أكد بطريرك الموارنة في لبنان الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، أهمية التمسك بـ"مصالحة الجبل" ووضعها فوق كل اعتبار، مشيرا إلى أن سلامة البلاد ككل، من سلامة الوضع في منطقة الجبل.
وأُبرمت مصالحة الجبل عام 2001 برعاية من البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير، والزعيم السياسي الدرزي وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لتنهي (حرب الجبل) أحد أكثر الفصول الدامية في الحرب الأهلية اللبنانية، بما شهدته من اقتتال عنيف بين المسيحيين الموارنة والدروز من سكان الجبل.
ودعا البطريرك الراعي - في كلمة له اليوم خلال قداس الأحد - إلى العمل في سبيل توطيد أركان مصالحة الجبل على كافة المستويات، وخلق فرص عمل للجميع لكي تعود قيمة العيش الواحد المشترك على نحو ما كان الوضع في العهود السابقة.
وقال: "ما زلنا نعيش اليوم للأسف التوتر السياسي بسبب أحداث العنف في الجبل التي وقعت الأسبوع الماضي، وقد تسببت تلك الأحداث في تعطيل اجتماع مجلس الوزراء، في حين أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمالية تتفاقم والديون تتراكم والعجز يكبر وفقر الشعب يتعمق والمدارس تعاني والمتاجر تغلق، وكأن البلاد سفينة ضائعة في وسط البحر تتلاطمها الأمواج والرياح من كل جانب ومتروكة للقدر".
وشدد بطريرك الموارنة على ضرورة اعتماد القوى السياسية لخطاب سياسي "يجمع ولا يفرق، ويسير نحو الأمام ولا يعود إلى الوراء، ويبني ولا يهدم، ويتعاون ولا يقصي، ويأتي بمشاريع اقتصادية وإنمائية، ولا يردد كلمات وشعارات من دون مضمون سوى التأجيج".
وأكد أن الشعب اللبناني لم يعد يتحمل مناكفات السياسيين بين بعضهم البعض، على حسابه وعلى حساب تعطيل عمل المؤسسات وعلى حساب قيام دولة العدالة والقانون والرقي، داعيا إلى التوقف عما اعتبره "عملية الهدم المتواصل للدولة ومؤسساتها".
وشهدت منطقة الجبل يوم الأحد الماضي أحداث عنف واشتباكات مسلحة، حيث قطع عدد من أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي الطرق بمدن وقرى الجبل، تعبيرا عن الاحتجاج على زيارة وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. كما تعرض موكب وزير شئون النازحين صالح الغريب، وهو حليف لباسيل، لإطلاق النيران عقب مشاركته في جانب من جولة الوزير باسيل.
وكان المحتجون على زيارة باسيل إلى الجبل، قد قطعوا الطرق بهدف منع باسيل من استكمال جولته، بعدما اعتبروا أن بعض التصريحات التي أدلى بها تستهدف الوقيعة وتشعل الفتنة الطائفية بين الدروز والمسيحيين من سكان الجبل.
وقُتل عنصران أمنيان من المرافقين لوزير شئون النازحين صالح الغريب، المنتمي للحزب الديمقراطي اللبناني الحليف للوزير باسيل، كما أُصيب آخرون جراء اشتباكات نارية متبادلة مع محتجين، وذلك أثناء مرور موكب الوزير الغريب، وتبادل الحزب الديمقراطي اللبناني والحزب التقدمي الاشتراكي، إلقاء اللائمة والمسئولية على بعضهما البعض في وقوع الحادث.
وبينما اعتبر الحزب الديمقراطي اللبناني والتيار الوطني الحر أن الحادث مثّل "كمينا مسلحا" فإن الحزب التقدمي الاشتراكي، ينفي بصورة قاطعة صحة هذا الاتهام، مؤكدا أن رئيس التيار الوطني الحر أدلى بتصريحات انطوت على استفزاز وإثارة للمشاعر الطائفية بين الدروز والمسيحيين في الجبل، وهو الأمر الذي دفع أنصار الحزب الاشتراكي إلى قطع الطرق في الجبل بصورة عفوية، وأن المرافقين الأمنيين للوزير الغريب هم من بادروا بإطلاق النيران بصورة عشوائية على المحتجين.
وتعد منطقة الجبل المعقل الرئيسي لأبناء طائفة الموحدين الدروز. ويعتبر الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط، الممثل السياسي الأكبر للطائفة الدرزية في لبنان، يليه الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان (المتحالف مع التيار الوطني الحر وحزب الله) بالإضافة إلى حزب التوحيد العربي برئاسة الوزير السابق وئام وهاب والذي يعد بدوره حليفا لأرسلان في مواجهة جنبلاط.