الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عُطارد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الرواية المتميزة «عُطارد» للروائى محمد ربيع. تدور فكرتها حول تساؤل: ماذا يحدث لو تم احتلالنا عسكريا من جديد؟
فى أجواء سوداوية؛ يحكى ربيع عبر سيمفونيات موسيقية من السرد الرشيق عن أنه فى غضون عام ٢٠٢٣ تقريبا، تم كسر الجيش المصرى - لا قدر الله - بمعرفة جيش دولة اسمها «فرسان مالطا»، واحتلت البلاد، سرحّت ضباط الجيش، وألغت التجنيد الإجباري، وفككت القواعد العسكرية. قام المُحتل - باسم الديمقراطية أمام العالم - بتنصيب حكومة متواطئة معه، افتحت بيوت الدعارة، وتقنن بيع المخدرات، عربد جنود الاحتلال يهتكون الأعراض ويسلبون الأموال. 
أما «عطارد» ضابط بوليس مفصول، وطني، لم ينصاع للاحتلال، لتدور أحداث الرواية خلال مقاومة الضابط «عطارد» لقوات فرسان مالطا ومعاونيهم من العملاء. 
جاءت كل الآراء عن الرواية إنها: صادمة، كئيبة، تُبقى قارئها فى حالة مزاجية سيئة لفترة طويلة، وهذا صحيح. ولكن ذلك الانزعاج والتكدر، من وجهة نظر مُواطنى العصر الحالى فقط؛ عصر ما بعد جلاء الإنجليز عن مصر، واستنشاق عبق الاستقلال الوطني، واعتياد معانى حرمة الأرض تحت مظلة جيش قوى مخلص، وأُلفة الكرامة المصرية غير المحتلة وغير المستعبدة. فإذا طالعنا تاريخ مصر السابق على ١٩٥٢، على سبيل المثال؛ بقراءة كتاب مصر فى الحرب الأولى للدكتورة لطيفة محمد سالم، سنجد أن أوضاع السلطنة المصرية بعد فرض الحماية البريطانية على مصر، كانت أكثر مرارة وقسوة مما صورته الرواية - الكئيبة الصادمة السوداوية - بمراحل، وأن أحوال الناس وانهزامهم وانكسارهم بالشكل الذى جاء به ربيع، لا يقارن بما عاناه أجدادنا قبل مائة عام؛ كانوا شعب مدحور يحكمه - شكلا - سلطان رعديد، يفعل فيه المعتمد البريطانى ما يشاء أمام رعيته بلا حياء. كان جنود الاحتلال يفعلون ما شاء لهم فى الأراضى المصرية، ينتهكون حرمة المال والعرض بلا أى محاسبة. الرواية تمنحك خيالًا مُزعجًا، ولكن التاريخ الحقيقى يؤكد لك أن أيام الإنجليز المحتلين كانت أكثر فزعا وقتامة.