الخميس 03 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

أمل دنقل.. معاناة شاعر

أمل دنقل
أمل دنقل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان الشاعر الكبير أمل دنقل ثالث ثلاثة، هاجروا للقاهرة من قرية واحدة، يسيطر عليهم حلم واحد، وفور وصولهم فرض كل منهم نفسه على الساحة الإبداعية في حقل إبداعي مختلف، عبدالرحمن الأبنودي شاعرا للعامية، يحيى الطاهر عبدالله قاصا وناقدا، أمل دنقل شاعرا للفصحى.
ورث أمل دنقل عن والده موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي، وأيضًا كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي مما أثر كثيرًا في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى لهذا الأديب. 
فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة من عمره مما أثر عليه كثيرًا، وأكسبه مسحة من الحزن تجدها في كل أشعاره، على الرغم من أنه سمي "أمل" لأنه ولد بنفس السنة التي حصل فيها والده على إجازة العالمية فسماه "أمل" تيمنا بالنجاح الذي حققه. 
استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي، مخالفًا لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة. 
عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية، مما ساهم في تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر في عام 1967 وعبر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" ومجموعته "تعليق على ما حدث".
«لا تصالح على الدم.. حتى بدم!.. لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ.. أكلُّ الرؤوس سواء؟.. أقلب الغريب كقلب أخيك؟!.. أعيناه عينا أخيك؟!.. وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك.. بيدٍ سيفها أثْكَلك؟.. سيقولون: ها نحن أبناء عم.. قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك».. بهذه الكلمات الخالدة أطلق أمل دنقل صرخته التي تأبي أن تموت بموته، وهي قصيدة "لا تصالح"، عندما رأي بعينيه النصر وضياعه وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام.
عبر في هذه القصيدة عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، ونجد أيضًا تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحًا في مجموعته "العهد الآتي"، وكان موقفه من معاهدة السلام سببًا في اصطدامه مع نظام السادات، خاصة ان أشعاره كانت تقال في المظاهرات على ألسن الآلاف. 
أصيب أمل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته "أوراق الغرفة 8" وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب الأربع سنوات، وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته، وهناك أيضًا قصيدته "ضد من" التي تتناول هذا الجانب، وكان آخر قصيدة كتبها دنقل هي "الجنوبي".
ورحل أمل دنقل عن دنيانا في يوم السبت الموافق 21 مايو عام 1983م لتنتهي معاناته في دنيانا مع كل شيء.