الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حواديت عيال كبرت 106.. «كلام عفاريت.. إحنا مالناش علاقة!»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في زمن غير هذا كانت العفاريت تتريض بين الناس ليلا في أنحاء العالم، قبل دخول «الكهرباء» وكانت هناك حزمة من التحذيرات الهامة يُطلقها الكبار كل حسب لغة بلده: «أوعى العفريت يصفر في ودنك، هتمشي مش هتحس بنفسك وممكن تغرق في البحر، لو حد خبط على الشباك بالليل يبقى أم صدر حديد أو أبو رجل مسلوخة، أو أمنا الغولة أوعى تفتح، ومع أول إضاءة لمصباح فر الكثير من الناس ظنا أن المصباح عفريت وسكنوا الحقول والجبال وظلوا على هذا الحال. 
أجيال جديدة جاءت على غير غرار من سبقوها فباتت لا تٌفرق بين الصدور الطبيعية والحديدية، وأنجبت أمنا الغولة الكثير من البنين والبنات ملأوا الشوارع وأصبحوا يسيرون جهارا نهارا، وتقدم علم الأجناس والأنجاس حتى أن رهطا من البشر تفوقوا في الشر على العفاريت، الذين لم يستسلموا بسهولة في بادئ الأمر، حاولوا قدر المستطاع، لكن انحدار النفس البشرية كان أسرع بكثير من كل توقعاتهم، فلقد ضربت «الحبة الزرقاء» أعمال الربط التي كان بضاعة رائجة لهم، وارتفعت نسب الطلاق دون أعمال للكراهية.. فلماذا يذهب الناس إلى دجال ليٌحضر عفريتا يطلب مال وأعمال وبيض ودجاج وديوك حمراء، ورسالة واحدة على هانف تنهي الأمر؟ أدرك العفاريت أن الناس اخترعوا أوهامهم وكؤوسهم الصغيرة المترعة بالدماء ولم يعودوا بحاجة إلى العفاريت، الذين كان ذنبهم الأكبر أنهم خلقوا لزمان غير هذا ولم يطوروا أنفسهم، ظلوا في القمقم وفي زمن الهٌدهد.
لم يجد العفاريت بٌد من الفرار، لكن أين يذهبون؟ ذلك كان السؤال الأهم حينما تجمع كل عفاريت الأرض يناقشوا الأمر؟ وكان الرأي الأرجح لـ«عفركوش» الذي قال لهم: «إنني أعرف ما في قلوبكم من شر، لكنكم لا تعرفون أن هذا الشر بات أمرا قديما فهناك من هو أشر، ونصيحتي لكم أن نتوجه إلى مصر؟ فهناك سنجد مصدر رزق، فإنهم يلتفتون دائمًا إلى الوراء، إلى الأزمنة المظلمة، يتندرون عليها ويستدعونها كلما لاح ضوء صبح جديد، هم يحبون الأمس دون أن يمنحوا نفسهم حتى لحظة الحلم بالغد، يؤمنوا بأن عفريتا ممكن أن يغير حياتهم، يربوا أولادهم على لعبة «البخت»، يغنون لـ«الحظ» ويسترضونه بكل شكل، أنا أقول لكم ذلك من واقع الخبرة والمعايشة، فهم حينما يمرض لدى البعض منهم طفلا أول ما يقولونه: «عليه عفريت»، أو حينما لا تتزوج لهم ابنة يرجعون السبب إلى العفريت، حتى عند المرح والضحك يشبهون خفيف الظل بـ«العفريت»، إنهم صدقوا تجربتي مع «إسماعيل ياسين» وعبد السلام النابلسي في فيلم «الفانوس السحري» واشتروا جميعا فوانيس ومنذ إنتاج الفيلم وحتى الآن «يحكونها» في انتظار أن أخرج عليهم وأقول شبيك لبيك». 
تابع عفركوش حديثه مصطنعا الجدية حينما وجد أن العفاريت من حوله كلها آذان صاغية: «لقد عرفت المصريين جد المعرفة، فهم يصدقون كل الأمور، حتى أن الشخص نفسه الذي يُطلق شائعة بعد حين يٌقسم أنها حقيقة، إنهم صدقوا بونابرت وأوباما حينما خطبوا في الأزهر وقالوا عنهم مسلمين، ومازالوا يصدقوا حلف اليمين مع أنهم يتشدقون به كمضغة في أفواهم كل حين، ثم ضحك حتى خرجت نار من فمه من كثرة القهقهة وقال: «ده استوردوا تكنولوجيا من الصين وصدروا لها حمير»، ومن الممكن هناك أن يشتهر العفريت فيصبح نجما أو وزيرا أو وهنا ضحك كل العفاريت وقالوا إذن فليس لنا رزق في هذه الأرض إلا بين المصريين، وهنا وقف عفركوش في وضعية تحذير: «افعلوا ما تشاؤوا لكن إياكم ورغيف العيش وطبق الفول وحبة الترمادول.. فروحهم دون الثلاثة».