يجمعني به أمران؛ أحدهما فرضته ظروف العمل هو كفنان كبير وأنا كصحفي، ليمتد عمر علاقتنا من عمر بداياتي الصحفية فى بلاط صاحبة الجلالة، وازدادت هذه العلاقة عمقًا منذ توليه منصب رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، وكان أكثر ما يميز الفنان الراحل عزت أبوعوف طيبة قلبه ووجهه البشوش طوال الوقت، أما الأمر الثانى فقد فرضه علينا أهلنا، حيث جمعني به اسم واحد وهو «عزت»، وكان دائمًا يناديني بـ«أبو البنا» وحينما سألته عن السبب كان يقول ضاحكًا: «إذا كنت أنت أبو البنا فأنا برضه «أبوعوف».
هذا الأمر جعلنى حينما أتحدث مع شقيقته «مها» التى كان يعشقها إلى أبعد الحدود أقول لها مداعبًا: «أنا أخوكي»، وترد ضاحكة: «أيوه يا أخويا قول عايز إيه؟»، ولكن فى مساء يوم «الأحد» الماضى ومع انتشار بعض الأخبار التى تفيد بأن حالته الصحية أصبحت حرجة للغاية، حيث كان يرقد منذ فترة بالعناية المركزة بأحد المستشفيات، فقمت بالاتصال بشقيقته «مها» كعادتى للاطمئنان عليه، فأبلغتنى بالفعل بأن الخبر صحيح، وأنها تتواجد فى جدة بالسعودية فى ذلك الوقت وتتابع حالته تليفونيا.
وبعد ساعات قليلة وتحديدًا فى فجر يوم «الاثنين» الماضى حدثنى صديق من خارج الوسط الفنى هاتفيًا، وأبلغنى أن الفنان القدير عزت أبوعوف قد فارق الحياة، هذا الصديق له أحد أقاربه يعمل بالمستشفى الذى كان يرقد به الراحل، وبعدها بدقائق بدأ بعض الفنانين يؤكدون صحة الخبر على صفحاتهم، ولكن حرصًا من «البوابة» على نشر الخبر مؤكدًا من خلال أحد أقاربه أو من نقابة المهن التمثيلية، عاودت الاتصال بـ«مها» وأنا أثق تمامًا فى أن التوقيت لا يسمح لها بالرد، وفوجئت بردها سريعًا وهى تشعر بأن شيئًا ما قد حدث، وأن أمر الله قد نفذ، وبالفعل أكدت لى صحة الخبر قائلة «أخويا راح يا أخويا» وأنها ستعود للقاهرة فى أسرع وقت.
فى صباح «الاثنين» عادت «مها» من السعودية لتلقى نظرة الوداع الأخيرة على شقيقها أثناء الصلاة على جثمانه بمسجد السيدة نفيسة، لتجد السوشيال ميديا وقد كساها الحزن الشديد على هذا الفنان الذى وصفه الجميع بصاحب «القلب الأبيض»، وتنطفئ برحيله شمعة كانت تنير أى عمل فنى يشارك فيه ولو للحظات، ولكن تبقى ذكراه خالدة فى أذهان كل محبيه ويبقى «أبوعوف» رمزًا جديرًا بأن يتم تكريم اسمه بشكل يليق بما قدمه فنيًا وإنسانيًا.