الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

30 يونيو.. حتى لا ننسى (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زلنا نطوف فى جنبات الظروف والملابسات التى دفعت جموع الشعب المصرى للانتفاضة فى 30 يونيو، ضد حكم جماعة الإخوان وممثلهم فى قصر الاتحادية، وكنا قد وصلنا فى المقال السابق إلى إصرار مرسى للذهاب إلى الاتحادية عقب أدائه اليمين أمام المحكمة الدستورية، والاحتفال به فى جامعة القاهرة، ثم فى المنطقة المركزية العسكرية، وفى الاتحادية بات واضحًا للجميع أن الرئيس الجديد لا يريد الاستماع إلا لنفسه وأعوانه الذين أتوا معه، وتمت الموافقة على تعيين أربعمائة شخص من الذين طلب مرسى تعيينهم، بينما أرجأت الموافقة على بقية الأسماء لتعذر وجود درجات وظيفية خالية، ولعدم وجود ميزانية لرواتبهم، وتم تعيين الدكتور ياسر على متحدثا رسميا باسم الرئيس، وهو الذى كان مسئولا عن حملته الانتخابية، وخالد القزاز سكرتيرا للرئيس للعلاقات الخارجية، وبالمناسبة فهو منسق العلاقات الإخوانية الأمريكية، وكذلك باكينام الشرقاوى التى تمكنت فى فترة قصيرة من السيطرة على كل مقاليد الأمور داخل الاتحادية، ودخل محمد بديع المرشد العام للإخوان لأول مرة فى حياته مقر الرئاسة، واستقبله مرسى، وكان بصحبته محمود عزت نائب المرشد، وعصام العريان، ومحمد البلتاجى، وأصر مرسى أن يجلس بديع على كرسى الرئيس، وأخذ يقبل رأسه أكثر من مرة أمام الجميع، واقتصرت المقابلة على الأحاديث الودية، ولم تتطرق إلى أى أمور سياسية، وفى اليوم التالى استقبل مرسى وفدا من السلفيين، وأصر على تناولهم الغداء معه داخل مكاتب الرئاسة، وشهد ذلك اليوم مهزلة كبرى، لدرجة أن موظفى الرئاسة انقسموا إلى فريقين، أولهما كان يبكى بشدة على تاريخ مصر وحضارتها وهم يشاهدون ما يحدث، وثانيهما لم يتمالك نفسه من الضحك وهو يرى هذا الكم الهائل من الضيوف الذين يسيرون حفاة على سجاجيد القصر بعدما توضأوا للصلاة، ثم افترشوا الأرض ليتناولوا الطعام، ويومها حدثت مشادة بين خالد القزاز سكرتير الرئيس والمسئول عن المطبخ الرئاسى، الذى أخبره بأن ميزانية الطعام فى العام تبلغ ثلاثمائة ألف جنيه فقط، ولك أن تتخيل أن هذه الميزانية فى عام حكم الإخوان قد وصلت إلى ١٤ مليون جنيه، واستمر مرسى فى عناده مع أجهزة الدولة، حيث أصدر قرارا جمهوريا فجأة بتكريم اللواء جلال هريدى، ولمن لا يعرف فإن اللواء جلال هريدى هو أحد مؤسسى سلاح الصاعقة المصرى، ولكنه كان أحد دعاة الانقلاب على عبدالناصر أثناء أزمته مع المشير عامر عقب نكسة ٦٧، وتم القبض عليه ومحاكمته، وصدر عليه حكم بالإعدام خففه عبدالناصر بعد ذلك إلى السجن المؤبد، وظل حبيسا حتى أفرج عنه السادات صحيا فى ٧٤، وكان هذا القرار بمثابة رسالة من مرسى والإخوان للجيش المصرى، فالإخوان لم ينسوا الماضى، وتجلى ذلك حين قال مرسى فى إحدى خطبه «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، فى إشارة منه إلى