ربما كان الوجه الأجمل لعالم السوشيال ميديا الذى يحيط بنا من كافة الجهات ونعيش معه طوال اليوم سواء كانت شبكات تواصل اجتماعى كالفيس بوك والتويتر واليوتيوب والماسنجر والواتس آب وغيرها أو مواقع الإنترنت المختلفة هى قدرتها الفائقة على تقديم أعمال الخير للمحتاجين بأسرع وقت وفى كل وقت عبر تقنيات وسائل الاتصالات الحديثة التى جعلت من عالمنا الكبير غرفة صغيرة يتعارف الجميع من بعضه بسهوله ويسر لا سيما أن شبكات التواصل الاجتماعى تعد من أبرز وأهم ما توصل إليه البشر فى العصر الحديث، والتى تتيح للأفراد الاتصال المباشر والدائم مع بعضهم البعض، ونقل الأفكار، والمعلومات، والاتصال الودى فيما بينهم، وهذا ما جعل البعض يستخدمها فى أفعال الخير وتقديم المساعدة للفقراء والمحتاجين فى هذا البلد وما أكثرهم، وقد قادتنى الظروف إلى معرفة هذا العالم عندما انضميت لإحدى الجروبات فى منطقة «المقطم» بالقاهرة، وكان اسمه معبرا عن هذا الحدث الكريم الذى يقوم عليه مجموعة من السيدات الفاضلات من سكان المقطم اللاتى وهبن أنفسهن لعمل الخير فقط وتقديمه للفقراء المستحقين بالمقطم وخارج المقطم فى بعض الأحيان دون الإعلان عن أنفسهن وأعمال الخير، حيث يهتم الجروب بتقديم الأدوية والإعانات والأطعمة فى الشنط الشهرية للفقراء فى منطقة الزلزال والهضبة الوسطى وغيرها من المنطق التى تعانى من شظف ارتفاع الأسعار وضيق ذات اليد وتتولى المجموعة بنفسها عن طريق إحدى السيدات الأفاضل شراء اللحوم والأطعمة وتعبئتها وتوصيلها إلى المستحقين، ومنهن من يأتين بتبرعات عينية من ملابس وأحذية وغيرها الأمر الذى جعلنى أشعر بالفخر لوجود هذا الجروب لعمل الخير وتقديم المساعدات للفقراء لدرجة أن الجروب مخصص فقط للسيدات ويمنع اشتراك الرجال أو الشباب الذكور فيه وهذا شيء يميزهن بالخصوصية والقوة فى الوقت نفسه.
ناهيك عن وجود صفحات على الفيس بوك تحمل اسم المقطم أو غيرها مما يعود بالنفع على أهالى المنطقة . وأعتقد أن تعميم هذا النموذج المشرف وهو جروبات أعمال الخير على باقى المناطق بالجمهورية سوف يكون له العائد العظيم على فقراء مصر جميعهم وستتغير شكل الحياة إلى الأفضل ! فالفكرة التطوعية الرائدة بإمكانها أن تنتشر كالنار فى الهشيم، وأن تحقق أغراضها بكل سهولة ويسر، مما يؤدى إلى زيادة الأعمال الخيرية فى المجتمع المصرى وربما العربى أيضا، وتساعد على نشر التوعية المجتمعية، من خلال حملات التوعية التى تقوم بها الجهات المعنية فى الدول، أو التى قد يقوم بها بعض الأفراد الذين عانوا لفترة من مشكلة معينة، حيث يؤدى ذلك الأمر إلى زيادة وعى المجتمع من المخاطر والأضرار التى قد تلحق به نتيجة تفشى ظاهرة معينة. فأعمال الخير من الأشياء التى يحبها الله سبحانه وتعالى وأمرنا بها كى نفوز برضاه والجنة، كما حث الرسول عليه الصلاة والسلام على عمل الخير، والالتزام بكل ما يوصل إليه، مما يرسخ الحب والوئام داخل المجتمع، ويجعل شكل الحياة أفضل! وهذا ما دعا اليه الإسلام من إقامة مجتمع قوى متماسك، تسوده المحبة والوئام والترابط، تشجعه على عمل الخير فى مختلف الميادين، وتشجعه على التنافس فى البذل والعطاء بين أبناء المجتمع!
كما جاءت النصوص الشرعية الإسلامية تؤكد عمل الخير، سواء فى القرآن الكريم، أو من السنة النبوية الشريفة، بل جسد الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه نموذجا لعمل الخير.
كما أن شبكات التواصل الاجتماعى قد أحدثت نقلة نوعية فى عالم الاتصالات، ونقل المعلومات، حيث صار بمقدور كافة الناس استخدام هذه الشبكات بطريقة سهلة، وبشكل مستمر ومن أى مكان وفى أى وقت، وبالمجان مما أتاح الفرصة لهم للاتصال فيما بينهم والتقرب من بعضهم البعض، وهذا الإقبال الكبير من قبل الأفراد على استعمال شبكات التواصل الاجتماعى أتاح استثمارها بشكل أكبر وأوسع من مجرد تناقل المعلومات والأفكار! ومن الأمثلة على عمل الخير: كفالة اليتيم ورعايته والاهتمام بتعليمه وتأديبه وتقديم المال والعطف والحنان له، وتعويضه عن حالة اليتم التى يعيشها، مساعدة الفقراء والمحتاجين، وتقديم المال لهم، إماطة الأذى عن الطريق، إغاثة الملهوف، وتقديم العون لعابرى السبيل والذين تقطعت بهم السبل. نموذج المقطم يمكن تعميمه بسهوله والمساعدة على انتشاره بضوابط تضمن وصول المساعدات للمحتاجين فعلا من فقراء هذا البلد.