الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كنت في المعركة ورفعت العلم يوم النصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أعلم من أين كانت البداية، هل كانت عندما قامت أمى بتعليمى القراءة، وتدريبى على تشبيك الأحرف لتكوين كلمة من الجرائد والمقالات السياسية، مما أثار فضولى عن ماذا تعنى تلك المصطلحات السياسية «برلمان، ديمقراطية، سلطة، مجلس شوري»، أم أن حب الوطن عند البعض يشبهه النداهه التى تنادى على الشخص ليأتى إليها فتغرقه فى مياه النيل فتغرق فى حب الوطن بجنون، وقد نادتنى النداهة فغرقت فى حب هذا الوطن منذ الميلاد فهو شىء نولد به لا نكتسبه مع الأيام. فأصبحت اهتماماتى تختلف عن باقى من حولي، عشقتُ التاريخ واهتممت بكل ما يخص التاريخ المصرى، وكنت دائمًا مهتمة بما يحدث على الساحة السياسية، أتذكر جيدًا وأنا أنتظر موعد برنامج «قلم رصاص» لمحاولة فهم ما يقوله الأستاذ حمدى قنديل؛ لأننى لم أكن أكملت الـ7 سنوات وقتها، أحببت القراءة ولكنى لم أحب قراءة الروايات؛ فكانت أغلب قراءاتى عن التاريخ المصرى القديم حتى وصلت إلى مرحلة «الهوس» به، وقد ساعدنى فى هذا الهوس جدى الذى كان مديرًا لمنطقة القلعة الأثرية، الذى عمل فى أغلب المواقع الأثرية بصعيد مصر منذ شبابه، ثم بدأ اهتمامى بنوعية أخرى من الكتب التى تتحدث عن ثورة 52 والاستنزاف والاشتراكية والرأسمالية... لم أكن أفهم ما أقرأه بشكل جيد من أول مرة، فكنت أكرر قراءة الكتب أو إعادة قراءة بعض الفقرات، وكنت أستعين أحيانًا بمدرسى مادة «الدراسات» لفهم ما لا أستطيع فهمه.
أتذكر جيدًا أيام الدراسة فى فترة ابتدائى وإعدادى، حاولت فى البداية تنظيم مظاهرة صغيرة داخل المدرسة لدعم القضية الفلسطينية أثناء فترة الانتفاضة، ولكن منعت من المدرسة، وتم تحذيرى، فقمت بها خارج سور المدرسة بعد الموعد الدراسي، كانت مظاهرات صغيرة جدا من أطفال تهتف للقدس ولمحمد الدرة. عندما انتقلت إلى المرحلة الثانوية كان موقع مدرستى فى منطقة وسط البلد، بالقرب من ميدان طلعت حرب، وحزب «الغد»، وأثناء تواجدى فى تلك المنطقة كنت أرى سيارات الأمن المركزى دائمًا، فى هذا العمر لا تستطيع أن تحكم جيدًا على الأمور أو على الأسماء اللامعة والشعارات الرنانة، فقد تصيبك حالة من الثورجة أو التمرد لرفض وضع أنت لا تفهمه جيدًا فتندفع، وأنا أتذكر الآن الخائن أيمن نور أصاب باندهاش من نفسي، كيف كنت أظنه مناضلا ووطنيا؟!!
وجاءت المرحلة الجامعية؛ فقررت ممارسة العمل السياسي، لم أكن على صواب ولا على خطأ وقتها، فبالفعل كانت هناك سلبيات، ولكن لم تكن بالصورة الشنيعة التى صدرها لنا قوى المعارضة ولم يكن مبارك خائنًا. 
لم أرغب فى الانضمام إلى حزب كرتونى لا يوجد له أى تأثير فى الشارع؛ فقررت الانضمام لتلك الحركة باعتبارها الحركة الشبابية التى تضم شبابًا من نفس عمرى تقريبًا، كان عمرى 18 سنة، وكان الانضمام بدافع وطنى حسب قدرتى على استيعاب الأمور وقتها وخبرتى الضئيلة ومعلوماتى المعدمة عن تلك الحركة المشبوهة وقيادتها، فكان هدفى إحداث حراك فى المياه الراكدة، أملا فى تحسين الأمور، ولم أكن أتوقع حدوث ما حدث فى 2011، ولم أكن أدرك المؤامرة.
مارس 2011، قدر الله لى أن أكون أحد أسباب سقوطهم، عندما وجدت إثبات خيانتهم بالتعامل مع جهات أجنبية، وإرسال تقارير إلى منظمات مشبوهة، وتقدمت بالمستندات إلى النائب العام، تعرضت وقتها لكثير من التهديدات والضغوط ومحاولات التشويه البائسة لكى أتنازل عن البلاغ المقدم ولكى أصمت.
لا أعلم حتى الآن كيف استطعت أن أصمد، فلم يكن عمرى تعدى الـ21، لم يكن ذلك يحتاج إلى شجاعة فقط، بل كان يحتاج إلى إيمان بالصواب بل يقين، حاولت أن أشرح الحقيقة لهؤلاء الشباب بعيدًا عن قيادات الحركة، لكنها كانت محاولة فاشلة، لأن عقولهم قد تبرمجت على شىء ما من الصعب تغييره.
بالفعل تم اتهام الحركة فى القضية المعروفة، كما أننى تقدمت أيضا بالمستندات إلى القضاء العسكري. 
ولم تكن تلك المستندات هى المستندات الوحيدة التى تثبت خيانتهم؛ فتلك القضية ملحمة عمل ومجهود وبطولات من قبل الجهات الأمنية فى مصر، وبعض المواطنين الأبطال، فكل جهة قامت ببطولات حقيقية من أجل إنقاذ الوطن، «وسوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة، فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق، حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين أنقاض دولة ودولة».
منذ بداية تلك التجربة، كنت أشعر بأن مصر فى خطر وأن الأمن القومى المصرى على المحك، وأننا فى معركة شرسة مع أعداء الوطن، حتى جاء اليوم الموعود الذى أعلن فيه الانتصار على الفوضى والهلاك، يوم أنقذت مصر من أكبر مؤامرة فى عصرها الحديث، يوم انتصرنا على الحرب التى كانت تسقط البلاد بأيدى أبناء الوطن، يوم سالت فيه دموع الفرح والانتصار، يوم العبور الثانى بفضل الشعب المصرى، وبمجهود رجال مصر المخلصين فى كل الجهات الوطنية (يوم الانتصار 30 يونيو 2013)، رفعت العلم فى ذلك اليوم، وكأننى عبرت القناة فى 73.