بدأت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى عام 2006، مشروعًا طموحًا لتعديل مسار أنشطة البحث العلمى فى مصر، ونجحت الوزارة خلال عام 2007 فى إعادة هيكلة منظومة البحث العلمى، بإنشاء المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا بموجب القرار الجمهورى رقم 217 لسنة 2007، وتلا ذلك إنشاء صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية STDF، بموجب القرار الجمهورى رقم 218 لسنة 2007، على أن يكون الصندوق هو المؤسسة الوطنية التى تكفل تمويل البحث العلمى لتحقيق التنمية التكنولوجية من خلال الأولويات التى يحددها المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، وفى يونيو الماضي، وافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الوزارة لتحويل الصندوق لهيئة مستقلة.
الدكتور عماد حجازى المدير التنفيذى للصندوق، قال فى حوار لـ"البوابة نيوز"، إن البحث العلمى خلال الـ11 سنة الأخيرة شهد نقلة تشريعية كبيرة تستهدف رفع كفاءة الصرف على البحث العلمي، وإنه من المقرر بدء نشاط هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار "كهيئة مستقلة" خلال شهرين يكون لها صلاحيات أكبر فى الصرف.
■ ما الأهداف الاستراتيجية للصندوق، وما الإضافة التى حلت عليه بقرار تحويله لهيئة مستقلة؟
- طبقًا للقرار الجمهورى الخاص بإنشاء الصندوق، تم تحديد خمسة أهداف رئيسية، تصب فى دعم الاقتصاد الوطنى القائم على المعرفة، وهى كفالة تمويل البحث العلمى والتنمية التكنولوجية فى إطار الأولويات التى يحددها المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ودعم القدرات الابتكارية لمنظومة العلوم والتكنولوجيا، ودعم الدورة الكاملة للبحث العلمى وتطوير المنتجات الوطنية التى تعتمد على المعرفة والتكنولوجيا (أبحاث منشورة - براءات اختراع - نماذج نصف صناعية - منتجات)، ودعم نشر البيانات والمعلومات عن العلوم والتكنولوجيا، وإجراء تقييم مستمر ومفصل لمؤشرات العلوم والتكنولوجيا وبراءات الاختراع وتأثير ذلك فى الاقتصاد القومي.
وتحوله إلى هيئة، يسمح بإنشاء شركات ومشروعات إنتاجية، إضافة إلى حرية الإنفاق، وكذلك التسويق والتعاقد مع شركات تقوم بهذا الدور.
■ ما إجمالى التمويلات التى وجهت للبحث العلمى، وعدد المشروعات منذ إنشائه قبل 11 سنة؟
- بلغ إجمالى التمويلات 1.9 مليار جنيه لعدد 2500 مشروع بحثى، نتج عنها 3000 بحث علمي، ويعد الصندوق أكبر الجهات الممولة للبحث العلمى فى مصر، بدأ بتمويلات قدرها 100 مليون جنيه، ووصلت حاليا إلى نصف مليار جنيه سنويًا.
■ ما آليات وبرامج تمويل صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية؟
- يطرح الصندوق منحًا مختلفة على أساس تنافسى لضمان الشفافية والكفاءة فى الإنفاق، وكل حزمة من المنح المختلفة تم تصميمها لتحقق أهداف محددة، حتى يتمكن الصندوق فى النهاية من دعم الدورة الكاملة للبحث العلمى والابتكار، حيث يوفر الصندوق الاستثمارات اللازمة لسد الفجوة الموجودة بين البحث العلمى الأكاديمى واحتياجات المجتمع والسوق (الصناعة)، كما لا يغفل الصندوق من خلال المنح المختلفة بناء القدرات الخاصة بالموارد البشرية والخاصة بالمعامل المختلفة بالجامعات والمراكز البحثية المصرية.
■ ما أنواع المنح التى يطرحها الصندوق؟
- هناك 6 أنواع من المنح التى يطرحها الصندوق، منها منح البحوث الأساسية والتطبيقات، ومنح التعاون الدولي، ومنح التطوير والابتكار، ومنح بناء القدرات، والمنح الموجهة، ومنح مراكز التميز.