دكتاتورية عبدالناصر الذى يعد العدو التاريخى لهم، وصرح مرسى للإعلام بأنه يتأنى فى اختيار رئيس الوزراء، لأنه يبحث عن شخصية توافقية، فلما ذهب حمدين صباحى لتهنئته كتبت الصحف أنه المرشح لهذا المنصب، ونفس الشىء تكرر مع البرادعى وأيمن نور، وظل الإعلام يطرح أسماء لامعة كمحمد العريان وحازم الببلاوى وعلى السلمى، فالجميع يعرفون استحالة استمرار حكومة الجنزورى، ولا بد للرئيس الجديد من رئيس وزراء جديد ينفذ له مشروع النهضة الذى سوق له الإخوان، باعتبارهم أصحاب مشروع ولديهم الإمكانات اللازمة لتحقيقه خلال فترة وجيزة، وهذا ما دعا مرسى للتعهد بحل أربع مشكلات كبرى خلال مائة يوم فقط، وإصراره على أنه يستطيع فعل ذلك، ولكن بعد أيام قليلة تم الإعلان عن تكليف الدكتور هشام قنديل وزير الرى بتشكيل الوزارة، مما أصاب الرأى العام بحالة من الذهول والدهشة، فلم يكن هذا الاسم مطروحا أو متوقعا، وكان الشعب يطمح فى اختيار شخصية ذات ثقل سياسى وتنتمى لتيار مختلف، تماما مثلما توقع البعض أن يطلب مرسى من الفريق شفيق أن يكون نائبه ليضمن ولاء الـ٤٩٪ الذين انتخبوه، فكيف اختار مرسى قنديل؟ وهل كان لمكتب الإرشاد دوره فى هذا الاختيار؟ والثابت أنه فى يوم السبت ٢١ يوليو، تم الإعلان عن اجتماع لمكتب الإرشاد لمناقشة بعض الأمور، ومن بينها الوزارة الجديدة، وصرح هشام الدسوقى عضو الهيئة العليا لحزب «الحرية والعدالة» للإعلام، بأن مشاورات تمت بين الإخوان وبعض الأحزاب السياسية للتشاور حول تشكيل الوزارة الجديدة، وفى اليوم التالى أعلن عن اسم قنديل الذى كان مديرا لمكتب وزير الرى قبل أن يختاره عصام شرف، ليكون وزيرا للرى فى أول حكومة بعد ٢٥ يناير، وشهد قصر الاتحادية فى الأيام الأولى لحكم مرسى لقاءات بينه وبين لفيف من الشخصيات الدبلوماسية، كان أبرزها لقاءه مع السفير القطرى سيف بن مقدم، والسفير التركى حسين عونى، والسفيرة الأمريكية آن باترسون، وكانت هذه اللقاءات تتم بتنسيق من عصام الحداد الذى شغل منصب مساعد الرئيس للشئون الخارجية، وذلك دون علم وزير الخارجية أو الجهات الأمنية التى يجب إبلاغها بمثل هذه اللقاءات للتحضير لها، ووضع التقارير اللازمة أمام الرئيس قبل أن يتم اللقاء، وكان اللواء مراد موافى مدير المخابرات- آنذاك- يوجه إلى ضرورة أن تتم هذه اللقاءات بتنسيق مع الجهات الأمنية، وفى حضور وزير الخارجية، ولكن بات من الواضح للجميع أن مرسى يريد الانفراد بالحكم وإقصاء كل الأجهزة المعاونة له، فعصام الحداد أصبح بمثابة وزير الخارجية، علما بأنه لا يملك أى خبرة دبلوماسية، فتخصصه يكمن فى التحاليل الطبية، ولم يكن أبدا ابنًا للدبلوماسية المصرية العريقة، وصار مرسى يعتمد على التقارير التى يتلقاها من مكتب الإرشاد، حيث شكل خيرت الشاطر مجموعة من أفراد الجماعة لوضع التقارير التى ترفع مباشرة للرئيس، والذى بات لا يلتفت إلى تقارير المخابرات أو مجلس الوزراء، وإذا عرضت عليه أرسلها فورا إلى مكتب الإرشاد.. وللحديث بقية.