منعتنى ظروفى العام الماضى من الذهاب للساحل الشمالى فى الإجازة الصيفية كالمعتاد، ومنذ أيام قليلة ذهبت إلى هناك، لأتفاجأ بحجم التطوير والإنجازات فى الطرق المؤدية إليه بشكل لم أكن أتخيله!! فشعرت وكأننى فى بلد آخر!! فقد تمت توسعة الطرق ورصفها بشكل رائع، إلى جانب بناء الكثير من الكبارى، والتى تختصر المسافات أو تؤدى لسهولة انتقال السيارات من طريق الذهاب للعودة والعكس، ليصبح الطريق الساحلى على غرار الطرق السريعة فى الدول المتقدمة.. ولكن رغم روعة التخطيط والتطوير لهذه الطرق، ما زال هناك مشكلة كبرى تتضح ليلا!!، وهى عدم وجود إنارة أو علامات إرشادية واضحة، وخاصة فى مطالع الكبارى وهبوطها، وهو ما يمكن أن يؤدى لحوادث بشعة، بسبب عدم وضوح الرؤية.. لذلك أتمنى أن يتم إنارة الطرق بشكل جيد، وليكن من خلال استخدام الطاقة الشمسية أسوة ببعض الطرق الأخرى، خاصة أن مصر غنية بشمسها التى يمكن استغلالها فى إنارة كل الطرق.. أما المشكلة الأخرى التى تتضح صباحا وليلا فى طريق الساحل، فهى المسافات الشاسعة بين الملفات، فلا تجد فتحات للانتقال للطريق العكسى إلا على مسافة عدة كيلومترات، وهو ما يعد إهدارا للوقود فى ظل الأزمة الاقتصادية التى نعيشها وارتفاع سعر الوقود.. بالإضافة لما يحدثه حرق الوقود من تلوث دون داع.. والمشكلة الأكبر أن تلك المسافات الشاسعة تدفع البعض لمحاولة اختصارها توفيرًا للوقت والوقود، فيقومون بالسير عكس الاتجاه، مما يؤدى لحوادث كبرى!! وحتى لو تم وضع كاميرات لمراقبة الطرق، وتمت مضاعفة غرامات المخالفات، فلن يمنع ذلك البعض من السير العكسى، لذلك نتمنى علاج هذا الأمر؛ حتى لا تفسد هذه الأشياء البسيطة الجهد البالغ والإنجاز الرائع، ونكون قد طبقنا المثل الشعبى: «يفسد الطبخة عشان شوية ملح»!!.. ولكن بالتأكيد ما رأيناه من تطوير فى الطرق وبناء الكبارى فى هذا الزمن القياسى، وكذلك تطوير الملاعب فى شهور قليلة، من أجل بطولة الأمم الأفريقية، لتصبح فى مستوى الملاعب الكبرى فى العالم، يجعلنا نتأكد أننا نستطيع تحقيق النهضة التى نتمناها فى وقت قياسى أيضًا، وأن ما نحتاجه هو أن نملك الإرادة الحقيقية التى تدفعنا للعمل دون كلل أو ملل؛ حتى نحقق ما نريد.. خاصة أن ما يحدث من تطوير وبناء فى مصر يتم رغم صعوبة الظروف، ورغم الانهيار التام الذى أصابنا بعد 2011.. فحين نتذكر ما عشناه خلال تلك السنوات، ويمر أمامنا شريط الذكريات المُرة التى بدأت منذ الساعات الأولى فى يناير 2011 بتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، ولم تمر إلا أيام قليلة حتى اندلعت نيران ثورات الضياع العربى، والتى قضت على بعض الدول العربية، ولم ينقذنا منها سوى ثورة 30 يونيو، التى نحتفل بذكراها الآن.. لذلك فما نراه من إنجازات يدعونا للفخر ببلدنا ورجالنا الأشداء، والقيادة التى لم تثنها الظروف الاقتصادية، أو التهديدات الأمنية، من المضى قدما فى البناء وتحسين الطرق والبنية التحتية وإقامة المشروعات العملاقة.. وقبل ذلك الفخر بشعبنا الطيب الصابر، الذى يتحمل موجات الغلاء الفاحش التى أصابتنا، بسبب انخفاض قيمة الجنية أمام العملات الأخرى، والذى بدأ يتعافى منها.. كذلك شروط صندوق النقد التى تضطر الدولة لتنفيذها، وما يترتب عليها من غلاء لأسعار الوقود وكل السلع والخدمات بعد ذلك.. ولكن بالتأكيد ما يخفف على المواطن المصرى ما يتحمله من ضغوط اقتصادية، هو ما يراه من إنجازات حقيقية يستفيد منها كل المواطنين على السواء.. فدائما كنا نتحدث عن الضرائب التى ندفعها أو تخصم من رواتبنا، ونستاء أننا لا نجد الصدى الذى نتمناه مقابل ذلك، ونقارن أنفسنا بالشعوب الأخرى، التى ربما تدفع أضعاف ما ندفع من ضرائب، ولكنهم يجدون ما يدفعونه فى الخدمات التى تقدمها الدولة لهم.. لذلك فما نراه من تحسن فى الطرق والكبارى والبنية التحتية، يجعلنا نطمئن ونتفاءل ونشعر بأننا نسير فى الاتجاه الصحيح.. وإذا كانت الدولة نجحت بجدارة فى المشروعات والطرق والكبارى، فمعركتها الحالية هى الأصعب، وهى إعادة بناء الإنسان وترميم الشروخ التى أصابت الشخصية المصرية، فدون ذلك لن نضمن المحافظة على ما بنيناه بجهد وصبر كل المصريين.. ولكن علينا أن نبذل نحن أيضا كل ما فى وسعنا من أجل النهوض بأبنائنا وتوعيتهم، ويؤدى كل منا دوره بأمانة، فهذه هى معركتنا الحقيقية التى تتطلب تكاتف الجهود، حتى نحقق التغيير ونفخر بالإنسان المصرى المعاصر كما كنا دوما نفخر بقدماء المصريين.
آراء حرة
مصر عادت شمسك الذهب
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق