهم على المستقبل، وغياب القوى الليبرالية واليسارية عن المشهد لن يزيدها إلا عزلة وهزيمة.
وبوضوح أرى أن منهج المشاركة في المعركة بالنسبة لقوى اليسار والليبراليين سيجعل للمستقبل معنى، من خلال طرح برنامج الحد الأدنى الذي نرتضيه بانحيازاته المؤكدة لصالح العمال والفلاحين والمهمشين، ويصبح الكلام الشجاع في هذه المرحلة هو أننا مع المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي شركاء لا أجراء.
أما الكلام عن طرح مرشح آخر يحمل برنامجنا ونمنحه أصواتنا، فهذا كلام يصلح في انتخابات اتحاد الطلبة، وفي حال تنفيذه نكون قد أهدينا مرشح المتأسلمين المستتر هدية مجانية لا يستحقها، ونكون قد لعبنا لعبة "ونج اللخمة" المعروفة بتفتيت الأصوات، فضلاً عن الفضيحة التي ستلحق بنا عند إعلان عدد الأصوات التي سنحصل عليها في تلك الانتخابات مقارنة بأصوات الآخرين.
ربما يكون الحل العبقري هو الإعلان مبكراً عن تشكيل مجلس رئاسي يضم رموزاً أثبتت الأيام جودتها، مثل: عمرو موسى وحمدين صباحي وعدلي منصور وغيرهم، إنها فرصة تاريخية بالفعل نتعلم فيها كيفية العمل كفريق، وكيفية تلبية احتياجات الناس دون تعالٍ أو غرور كاذب، الخروج الآمن من عنق زجاجة انتخابات الرئاسة يضمن تشكيل انتخابات برلمانية عادلة وتمثيلاً حقيقيّاً للجميع، بدلاً من الاحتراب في حواري "مرسي" المزنوقة، وهذا لا يعني أن كل طرف سياسي شارك في دعم السيسي رئيساً قد تخلى عن كامل أجندته، فالملعب السياسي لن يغلق أبوابه بعد تلك الجولة من الانتخابات.
وأخيرا - وحتى لا يعتقد البعض أن هذه دعوة مني لإنجاح السيسي بالتزكية - أقول لكم انتظروا مفاجآت أسماء المرشحين في مواجهته، لن تكون معركة سهلة كما يعتقد البعض، فهناك دول وأجهزة ستلعب بكل قوتها للرجوع بمصر إلى الخلف ولو عن طريق الصندوق، فهم يحاولون في الشوارع منذ سبعة أشهر بإرهابهم ولم يرتدعوا، وسيواصلون محاولاتهم، ولن نسمح لهم بالتقدم خطوة واحدة أمام خارطة مستقبلنا، ولن نسمح لأنفسنا بأن نكون أداة مضادة لأحلامنا في أياديهم الخبيثة.