■ ما عدد مراكز التميز التى مولها الصندوق، وما الفرق بينها وبين منح التمويلات الأخرى؟
- تعد منح التميز من المنح ذات التمويل المميز العالى، الذى يقدمه الصندوق للجهات العاملة فى البحث العلمى؛ حيث تم تمويل عدد (40) مركز تميز علميًا مختلفة التخصصات والعلوم على مستوى الجمهورية، و30% منها مراكز تميز طبية، حيث يتم خلال العام الواحد تمويل من 5 إلى 10 مراكز تميز، ويتم تمويل المركز الواحد بنحو 20 مليون جنيه.
■ ما نوع المنح التى توجه إلى المشروعات ذات البعد القومي؟
- تمول من المنح الموجهة، وهى منح يتم من خلالها دعم وتمويل البحث العلمى فى بعض المجالات ذات البعد القومى، التى قد يشكل بعضها جزءا ليس بالهين من التحديات التى يواجهها الوطن، ويشارك البحث العلمى فى حل مشكلاتها والعمل على تطويرها، وذلك فى مجالات (الالتهاب الكبدى الوبائى - الطاقة الجديدة والمتجددة - الغذاء - تحلية المياه - الاستزراع السمكى - صناعة الدواء - تنمية سيناء).
■ ماذا عن اتفاقيات التعاون وتمويل المشروعات المشتركة؟
- تم خلال الفترة الماضية توقيع 16 اتفاقية تعاون دولي، يتم خلالها التعاون المشترك المصرى مع كل من الدول التالية (الولايات المتحدة الأمريكية - ألمانيا - فرنسا - اليابان - كوريا الجنوبية - روسيا - إيطاليا - الأردن - إسبانيا - الصين - جنوب أفريقيا - بريطانيا)، بالإضافة إلى التعاون مع دول الاتحاد الأوروبى من خلال برامج: Prima - Eranetmed – Leap Agri، ومن أبرز المشروعات التى تمت خلال الفترة الماضية بالتعاون المصرى الأمريكى، إعادة بناء مكتبة جامعة القاهرة وإنشاء 5 عمارات بحى الأسمرات.
■ ما إسهامات الصندوق فى حل مشكلات التلوث؟
- مول الصندوق 87 مشروعًا بتكلفة 150 مليون جنيه تقريبًا، لحل مشكلات التلوث البيئى، منها 12 مشروعًا جاهزة للتطبيق، وتم تصميم نداء بحثى بالتعاون مع وزارة البيئة.
■ ما أهم المشكلات الصناعية التى يسعى الصندوق لحلها خلال الفترة المقبلة؟
- نفذ الصندوق دراسة متكاملة على الصادرات والواردات المصرية، وبمخاطبة اتحاد الصناعات المصرية لمعرفة أهم مشكلاتهم وجدنا هناك 3 مشكلات رئيسية فى المشروعات النسيجية و4 صناعة الجلود، وخلال اجتماع مجلس الإدارة المقبل للصندوق سيتم البت فى تمويلها، ويطلق نداء بحثى خلال شهر يوليو الجارى لبدء العمل على حلها.
■ كيف ترى البحث العلمى فى مصر فى ظل استراتيجية الدولة 2030؟
- استراتيجية الدولة 2030، بما تحويه من محفزات للعملية البحثية، أكدت عمليًا أن الاستثمار فى البحث العلمى من أهم الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، فهى تولى أهمية كبرى لتذليل العقبات التشريعية وتهيئة المناخ المحفز للابتكار، خاصة بعد خروج قانون "حافظ الابتكار" الذى يخرج الأبحاث من النطاق المعملى إلى التطبيقى، وتكوين شركة ومشروع إنتاجي، وقضت على ما رسخته السينما والدراما المصرية عن العلماء والبحث العلمى، لأنها ربطتهما بشكل مباشر بالقضايا القومية والعائد الاقتصادى للبحث العلمى فى كافة المجالات، برفع مستوى معيشة المواطنين وتقليل العبء عن الموازنة العامة للدولة.
