• ونحن نقرأ القرآن الكريم لا بد أن ندرك تصنيف كل آية نقرأوها، وقد تفرد المفكر السورى الدكتور محمد شحرور بأول تصنيف وفهرسة لآيات الكتاب - راجع كتابه «الكتاب والقرآن».
• وعلينا وفقا لشحرور أن نسأل أنفسنا: هل الآية التى نقرأها هى من (الديني) فى كتاب الله أم من التاريخي؟!
• وهل هى من الآيات المحكمات التى تتضمن حكمًا معينًا، كالإقساط فى اليتامى أو كالوصيه أو الصيام أو الحج.. إلخ... أم هى من آيات تفصيل ذلك المحكم المعين؟!
• وهل هى من (الدين) من (الإسلام) الذى جاء لكل أهل الأرض، أم هى من الآيات الخاصة بالشريعة المحمدية حصرًا؟
• وهل هى من آيات وصف الكتاب التى تصف الكتاب، أم من آيات قصة النبى محمد وقومه؟
• وهل هى من آيات القرآن (القصص ونحوها)، التى جاءت لتصديق الرسالة وإثبات ألوهيتها، أم هى من ضمن آيات الرسالة (الشريعة)؟
• وهل هى من القرآن وقصصه، أم من الفرقان الذى يتكون من ثلاث آيات فقط فى المصحف ١٥٣/١٥٢/١٥١ الأنعام؟!
• وهل الآية من الآيات المحكمات (آيات وردت بها أحكام)، أم من المتشابهات (آيات القصص القرآني)؟!
• وهل هى من الكتاب، أم هى تبع الآيات التى وصفها الله بأنها أم الكتاب (الرسالة)؟
• وهل تذكر سيدنا محمد من مقام النبوة البشرى المحلى التاريخي، أم من مقام الرسول والرسالة العالمية الخاتمة؟!
• وهل تلك الآية التى نحن بصددها جاءت من اللوح المحفوظ الذى يحوى أسرار خلق الكون وخلق الإنسان، أم من الإمام المبين الذى يخزن فيه كل تصرفات البشر كالقصص النبوي؟
• وأخيرًا، هل الآية التى نقرأها من القرآن، أم هى من السبع المثانى، مثل قوله تعالى: «الم، المص، كهيعص، يس، طه، طسم، حم»؟ وهى سبع فواتح لسبع سور، سماها الكتاب (أحسن الحديث)، بينما سمى آيات القرآن (الحديث).
• فقد تكون الآية من الدين (الإسلام العام)، الذى جاء لكل أهل الأرض، مثل قوله تعالي: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الأنعام.
• وقد تكون الآية جاءت ضمن التاريخي؟! مثل قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ}(1) عبس، وقوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}(9) التكوير.
• وقد تكون الآية من الآيات المحكمات فى كتاب الله، تتحدث عن محكم كالصيام مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(183) البقرة.
• وقد تكون الآية ضمن تفصيل محكم وبيانه؟
• مثل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ}(١٨٥) البقرة.
• أم الآية التى نقرأوها هى من الآيات التى جاءت ضمن الرسالة المحمدية (الشريعة الخاصة بالرسول) والمؤمنين به فقط؟! مثل قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}(٣) المائدة.
• وهل هى من آيات وصف الكتاب التى تصف المصحف؟
• مثل قوله تعالى: {الر* كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(1، ٢) هود.
• ومثل قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(2) يوسف.
• أم هى من آيات قصة النبى وقومه التاريخية؟! مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}(59) الأحزاب.
• وهل هى من آيات القرآن (القصص النبوى وقصة خلق الإنسان والكون ونحوها)، التى جاءت لتصديق الرسالة المحمدية وإثبات ألوهيتها وأنها من المولى عز وجل.
{وما كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}(37) يونس.
مثل قوله تعالى من قصه قوم عاد، قال تعالى فى سورة هود على لسان قوم نبى الله هود {يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِى آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}(53).
• أم هى من ضمن آيات الرسالة (الشريعة) {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا}(22) النساء.
• وهل جاءت ضمن مقام النبوة البشرى أم ضمن نصاب الرسالة والرسول الإلهى المستمر؟
• أى جاءت بصيغة يا أيها النبي.. أم بصيغة (الرسول)، مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(56) النور.
• فغنى عن البيان مثلا أن كل الآيات التى جاءت من مقام النبوة وبدأت بـ(يا أيها النبي) هى من التاريخى فى كتاب الله.
• أما الآيات التى تذكر النبى كرسول؛ فقد جاءت من مقام الرسالة الإلهى الدينى مثل {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21) الأحزاب؛ حيث لم يقل الله عز وجل (وأطيعوا (النبي))، وهنا فهمنا أننا نطيع (الرسول) فى كل ما جاء له من مقام الرسالة.
• وهل الآية آية ظرفية، تتحدث عن ظرف معين محدد كحالة الحرب، أم هى مطلقة مثل قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}(4) النور.
• وهل الآية جاءت ضمن الآيات التى نزلت من اللوح المحفوظ، مثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}المؤمنون.
• وقال تعالى فى سورة البروج الآيات ٢٢/٢١: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}.
• أم هى من الآيات التى جاءت من الإمام المبين الذى يدون به كل ما قمنا به نحن البشر من تصرفات وأفعال، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِى الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ} (12) يس.