الآن أصبح وضعنا السياسي جزءا مهما من المعادلة السياسية الدولة وأصبحنا المحور الأساسي والرئيسي في المنطقة لذلك علينا في المرحلة القادمة أن نعمل على توعية المصريين اقتصادياً وثقافياً وسياسياً بشكل علمي وبأسلوب بسيط، حتى يكون لدينا الاستعداد لمواكبة التقدم الذي تعيشه مصر.
لذلك سيكون حديثي اليوم مختلفا عن المقالات السابقة، فالحديث اليوم عن أساسيات الاقتصاد الدولي ولكي تعي هذا المصطلح عليك بفهم التجارة الدولية أو بمعنى آخر التبادل التجاري الدولي والذي له أربع صور أساسية هي حركة السلع وحركة الخدمات وحركة رؤوس الأموال وحركة العمالة.
حركة السلع والتي يقصد بها نقل السلعة سواء مادية أو العنينة (أجهزة كهربائية – خضراوات – معدات....) عبر الحدود السياسية (إما تنتقل من الخارج إلي داخل حدود الدولة وتسمي الواردات المنظورة Visible Imports أو المصطلح الدارج "إستيراد" - وإما انتقال السلع خارج حدود الدولة إلى دولة أخرى وتسمي الصادرات المنظورة Visible Exports أو "تصدير") لذلك وكما هو واضح أن من أهم صور التبادل التجاري الدولي (الإستيراد والتصدير)، وهناك صورة أخرى من صور التبادل التجاري الدولي وهي حركة الخدمات والتي يقصد بها الخدمات أو المنتجات التي لا يمكن رؤيتها والتي تؤدي إلي الغير مثل انتقال خبراء من دولة إلينا أو العكس، ومثل السياحة ونقل السائح سواء بخروج المواطن إلي دولة أخري مثل الحج والعمرة وغيرها من أشكال السفر أو أن يأتي السائح من دولة إلينا لكي نقدم له بعض الخدمات المتعددة الأنواع بأنواع السياحة المختلفة، أما ثالث صورة من صور التبادل التجاري الدولي هي حركة رؤوس الأموال وهي انتقال القوة الشرائيه أو الأموال من دولة (وهي الدولة المصدرة أو المانحة) إلي أخري (وهي الدول المتلقية أو المضيفة ) نفهم من ذلك أن حركة رؤوس الأموال هي الاستثمار من دولة إلي دولة وله شكلين من أشكال الاستثمار إما استثمار مباشر في مشروعات مقامة أو ستقام في دولة غير دولة رأس المال وإما استثمار غير مباشر وهو شراء الأوراق المالية "كالأسهم والسندات"، ونأتي إلى آخر صورة من صور التبادل التجاري الدولي وهي حركة العمالة والتي يقصد بها انتقال القوة البشرية والعمالة من دولة إلي دولة أخري بغرض العمل وعادة ما تنتقل العمالة من دولة إلى أخرى لثلاث أسباب إما الاستفادة من ارتفاع مستوى الأجور أو العيش في بلد أكثر تقدم وتحضر أو بسبب إرتباط نفسي وثقافي بالدولة الجاذبة للعمالة.
وبعد أن تحدثنا عن صور التبادل التجاري الدولي علينا معرفة كيف نشأت التجارة الدولية، ونبدأ بالعامل التاريخي وقد بدأت التجارة الدولية منذ الثورة الصناعية فقد اتجهت الدول الكبرى إلى شراء وانتقال المواد الخام من مستعمراتها بأرخص الأسعار إلى دولهم لكي تقوم بعملية التصنيع ثم إنتقال ما تم تصنيعه إلى مستعمرات تلك الدول وبيعها بأسعار مرتفعة بعد تحويل المادة الخام إلى سلعة، وبذلك كانت بداية التجارة الدولية في العالم بين مركز رأسمالي من الدول الرأسمالية الصناعية الكبري (مثل إنجلترا وفرنسا وألمانيا) والدول النامية الصغيرة التي تستورد السلع والخدمات وتصدر المواد الخام الزراعية أو التعدينية والبترولية ومن هنا أطلق المقولة الشهيرة أن الدول النامية هي "مزرعة العالم " والدول المتقدمة "ورشه العالم"، وبرغم انتهاء عصر الاستعمار العسكري إلا أنه لا يزال الوضع كما هو عليه بين الدول الكبرى والنامية لأن تلك الدول لازالت مستعمرة ولكن ليس استعمارا عسكريا بل استعمار اقتصادي يقوم بالسيطرة علي الدول النامية من خلال المعونات والقروض والشركات الدولة ذات العلامات التجارية الشهيرة وأيضًا السيطرة السياسية بافتعال الأزمات والفتن والضغط علي صانعي القرار.
ومصر الآن في طريقها لكي تصبح من الدول الكبرى والتخلص من الاستعمار الاقتصادي والسياسي.