تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لا أعرف تقريبا منذ متى بدأت أتهيب من الذهاب إلى الأطباء أو المستشفيات في مصر -حتى لو كان أمرا صغيرا لا يستدعي القلق- قد يكون ما حكته لي أمي مرة بأنني أصيبت بحمى خطيرة في سن الطفولة سببا، وقد جاءتني بسبب عدوى أصابتني حين ذهبت معها لزيارة إحدى صديقاتها المريضات بإحدى المستشفيات الحكومية ولم تكن تتوقع أبدا أن يحدث هذا من زيارة سريعة لتلك الصديقة فتضطر هي- فيما بعد- لأن ترافقني في مستشفى آخر لأيام طويلة حتى أشفى من الحمى.
أما مازلت أذكره-بشيء من الألم- وكنت لا أزال في سن المراهقة (في سن الخامسة عشرة) تقريبا، أنني لأول مرة عانيت من التهاب شديد في اللوزتين فذهبت إلى طبيبة في إحدى المستشفيات الخاصة الكبيرة،فما كان منها إلا أخبرتني –دون عمل فحوص كافية- بأنني أحتاج لجراحة استئصال للوزتين على نحو سريع ،وإلا ستحدث مضاعفات خطيرة. وصدقها أبي بحسن نية، معتقدا في كفاءة الطبيبة وهو ما ثبت عدم صحته بعد فترة وسبّب لي مشاكل كثيرة في مناعتي بعد إجراء هذه العملية، خاصة أن التمريض كان سيئا بالفعل، فلازلت أذكر أنه بسبب إهمال إحدى الممرضات التي أعطتني حقنة بطريقة خاطئة جعلتني أنزف كثيرا قبل الجراحة، وهو ما لم ينتبه له الأطباء الذين أجروا لي هذه العملية فظلت حالتي لفترة طويلة لا تتحسن بعد هذه العملية الصغيرة بسبب هذا الخطأ الكارثي . ولعلي لو استفاضت في سرد وقائع حدثت معي لفهم الكثير من أصدقائي سر عقدة الخوف من الذهاب الى الأطباء. لكن هناك واقعة ربما تكون استثنائية حدثت مؤخرا جعلتني أرى شعاعا من الأمل . فبعد عودتي من مشاركتي بمهرجان الأدب العالمي بالسويد في أبريل الماضي إلى مصر، فوجئت بأن أزمة صحية ألمت بأمي. واكتشفنا من خلال الفحوص الطبية وجود انسداد كبير بالشرايين في الأطراف السفلية، حتى إنها لم تعد قادرة على النوم أو الحركة من شدة الألم.
فنصحني العزيز الدكتور محمد أبو الغار الذي أعرفه من سنوات بعرضها على الدكتور حسين خيري - أستاذ الأوعية الدموية بالقصر العيني -وهو في الوقت نفسه نقيب الأطباء، فذهبت إليه بأمي وكلي قلق ، لكن ما رأيته جعلني أتفائل قليلا و أرى شيئا من النور في وسط العتمة التي نعيشها. تمثل هذا الأمل في شخص الدكتور حسين خيري الذي اهتم بحالة أمي وتابعها بنفسه،
و كنت قد علمتُ من العاملين بالمستشفى كيف أنه يمر كل صباح على المرضى بنفسه في قسم الأوعية الدموية، ويسأل عن كل حالة كل مريض على حدة المستشفى ، وأنه جند حياته لخدمة المرضى وإعطاء علمه لجيل جديد من تلامذته من الأطباء النابهين الذين تعلموا منه قيمة العمل والانضباط، فأجروا- بمهارة - جراحة لأمي أذكر منهم: فؤاد سعد الدين، أيمن السر، مصطفى عبد العزيز، أحمد حمدي. وهو ما جعلني أمتن لهم جميعا ولأطباء آخرين كانوا يراعون أمي فترة وجودها بالمستشفى.
• كاتبة المقال شاعرة وأديبة مصرية