بدأت وحدات من القوات المسلحة اللبنانية وعناصر جهاز قوى الأمن الداخلي، انتشارا واسعا في عدد من مناطق محافظة جبل لبنان، فيما دعا الرئيس اللبناني ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع للانعقاد غدا، وذلك على خلفية التوترات الشديدة والاشتباكات المسلحة التي وقعت اليوم، على خلفية زيارة أجراها وزير الخارجية اللبناني ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، إلى المحافظة.
وكان الوزير باسيل يقوم بجولة في مدينة (عالية) بمحافظة جبل لبنان، لافتتاح عدد من المراكز التابعة للتيار الوطني الحر، حينما قام عدد من سكان الجبل وأنصار الحزب التقدمي الاشتراكي، بإغلاق الطرق لمنع موكب باسيل من التجول في منطقة الجبل، اعتراضا على بعض مواقفه السياسية.
وقُتل عنصران أمنيان من المرافقين لوزير الدولة لشئون النازحين صالح الغريب، المحسوب على الحزب الديمقراطي اللبناني (حزب درزي) وهو أحد الحلفاء السياسيين لرئيس التيار الوطني الحر، أثناء توجهه للمشاركة في جولة الوزير باسيل بالجبل، وسط تبادل للاتهامات بالبدء في إطلاق النيران بين الغريب وقيادات الحزب التقدمي الاشتراكي.
وقطع مناصرو القيادي الدرزي وعضو مجلس النواب طلال أرسلان، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، عددا من الطرق في الاتجاهين بين العاصمة بيروت ومدينة خلدة بمحافظة جبل لبنان (معقل أرسلان) بالإطارات المشتعلة، احتجاجا على مقتل العنصرين الأمنيين المرافقين للوزير الغريب.
وتصاعد الدخان الأسود بكثافة في السماء على الطريق البحرية وكذلك الأوتوستراد المزدوج بين بيروت وجبل لبنان ومنطقة الجنوب جراء قطع الطرق من قبل المحتجين، على ما وقع من اشتباكات نارية اليوم، كما أطلق أشخاص ملثمون النيران بكثافة من الأسلحة النارية الآلية (رشاشات) في الهواء.
وحمّل وزير التربية والتعليم القيادي بالحزب التقدمي الاشتراكي أكرم شُهيب، وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، مسئولية سقوط قتلى وجرحى على هامش زيارته اليوم إلى منطقة الجبل، مشيرا إلى أن باسيل استخدم خطابا اتسم بـ "العنف السياسي واستفزاز مشاعر الناس" على نحو من شأنه إحداث فتنة في الجبل بين المسيحيين والدروز.
وأشار الوزير شُهيب إلى أن المرافقين الأمنيين للوزير الغريب، هم من بادروا بإطلاق النيران من أسلحتهم تجاه المواطنين وبطريقة عشوائية.
من جانبه، اعتبر وزير شئون النازحين صالح الغريب، أن ما شهده الجبل اليوم، كان كمينا مسلحا ومحاولة اغتيال صريحة، مشيرا إلى أن موكبه تعرض لإطلاق النيران بشكل مباشر.
ودعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن - في تصريح - كافة أبناء الطائفة الدرزية إلى التعقل وعدم السماح بحدوث الفتن والانقسامات التي من شأنها أن تذهب بلبنان "نحو المجهول".
من جانبه، أعلن الحزب التقدمي الاشتراكي، في بيان، أن المرافقين الأمنيين لموكب وزير شئون النازحين صالح الغريب، أقدموا على إطلاق النيران على المحتجين على زيارة رئيس التيار الوطني الحر إلى الجبل.
وذكر الحزب أنه لدى قيام بعض المحتجين بمحاولة فتح السير وإزالة العوائق من الطرقات، قام مرافقو الوزير الغريب بإطلاق النيران صوبهم بشكل عشوائي، مما أدى إلى إصابة أحد الأشخاص، على نحو دفع البعض ممن كان يحمل سلاحا بالرد تجاه مصادر النيران "دفاعا عن النفس" فسقط مرافقان للوزير الغريب.
واتهم الحزب – في بيانه – الوزير باسيل باستفزاز المواطنين و"نبش قبور حرب الجبل بين المسيحيين والدروز"، مؤكدا أن أهل الجبل كانوا يعبرون عن رفضهم لزيارة رئيس التيار الوطني الحر إلى منطقتهم بصورة سلمية.
من جهته، اتهم التيار الوطني الحر - في بيان - الحزب التقدمي الاشتراكي بتعمد قطع الطرقات وحرق الإطارات والقيام بأعمال أمنية وصفها بـ "المشبوهة" وإطلاق النيران على موكب وزير شئون النازحين صالح الغريب، على نحو أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
وأكد التيار حرصه على استكمال مسيرة مصالحة الجبل (مصالحة بين المسيحيين الموارنة والدروز عام 2001 أنهت الاقتتال بين الجانبين وحرب الجبل) والشراكة والمساواة بين المسلمين والمسيحيين.