■ ماذا ينقص البحث العلمى فى مصر من وجهة نظرك؟
- يحتاج إجراءات حكومية لتسهيل الصرف وليس توفير التمويل فلم يعد التمويل مشكلة حاليًا، بل تسويق المخرج البحثي.
■ ما المؤشرات والنتائج التى تعكس دور الصندوق والأثر فى المجتمع العلمى خلال العام الماضى؟
- تم تمويل 111 مشروع بناء قدرات، بإجمالى ميزانيات حوالى 440.59 مليون جنيه، موزعة على المعامل الموجودة فى 34 جهة بحثية فى مختلف أنحاء الجمهورية.
وقام الصندوق من خلال منح السفر بدعم أكثر من 315 باحثًا من خلال مختلف منح السفر المتاحة من خلال آليات الصندوق، بإجمالى ميزانيات حوالى 36.61 مليون جنيه، فضلًا عن أن نسبة 10% من ميزانيات كافة المشاريع البحثية الممولة من الصندوق تخصص لبند السفر، مع التأكيد على استفادة شباب الباحثين من دعم الصندوق لهذا البند.
ودعم الصندوق 47 ورشة عمل من خلال المنح الوطنية أو منح التعاون الدولي، بإجمالى ميزانيات حوالى 3.40 مليون جنيه.
■ ما أهم مخرجات الأبحاث العلمية الممولة من الصندوق؟
- 66 % من المشروعات المنتهية، أكدت تسجيل رسائل علمية فى إطار المشروع الممول وضمن مخرجاته، ومن خلال المشروع البحثى الواحد يتم تسجيل عدد 2 رسالة علمية، 82% من المشروعات المنتهية تستطيع أن تنتج نشرًا علميًا من مخرجات المشروع الممول، المشروع البحثى الواحد يتم إنتاج 3 ورقات بحثية منشورة 89% من المشاريع المنتهية، تقوم بعرض مخرجات المشروع الممول فى مؤتمرات، المشروع البحثى الواحد يتم عرض مخرجات المشروع فى 3 مؤتمرات.
■ وماذا عن براءات الاختراع المنبثقة عن المشروعات الممولة من الصندوق؟
- تقدمت STDF بطلب للحصول على 118 براءة اختراع، والتى تمثل مخرجات 75 مشروعًا يمولها الصندوق، تم منح 24 براءة اختراع لـ STDF، بالإضافة إلى مساهمة الصندوق فى مشروع دعم مركز النانوتكنولوجى بجامعة القاهرة (بالتعاون مع ومساهمة كل من وزارة الاتصالات وشركة IBM) نتج عنها تسجيل عدد 44 براءة اختراع.
