الأرض عرض- والدم واحد/ فى الكنايس والمساجد/ وياقوة الرب اللى حارس- احرسيها وياقوة النَفَس اللى داخل بالحياة- دِبى فيها/ ويا قدرتك ياللى نزعت الرحمة من قلبك- وحطيت سم فيها/ الدم دم- الدم عار/ ومصر باقية- نور ونار/ نور (بكلمة الرب الإله)- نور حاميها/ نور (ببسم الله رحمن رحيم)- يسرى فيها/ جتت عيالنا منتورة فى كل اتجاه- والأمهات بتدق- على باب الإله/ بصراخ يشق الكون- ويتردد صداه/ ويا غول مهول- دم مينا دم أخويا/مربوط أدان الفجر- ويا هللويا/ وهينتصر دم- اللى راحو للحياة/ بكلمة الرب الإله- ودعا المساجد فى الصلاة/ الأرض عرض- والدم واحد/ فى الكنايس والمساجد.
كتبت هذه القصيدة عام 2013 ضمن مجموعة من القصائد التى عبرت عن الحال والأحوال التى تمر به بلادي، أذكر أننى كتبتها وقرأتها لجاراتى فى البناية التى أسكن فيها، والتى تضم كسائر بيوتنا وعائلاتنا ثلاثة أطياف رئيسة سياسية ودينية واضحة الانحياز فى ذلك الوقت هى الإخوان والسلفيين، إلى جانب الوطنيين الحقيقيين المنتمين لهذا الوطن بترابه وجيشه بفقرائه وأغنيائه بسمائه وشجره وبأحزانه التى كنا نظن وقتها أنها لن تنتهى، لأننا ما إن نلتقط أنفاسنا من تلقى العزاء فى دم طاهر حتى ينبجس دم آخر وتتجدد دمعات الأمهات فى الكنائس والمساجد، كنا نرددها كلما التقينا فى جلستنا لمتابعة الأحداث أمام الشاشة عند جارتى أم أيمن أو جارتنا صفاء أو حينما ألتقى زميلى الرائع أسعد شونة العاشق لمصر وآخرين فى عملى السابق بالمدرسة التى صار مديرًا لها الآن، حتى إنه طالبنى بكتابتها له مع باقى القصائد واحتفظ بها وقرأها لأولاده. أذكر أننى تركت الفصحى عامدة وانتقلت إلى العامية؛ لأننى شعرت أن كلمتى لا بد أن تصل إلى الناس وتتحدث لغة الشارع لغة العامة لغة المصريين من مختلف الأطياف والمستويات التعليمية؛ لأن الكلمة سلاح ونور وشهادة.
أذكر أن ابنى فى 30 يونيو كاد أن يقتل بيد الأطياف المعادية للجيش والوطن وهو عائد من المظاهرة راسما علم بلاده على وجهه، هذا العلم الذى استفز توحشهم فلم يتوانوا عن الجرى خلفه وهو الشاب الصغير وهم الرجال الكبار، الذين ربما أتوا من القرى، فقد كانوا يرتدون جلابيب بيضاء لا تنتمى لدلالة اللون بأى درجة. وأذكر أننا فى إحدى جلسات الجارات تهللنا وضحكنا كما لم نضحك من قبل ونحن نحكى عن موقعة ضرب رشا عزب لأحمد المغير المعروف إعلاميًا برجل خيرت الشاطر وأنها كتبت عبر حسابها بموقع «تويتر»: «المغير كَل قلمين وشلوتين.. تحية واجبة يا...» يوم الثلاثاء الموافق 11/6/2013 أثناء الاشتباكات التى اندلعت بين شباب التيارات الإسلامية ومعتصمى وزارة الثقافة، فى محاولة منهم لفض الاعتصام بالقوة. وهرب المغير بعد علقة ساخنة، حيث قامت مدرعة تابعة لوزارة الداخلية بنقله من أمام وزارة الثقافة واحتفلت مرفت موسى الناشطة السياسية فى اليوم التالى بارتداء كاب أحمد المغير الذى سقط منه أثناء ضربه والتقطت معه عدة صور، هى والكثيرون من المعتصمين أمام الوزارة بالاحتفال معها والتقاط الصور أيضا. أذكر كم بابا كانت تغلقه الجارات فى وجهنا وكأنهن يصفعننا! وكم شباكًا حينما كنا نجاهر بنشيدنا الساخر كلما نقصت أنابيب البوتاجاز ولجانا إلى الوساطات والسوق السوداء أو كلما انقطعت الكهرباء- النور قطع- الله يخرب بيتك يا...- أذكر انفعالات أمى فى المحادثات التليفونية حينما تسمع الطرف الآخر يتعاطف مع الإخوان وربما تخاصمهم. أذكر أبى وهو يحكى ذكرياته عن حادث المنشية واغتيال أحمد الخازندار، القاضى الذى كان ينظر فى قضية أدين فيها أعضاء فى تنظيم الإخوان وسجل اسمه فى تاريخ اغتيالاتهم. أذكر مشاجرة عنيفة بينى وبين واحدة من نسائهم هذا العام، وكيف انفجرت فيها كقنبلة حينما اتهمتنى بقلة الذوق وقلة التحضر، فسردت لها تاريخهم كله ونصحتها بقراءة سر المعبد للخرباوي، يبدو أنها كانت موكلة بى من قبلهم وأذكر كيف كانوا يروجون هم وغيرهم أن الجيش هو من يقتل جنوده فى تمثيلية كاذبة، ليخيفوا الشعب فيتمسك به وأن تفجيرات الشوارع هى صنيعة المخابرات. أذكر وأكتب فى هذه الذكرى؛ ليتذكر أبناؤنا كلما ساروا فى شوارعهم بسهولة وصنعوا الشاى بسهولة وشحنوا هواتفهم بسهولة وسافروا إلى كلياتهم ومصايفهم على الطرق السريعة بسهولة، اكتب لنتذكر جميعًا معركة البقاء والدماء الذكية والأرواح الطاهرة التى ما زالت تدافع عن حياتنا جميعًا فى معركتنا مع الإرهاب أكتب لتحيا الذكرى فى قلوبنا وفى قلوب أبنائنا. تخلد فى وجداننا وتتجدد فى كل عام لنبتهج جميعا ونحن نتذكر ونقول لبعضنا بفخار تحيا مصر.