■ ما أهم المشروعات الممولة من الصندوق ذات الأهمية والبعد القومى وتخدم استراتيجية الدولة 2030؟
- تطوير نموذج مصرى لنظام طاقة شمسية مركزة، لاستغلال الطاقة الشمسية حراريًا ويمثل توطين التكنولوجيا - ويتضمن نسبة مرتفعة من التصنيع المحلى وابتكارات مصرية خالصة وتم منح براءة الاختراع)، مشروع تغيير الجوانب السلوكية التى تؤدى إلى التهاب الكبد الوبائى سى، من خلال تطوير الأدوات التعليمية والوسائط المتعددة، وقد استخدمت ثلاثة من الأبحاث المنشورة عالميًا، والتى انبثقت من نتائج المشروع الممول كمرجع لمكون التواصل فى الخطة الاستراتيجية القومية المصرية للقضاء على الالتهاب الكبدى على مدى السنوات المقبلة، تكنولوجيا مصرية خالصة "غشاء التقطير لتحلية المياه"؛ حيث إنه ومن خلال هذا المشروع يمكن إنشاء وحدة كاملة لتحلية مياه البحر، بتكلفة حوالى 5.70 (خمسة جنيهات وسبعون قرشًا) للمتر المكعب الواحد، تقنية مستحدثة لتحلية مياه البحر باستخدام الأغشية النفاذة المحتوية على الأغشية السائلة ذات شعيرات مجوفة، وهى تكنولوجيا غير مسبوقة فى تحلية المياه بتقليل الطاقة والتكلفة المستخدمة، وبساطة التطبيق للحصول على مياه محلاة بدرجة عالية لا تحتاج لمعالجة، وتعد هذه التقنية الأرخص عالميًا فى تحلية المياه، مشروع "إضـاءة المنـاطق الحضرية الكثـيفـة بإعـادة توجـيه الضـوء باستخدام ألـواح مبتكرة"، تكنولوجيا لتدوير قش الأرز لإنتاج لب ورق ومركزات أعلاف وخلاصة طبيعية تعمل كمبيد ليرقات الناموس وأخرى تعمل كمبيد للقواقع؛ حيث تم إنتاجها عن طريق تنفيذ وحدة صناعية بطاقة تدوير 200 طن/شهر (يمكن تكرارها)، النظام المتكامل لمراقبة الصحة، نظام يستقبل الإشارات الحيوية من المريض ومعالجتها وعرضها وتخزينها من لحظة وجود المريض بالمنزل وحتى وصوله إلى المستشفى، ويمكن من خلاله معرفة حالة المريض عن بُعد، تم الترخيص بتطبيقه لشركة "Biobusiness"، تبنى تكنولوجيا اللحام الجديدة للتطبيقات الصناعية فى مصر؛ حيث تم تصميم وتصنيع أول ماكينة للحام بالاحتكاك التقليبى فى مصر فكرة مصرية، تصميم مصري، تصنيع مصري إنتاج جبن شيدر منخفض الدهن باستخدام البادئات المنتجة للسكريات العديدة والبادئات المساعدة، مشروع اختبار الامتصاص المناعي (الأليزا) لبعض سموم البكتيريا المنتشرة فى مصر ونتج عنه تكنولوجيا يمكنها الكشف السريع عن وجود أهم السموم البكتيريا، "استغلال الطفلات الطبيعية فى مصر بدل من حامض الكبريتيك فى تصنيع الاسترات" نجح المشروع فى التوصل إلى ثلاث طفلات طبيعية موجودة بكميات كبيرة (50 مليون طن) بالوادى الجديد، يمكن استخدمها بعد معالجتها بطريقة بسيطة لإنتاج الأسترات، مما يترتب عليه إمكانية تغير عملية الأسترة فى مصانع الحوامدية بشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية وإحلال الطفلات الطبيعية المصرية كعوامل حفازة، بدلا من استخدام حمض الكبريتيك المركز، الذى يؤدى إلى مشاكل بيئية وتآكل لمعدات المصنع، مشروع تطوير تكنولوجيا بناء جديدة منخفضة التكلفة صديقة للبيئة (تم عمل وحدة من خلال المشروع بجامعة القاهرة) المكتبة الرقمية بالاتفاق مع محافظة القاهرة، تم تنفيذ بعض المبانى بمنطقة الأسمرات باستخدام تكنولوجيا المشروع.
■ ما أهم ملامح خطة 2019/2020، التى تتم فى إطار تحول الصندوق لهيئة مستقلة وحجم الاستثمارت الموجهة لها؟
- خطة الهيئة فى 2019/2020، تستهدف تمويل مشروعات بقيمة 549 مليون جنيه، وترتكز على المشروعات الابتكارية، وتركز على المشروع وليس المبتكر، وسيتم خلال العام رفع عدد النداءات البحثية لتصل إلى 35 نداء، ونسعى للاستمرار فى نفس مستوى كفاءة الصرف الحالية 98% بعد التحول لهيئة مستقلة؛ حيث يبلغ نسبة الصرف على الجانب الإدارى والرواتب 2% فقط من ميزانية الصندوق السنوية.